وتركزت جهود المسئولين فى تنشيط السوق على تحفيز ودعم مغريات العائد بطرح شركات قوية وغيرها من المحفّزات، دون الاهتمام بجانب المخاطرة الذى يكون دائماً على قائمة أولويات المستثمرين فى الاقتصادات النامية، لصعوبة تكوين مدخرات جديدة فى حال فقدان استثماراتهم فى ظل اقتصادات منهكة.
وأكد ممدوح أبوالعزم، رئيس مجلس إدارة صندوق حماية المستثمر، أن الصندوق لا يُغطى الخسائر التجارية وخسائر الاستثمار التى يتكبدها المستثمرون، موضحاً أن تلك النوعية من الحماية يجب أن توفرها مؤسسات مختلفة لكافة المتعاملين وبآليات متنوعة وفقاً لرغبات كل مستثمر.
وحول إمكانية إتاحة أدوات حماية أخرى، فقد أوضح أسامة جبر، المستشار التأمينى، مدير عام الإصدار بشركة رويال للتأمينات العامة والممتلكات، إن عمليات المضاربة بالبورصة لا تغطى سوى لشركات السمسرة فى الأوراق المالية وتكون مقصورة على تغطية مسئوليات الشركة عن خسائر العملاء والناتجة عن أخطاء اتخاذ قرارات البيع أو الشراء وتنفيذها نيابة عن العملاء.
وأضاف أن وثيقة مسئوليات المديرين التنفيذيين تعد أبرز الوثائق المتخصصة فى تغطية هذه النوعية من الأخطار والمعروفة باسم (D&O policies) والتى تعد من الوثائق غير ذائعة الصيت بالسوق.
وكشف «جبر» عن ضعف الطلب على تلك التغطيات بالسوق المصرى كغيرها من وثائق تأمين المسئوليات التى تتطلب مزيداً من الجهد من قبل شركات التأمين للتعريف بتغطياتها وتسويقها لدى العملاء، فى حين أن تلك الوثائق تلقى رواجاً فى السعودية مثلاً.
وأوضح «جبر»، أن قطاع التأمين لديه القدرة على التأمين ضد أخطاء المسئولين والمديرين، لحماية الرؤساء التنفيذيين أو المسئولين حال اتخذوا قرارات أدت إلى تكبد شركاتهم خسائر مالية، ما يكون له نتيجة إيجابية لحماية مساهمى وملاك هذه الشركات.
وأدى تزايد الدعاوى القضائية المرفوعة على المسئولين والمديرين التنفيذيين ببعض شركات تداول الأوراق المالية بالسعودية، إلى نشاط تلك النوعية من وثائق التأمين، والتى بادرت باستخدامها شركتا «ثمار» و«جازان» السعوديتان لتعويض عملائهما ضد أخطاء المنفّذين، بعد أن كادت تلك الشركات أن تتعرض للإفلاس؛ بسبب كثرة الدعاوى القضائية من قبل عملائها ضد منفّذى العمليات بسبب أخطاء غير مقصودة.
من ناحيته، عدد أحمد نجيب، العضو المنتدب بشركة بروميس لوساطة التأمين، رئيس الجمعية المصرية للوعى التأمينى مزايا تلك الوثيقة التى تتواجد فى السوق المحلى على نطاق ضيق جداً، حيث تتيح ضمان حماية سمعة المديرين المحترفين وأصولهم المالية الشخصية دون تحمّل أى تكلفة.
وبالنسبة للشركات، فإن تلك الوثائق تزيد من قدرتها على اجتذاب واستبقاء القادة التنفيذيين الموهوبين إليها لضمان حمايتهم من أخطاء استثمارية غير مقصودة، فضلاً عن توفير غطاء «تأمين المسئولية» لحماية الشركات المدرجة فى البورصة ضد مطالبات أصحاب المحافظ والمستثمرين وادعاءات انتهاك الشركات لقوانين الأوراق المالية ولوائحها.
ونفى على بشندى، رئيس لجنة الحوادث المتنوعة باتحاد شركات التأمين، أن تغطى هذه النوعية من الوثائق مخاطر المضاربة فى البورصة، مضيفاً: «من غير المعقول تحمّل شركات التأمين خسائر المضاربة فى البورصة بسبب تراجع القيمة السوقية للأسهم ولو بشكل نسبى».
وأضاف، أن تقييم مخاطر المضاربة فى الأسهم بالبورصة ليس من دور شركات التأمين ويتطلب تحديد السعر العادل للخطر محللين ماليين ومتخصصين فى البورصة، لتستطيع شركات التأمين رصد الخسائر المحتملة التى سيتم تأمين العميل منها، ولذلك فإن الأمر يتطلب دراسات متخصصة فى مجال الأوراق المالية من قبل المحللين بالتعاون مع بحوث شركات التأمين، لخلق منتجات تأمين جديدة تتناسب مع صناعة الأوراق المالية إذا أمكن.
من جانبه، كشف إيهاب رشاد، الرئيس التنفيذى لشركة «مباشر إنترناشيونال» لتداول الأوراق المالية، أن فكرة التأمين ضد مخاطر أخطاء منفذى العمليات فى البورصة المصرية غير موجودة فى السوق؛ لأن معظم التنفيذات تكون عبر التداول الإلكتروني، مع انخفاض معدلات الخطأ من قبل السماسرة، بينما فى حالة وقوع أى ضرر يلجأ العملاء إلى إدارة الشكاوى بالهيئة العامة للرقابة المالية، لتحديد التعويض الذى سيدفعه السمسار إذا ما وقع خطأ.
