تأسست مجموعة “لينوفو” فى البداية فى منزل كان مخصصًا للحراسة فى الحروب مكون من غرفتين وملىء بالغبار فى بكين، فى عام 1984، واليوم هى أكبر صانع للحواسب الشخصية فى العالم، وتتصدر قائمة “فورشن 500” للأجهزة الذكية المتصلة بالانترنت، ولديها موظفون فى 60 دولة، ومع ذلك، لا تزال روح ريادة الأعمال حاضرة فى ثقافة الشركة حتى يومنا هذا.
ويشعر إريك موك، السكرتير العالمى للشركة فى 2005، بهذه الروح بوضوح، وقبل توليه منصبه بأشهر قليلة، استحوذت “لينوفو” على قسم الحواسب الشخصية للعلامة التجارية الشهيرة “IBM” فى صفقة بلغت قيمتها 1.25 مليار دولار أمريكى.
وتعد هذه الصفقة هى شرارة بدء تحول الشركة الجذرى، والصعب فى بعض الأحيان، من شركة صينية محلية إلى مؤسسة عالمية بحق.
ويقول إريك موك، سكرتير ومساعد المستشار العام للشركة، فى مقابلة مع مجلة “فوربس”: “كانت الصفقة تحديا هائلا للشركة فى ذلك الوقت”.
وأضاف أنه فى وقت الاستحواذ على أعمال الحواسب الشخصية لـ”IBM” كانت “لينوفو” تاسع أكبر شركة فى العالم لإنتاج الحواسب الشخصية، وكانت فى الأساس شركة صينية بأعمال خارجية محدودة للغاية، ولكن بعد الاستحواذ، تضاعف عدد العاملين فجأة، وجاء آخرون من “IBM” فى الولايات المتحدة.
وقبل الصفقة، كان مديرو الشركة التنفيذيون السبعة صينيين، وكان الهيكل الإدارى بسيطا، ولكن بعدها انضم إليهم 5 مديرين أمريكيين، من بينهم مديرون من صناديق استثمار مباشر أمريكية استثمرت فى الشركة.
ويقول موك: “مع انضمام المديرين التنفيذيين الأمريكيين الجدد لنا، اصبح من الممتع رؤية كيف يلتقى الشرق بالغرب، وبالنسبة إلى كانت تجربة هامة ومليئة بالتحديات”.
وقال موك فى المقابلة إن اللغة كانت تحديا كبيرا، فى ظل عدم قدرة معظم المديرين الصينيين على تكلم الانجليزية بطلاقة، فى الوقت الذى اتخذت فيه الشركة قرارا باستخدام اللغة الانجليزية كوسيلة تواصل فى اجتماعات مجلس الإدارة.
وعند سؤاله عن سبب اتخاذ الشركة مثل هذا القرار، قال: “كان لدينا عزم قوى على أن نصبح شركة عالمية، وأن ننافس اللاعبين العالميين، وبجانب عزمنا على إجراء تغييرات فى شكل الاعمال والمؤسسة، احتاجت الشركة مواكبة افضل ممارسات حوكمة الشركات فى السوق العالمى، وبالتالى، كان استخدام اللغة الانجليزية كوسيلة التواصل لتساعد فى جذب ذوى المؤهلات القوية إلى مجلس الإدارة، وبالطبع تحسين مهارات التواصل مع العالم بشكل أفضل”.
وتقول مجلة فوربس إن المدير التنفيذى لشركة “لينوفو”، يانج يوان كينج، تم تصنيفه كواحد من أفضل المديرين التنفيذيين وفق شركة “بارونز”، كما اطلقت صحيفة “فاينانشال تايمز” على مؤسسها، ليو تشاونزى، فى 2005: “بطل التكنولوجيا فى الصين”.
ويقول موك عن العمل معهم: “كما يمكنك أن تتوقع، فهم يتوقعون منك أداء عاليا، وينبغى أن تمارس أعلى مستويات المهنية حتى تكسب ثقتهم فى عملك، ولا يجب أن تقول شيئا بدون قاعدة صلبة”.
وأضاف انه سعيد بالعمل مع مثل هذه القيادة الجيدة، وأيضا مع بقية المديرين فى مجلس الإدارة وفريق الإدارة العليا بأكمله.
وعند سؤاله عن كيفية الاحتفاظ بروح ريادة الأعمال، قال: “نحن لا نزال متعطشين للغاية، فى مجالى التكنولوجيا والأعمال، خاصة أن قطاع تكنولوجيا المعلومات يتحرك بسرعة كبيرة، ولذا ينبغى علينا البقاء متعطشين للتكنوجيا المبتكرة الجديدة، كما أننا حريصون على الدخول إلى أسواق جديدة”.
