كانت إيران تعمل تحت نوع من المقاطعة الدولية منذ ثورة 1979.
لكن مع تخفيف العقوبات الدولية العام الحالى، ارتفعت الآمال بزيادة الاستثمار الأجنبى المباشر.
وأظهرت البيانات من «إف دى آى ماركتس» وهى خدمة تقدمها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، وترصد الاستثمارات الجديدة عبر الحدود، تعافياً جارياً للاستثمارات المباشرة الداخلة لإيران من مستوياتها الضعيفة للغاية مؤخراً.
ومع ذلك، فإن معظم الاستثمارات المخطط لها فى قطاعات واسعة النطاق وكثيفة الاستهلاك للطاقة، ويبقى انتظار تنوع الاستثمارات فى القطاع المالى وغيره من القطاعات.
ورفعت الأمم المتحدة العقوبات المفروضة على إيران فى يناير، وأبقت الولايات المتحدة وأوروبا بعض العقوبات، وأعربت بعض البنوك العالمية عن قلقها من العقوبات التى ستواجهها إذا وسعت أعمالها فى إيران، مما قد يجعل من الصعب على المستثمرين جمع التمويل الذى يحتاجونه.
وطبقا لخدمة «إف دى آى ماركيتس»، وصلت رؤوس أموال إجمالى المشروعات التى تم الإعلان عنها منذ 2003، والبالغ عددها 147 مشروعاً جديداً، إلى أكثر قليلاً من 28 مليار دولار، معظمها كان فى القطاعات الصناعية الكثيفة مثل المعادن، والسيارات، والفحم، والبترول، والغاز، وجميعها شهد انخفاضاً حاداً فى الاستثمار الأجنبى.
وجذب قطاع السيارات مشروعاً واحداً فقط فى الفترة بين 2010 و2015، بعدما كان يجتذب مشروعين سنويا فى المتوسط، ولم تتعد المشروعات الأجنبية فى قطاع المعادن، مشروعين فقط فى الفترة نفسها، مقارنة بـ 18 مشروعاً ما بين 2003 و2009.
وفى قطاع الفحم والبترول والغاز الطبيعى، لم يتجاوز الإنفاق الرأسمالى من قبل الشركات الأجنبية 3.15 مليار دولار خلال 2010-2015، بعد 8.87 مليار دولار فى 2003 حتى 2009.
ووصلت المشروعات الأجنبية الجديدة لأدنى مستوى لها فى 2013، عندما لم تشهد الدولة سوى 3 مشرعات برأسمال 80 مليون دولار. وأدت الانتخابات الرئاسية فى ذلك العام إلى زيادة عدم اليقين بشأن برنامج إيران النووى.
لكن مع فوز الرئيس حسن روحانى، والتقدم نحو اتفاق يوليو النووى، وتطبيقه فى يناير الماضى، انتعشت الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمستويات أواخر عام 2000.
وأظهرت بيانات بشأن نوايا المستثمرين، جمعتها خدمة «إف دى آى ماركيتس»، أن الاستثمار سيواصل الانتعاش العام الحالى.
ومن يناير 2014، إلى فبراير 2016، رصدت الخدمة 16 إشارة استثمارية، مما يدل مبدئياً على أن الشركات ستسعى للتوسع فى الدولة خلال عام أو عامين.
وعالميا.. تتحول 16% فقط من هذه الإشارات إلى مشروعات حقيقية، ولكن هذا الرقم يشير إلى أن عدد الاستثمارات الأجنبية المباشرة الجديدة فى إيران سيتجاوز فى السنوات الأخيرة من حيث عدد المشروعات وحجم رأس المال الاستثمارى.
ورصدت «فاينانشيال تايمز» 8 مشروعات أجنبية مباشرة خلال 2015 برؤوس أموال لم تر منذ 2010، وستكون نتيجة الانتخابات البرلمانية الشهر الحالى حاسمة فى التأثير على المستثمرين المحتملين، ويستهدف روحانى جذب 50 مليار دولار استثمارات أجنبية خلال العام المقبل، وإذا ضمن أغلبية فى البرلمان ستزداد فرص نجاحه.
ويأتى ذلك فى الوقت الذى حذرت فيه بعض البنوك فى واشنطن، المقرضين فى أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، من أن حساباتهم الدولارية ستواجه رقابة وثيقة حال تعاملها مع إيران.
وقال أحد كبار المصرفيين فى دبى:«بالنسبة لموقف بنوك الولايات المتحدة، لم يتغير شىء، وهذا له عواقب وخيمة».
وفى ظل استمرار العديد من العقوبات الأمريكية المتعلقة بقضايا أخرى، مثل تسهيل الإرهاب، تشعر العديد من البنوك الدولية بالقلق من أنها قد تواجه عقوبات إذا تعاملت مع المؤسسات الإيرانية والأفراد.
وأفاد مصرفيون فى الولايات المتحدة، بأن اشتراطات الامتثال لا تزال فى مكانها، مما يدفع بنوك واشنطن للتحرك نحو إنهاء العلاقات مع العملاء الذين لديهم تعاملات مع دول مثل إيران، وسوريا، والسودان، وكوريا الشمالية.
وقال مصرفى إيرانى كبير: «البنوك التى نتواصل معها فى أوروبا، أو آسيا، أو حتى فى تركيا، وسلطنة عمان، والإمارات العربية المتحدة، أبلغتنا بأنها تلقت تحذيرات من البنوك الأمريكية الكبرى بغض النظر عن العملة التى تستخدمها لنقل المال الإيرانى».
وقال مسئولون غربيون، إن البنوك الفرنسية قد تكون حريصة على استكشاف فرص جديدة فى إيران، ولكن الخطر من العقوبات الأمريكية لا يزال قوياً، إذ تعرض بنك «بى.ان.بى باريبا» الفرنسى لغرامة بلغت قيمتها 9 مليارات دولار فى عام 2014 لإخفاء معاملات مع السودان، وكوبا، وإيران.
وأوضحت البنوك الإيرانية أنها لم تواجه أى مشكلة فى إعادة ربط نظام المدفوعات الدولى بعد رفع العقوبات، ولكنها لم تستفد من أى مزايا أخرى.
وقال مصرفى إيرانى: «من الواضح أن الأمر سيستغرق وقتاً أطول مما كنا نتوقع، حتى نكون قادرين على استخدام النظام المصرفى الدولى»، مضيفا أن الأمر سيتم حله فى نهاية المطاف.
وأعرب عن أسفه الشديد من أن البنوك الأوروبية واليابانية تحتاج إلى موافقة على القيام بأعمال تجارية مع إيران، من الولايات المتحدة.
ولا يزال سوق التأمين ينفر من الأعمال الإيرانية الجديدة، نظراً لأن تسهيل التجارة مع ايران، لا يزال غير قانونى للمواطنين والكيانات الأمريكية، وبالتالى يعيق عمليات التجارة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى أصبح فيه اقتصاد إيران، فى حاجة ماسة للتمويل الجديد بعد سنوات من العقوبات المفروضة عليه بسبب برنامجها النووى، إلى جانب السياسات الشعبوية للرئيس السابق محمود أحمدى نجاد، والذى سجّل النمو الاقتصادى فى معظم سنوات حكمه أداءً سلبياً.