ويقتصر نشاط صندوق حماية المستثمر على تغطية المخاطر غير التجارية للمستثمرين، مثل إفلاس أو تعثر أعضاء الصندوق سواء سماسرة أو امناء حفظ أو إدارة محافظ، أو الخطأ والإهمال أو الغش والاحتيال من عضو الصندوق أو ممثليه أو القائم بالإدارة الفعلية لديه أو من أحد العاملين لدى العضو سواء بنفسه أو بالاشتراك مع الغير.
كما أن الصندوق يلتزم بتغطية الخسائر المالية الفعلية للعملاء المترتبة على مخالفات الشركات أعضاء الصندوق، حتى لو ترتب على هذه المخالفات خروج الشركة العضو من مجال عملها نتيجة تعثرها المالى أو الإفلاس أو سوء الإدارة.
وكشف رئيس صندوق حماية المستثمر، أنه وفقاً لتلك الاختصاصات قام الصندوق بتقديم تعويضات للمستثمرين بقيمة 20 مليون جنيه و173 ألف دولار للأسهم الدولارية خلال السنوات الماضية، منها تعويضات بقيمة 3.5 مليون جنيه وأخرى بقيمة 22 ألف دولار، صرفها الصندوق للمستثمرين خلال العام الماضى 2015.
وقال محمد دشناوى، المدير التنفيذى لشركة «الجذور» لتداول الأوراق المالية، إنه على المستثمر أن يتحمل نسبة المخاطرة فى مقابل سعيه لتحقيق أرباح أكبر، حيث كلما ارتفعت نسبة المخاطرة ارتفعت نسبة الربح، وتأمين المتعاملين من المخاطر سوف يضيف أعباءً قد تقلص من نسبة أرباحهم، وفقاً لمعادلة العائد والمخاطرة حيث كلما تحرك أحدهما تحرك الآخر فى نفس الاتجاه.
وأضاف أن المخاطر التى يغطيها صندوق حماية المستثمر ليست بالهينة وندرة حدوثها لايعنى عدم أهمية تغطيتها، حيث أن ذلك هو شأن التأمين من المخاطر المحتملة التى ليس بالضرورة وقوعها، بينما مخاطر السوق والتداولات التى تعرض المستثمر للربح والخسارة بشكل يومى لايمكن تغطيتها لأن وقوعها حتمى فى السوق بشكل عام حيث أنه يوجد رابحين وخاسرين باستمرار مع كل جلسة تداول.
ولفت إلى أن التأمين ضد مخاطر أخطاء عمليات التنفيذ واردة ولكن ندرة اللجوء إليها من قبل شركات السمسرة، بسبب ندرة وقوعها، حيث أن المستثمر فى التداول الإلكترونى يقوم بعملية التنفيذ بنفسه، ويتحرى السمسار الدقة عند قيامه بتنفيذ أمر البيع والشراء الذى يقرره المستثمر.
فيما أوضح محمد ماهر، الرئيس التنفيذى لشركة «برايم القابضة» للاستثمارات المالية، أن العميل المتضرر يلجأ للهيئة العامة للرقابة المالية بتقديم شكواه عن أخطاء منفذى العمليات التى تحدث غالباً بشكل غير مقصود، وعلى الهيئة اتخاذ القرار والتعويض المناسب وإلزام شركة السمسرة بتنفيذه، من خلال آلية تصويب أخطاء التنفيذ بالهيئة والبورصة.
وأشار إلى صعوبة استخدام وثائق التأمين على تعاملات المستثمرين فى البورصة، لافتاً إلى أن شركات السمسرة تستغل التأمين ضد أخطار السطو والسرقة والحريق وخيانة الأمانة.
من جانبه، قال شريف سامى، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إن التأمين لا يكون على الخطأ وإنما على تبعاته المالية فقط، من خلال الخطأ غير المقصود من منفذى العمليات بشركات السمسرة، والهيئة تعمل أولاً على إثبات الخطأ، وتحديد حجم الضرر، ومن ثم يتم إلزام شركة السمسرة بتعويض العميل فى حالة الضرر المالي.
وأكد «سامى»، أن الهيئة تتخذ كافة الإجراءات فى حالة الشكوى، عبر الفحص الجيد للطلب، وأحقية العميل فى شكواه، موضحاً أن معظم البلاغات التى تُقدم من العملاء ضد شركات السمسرة تتمثل فى ادعائهم، إما بتزوير الأوامر أو عدم علمهم بشراء منفذ العمليات، أو خطأ فى احتساب العمولة، أو أن العميل لم يصله الجواب الخاص بالشراء الهامشي، والبيع الجبرى لسداد المديونيات.
وأضاف «سامى»، أن مهمة شركات التأمين تكمن فى تعويض العميل على الضرر المالى فقط، أما الخطأ غير المقصود الذى لا يضر العميل فى استثماراته، فليس عليه تأمين، إنما تحتسب الهيئة فروقه وتُحملها على إدارة شركة السمسرة، لتصحيح الوضع.
وأشار رئيس الهيئة إلى أن تلك الوثائق التأمينية مفعلة بشكل محدود على بعض شركات السمسرة فى السوق المصري، فى حين أنها تلقى رواجاً واسعاً فى السعودية.
يذكر أن الهيئة العامة للرقابة المالية، تلقت خلال 2015 عدد 418 شكوى ضد الشركات العاملة فى مجال الأوراق المالية، انتهت من دراسة 333 شكوى، ليصل رصيد الشكاوى قيد الدراسة إلى 85 شكوى حتى نهاية العام الماضي.