وأوضح ان الشركة لديها الآن موظفون فى أكثر من 60 دولة، وتسعى لتطوير أعمالها فى المزيد من الدول، خاصة الأسواق النامية، وقال إن الحفاظ على هذه الروح ذو أهمية كبيرة للشركة.
وقال موك إنهم فخورون بما أنجزوا خلال العقد الماضى بعد صفقة الاستحواذ، نظرا لنمو حصتهم من سوق الحواسب الشخصية من 2% إلى 21%، كما نمت أرباحهم من 3 مليارات دولار إلى 46 مليار دولار، كما ذهبوا إلى ابعد من الحواسب الشخصية، وأصبحوا ثالث أكبر بائع لأجهزة التابلت فى العالم، كما أصبحوا شركة عالمية تدخل فى تصنيفات “فورشن 500”.
وذكر موك انه خلال هذا العقد، شهدت الشركة تغيرات كبيرة، وقامت باستحواذات مهمة أخرى، ففى يناير 2014، اشترت صانع الهواتف المحمولة “موتورولا” من “جوجل”، كما استحوذت على خادم الأعمال “x86” من “IBM”.
وتقول فوربس إن “لينوفو” لديها مقرات رئيسية فى الولايات المتحدة، والصين، وهونج كونج، واليابان، وعند سؤال موك عن المنطق وراء عدم اتخاذ مقر واحد قال: “نحن نريد ان نكون شركة عالمية، وامتلاك مقر واحد قد يقيدنا، وبخلاف المقرات التى ذكرتموها، لدينا مراكز تشغيلية موزعة بشكل استراتيجى حول العالم لقيادة الأعمال المحلية والعالمية”.
وأوضح ان تفرق مقراتهم يجعلهم أقرب للعملاء، ويمكنهم من التفاعل سريعا مع متطلبات الأسواق المحلية.
وقال موك بشأن نهجهم تجاه استدامة الأعمال إن هذا النهج يعكس إرثهم الفريد فى امتلاكهم جذورا فى الشرق والغرب، مضيفا ان استدامة الاعمال تكون دائما فى اعلى أجندة مجلس الإدارة والمسئولية الاجتماعية للإدارة العليا، ولدى الشركة فريق يعمل فقط على أمور استدامة الأعمال.
وأضاف: “عندما نتحدث عن المسئولية الاجتماعية للشركة فى “لينوفو”، فنحن نتحدث اساسا بشأن التصنيع، ورفاهية الموظفين، وإعادة تدوير المكونات والمنتجات، ولهذا السبب، لدينا إدارة عليا تركز على المسئولية الاجتماعية، كما ننشر تقرير المسئولية الاجتماعية سنويا على موقعنا”.
ويؤمن موك بأن شركته تقوم بعمل جيد فى هذا المجال، وأوضح انهم حصلوا على عدة جوائز متعلقة بالمسئولية الاجتماعية للشركات، كما انهم من المساهمين فى تأسيس مؤشر “هانج سينج” لاستدامة الشركات منذ إنشائه فى 2010، كما تم اختيار “لينوفو” لعامين متتاليين (2015 -2016) ضمن مؤشر شركة “جلوبال نايتس” لأكثر 100 شركة مستدامة.
ورغم تحول لينوفو لشركة عالمية، هناك افتراض فى السوق أنها شركة خاضعة للحكومة الصينية، وهو افتراض نفاه مديرها التنفيذى بشدة، وعلق عليه موك قائلا: “هذا الافتراض ليس صحيحا بالمرة، ونحن لا نخضع لأى حكومة، وكما ترون، جميع أسهم لينوفو تتداول بحرية فى بورصة هونج كونج، ما يجعلنا منفتحين، وشفافين، وخاضعين للمساءلة أمام المساهمين محليا وعالميا”.
وأوضح ان اكبر مساهم فى “لينوفو” حاليا هى شركة “ليجيند هولدينجز”، وهى ايضا شركة مدرجة فى بورصة هونج كونج، وبالتالى أكد أن “لينوفو” شركة حديثة وعالمية بحق، تتمتع بجذور صينية وعالمية، توجد بها 7 جنسيات فى أكبر 12 منصبا إداريا تنفيذيا، ولديها فوق 60 ألف موظف فى 60 دولة، وعلاوة على ذلك، تتمتع الشركة بمجلس إدارة مستقل للغاية به 7 اعضاء، من أصل 11، مديرون مستقلون.