تكامل الأنشطة واقتناص حصص سوقية أكبر وتعزيز المنافس أبرز دوافع الشركات
وآخرون يسعون للبطولة المنفردة عبر تطوير أقسام البحوث وزيادة الفروع
«فاروس» و«سيجما كابيتال» و«ثمار» و«وديان» ترحب بفرص الاندماج لتعزيز التنافسية
اتسع نطاق عمليات الاستحواذات والاندماجات بين بنوك الاستثمار فى السوق المصرى خلال الفترة الاخيرة، بدءاً بقيام رجل الأعمال نجيب ساويرس بضخ نحو 1.5 مليار جنيه فى الاستحواذ على بنكى الاستثمار بلتون المالية القابضة، وسى آى كابيتال لدمجهما فى كيان كبير غير قابل للمنافسة على حد وصف الشركتين، تلتها صفقة اندماج شركة «ارقام كابيتال» و«أكنار بارتنرز» لتكملة الأنشطة فيما بينهما، وخلق كيان قابض جديد يعتزم التركيز على تقوية قطاع السمسرة وبنوك الاستثمار، وأخيراً سعى شركة »نعيم المالية القابضة« للاستحواذ على شركة »التوفيق«، كما كشفت شركات لـ »البورصة« عن سعيها خلال الفترة القادمة لتنفيذ عمليات استحواذات واندماجات.
وتٌعيد الاستحواذات الجديدة رسم خريطة المنافسة بين بنوك الاستثمار، لا سيما مع اتساع الفجوة فى الحصص السوقية بين قطبى قطاع السمسرة فى السوق المصري، وهما كيان »بلتون – سى اى كابيتال« و»المجموعة المالية هيرميس« والشركات الاخري، ما يُلزم الشركات بإعادة ترتيب أوراقها مرة اخرى بما يتناسب مع منافسة تلك الكيانات الجديدة.
ووفقاً للترتيب السنوى العام لشركات الوساطة عن العام 2015، يعمل فى السوق 141 شركة سمسرة، 30 شركة منها بحصص سوقية صفرية، و95 شركات تمتلك أقل من 0.5% من السوق منها 17 شركة لا تتجاوز حصتها 0.2%، و28 شركة بحصة 0.1%.
فيما تصل الحصة السوقية خلال 2015 لشركتى المجموعة المالية هيرميس الى 15.9%، و24.4% لتحالف سى اى كابيتال وبلتون ودايناميك، ومن بعيد يأتى التحالف المحتمل بين شركتى النعيم، والتوفيق بحصة سوقية 3.8%، وتأتى خلفهما شركة فاروس بـ3.6%، مع غياب الطبقة المتوسطة فى شركات السمسرة، ليبقى السوق بين شركات تتمتع بالإمكانيات القوية المالية والفنية، وأخرى تصارع من أجل البقاء.
وتقتنص الحصص السوقية الكبري، الشركات القابضة التى تضم كافة الأنشطة المالية من بنوك الاستثمار واستشارات مالية وسمسرة تشمل خدمات المتعاملين الأفراد والمؤسسات وأجانب وعرب، وتنفيذ الصفقات، وتعاملات التداول الإلكتروني، لذا تستحوذ شركتا »هيرميس القابضة« وشركة »سى اى كابيتال« على أكبر حصص سوقية حيث تمتازان بضم جميع تلك الأنشطة.
فيما تمتاز بنوك الاستثمار اخرى باقتناص حصص جيدة فى تعاملات المؤسسات والأجانب والعرب، مقابل افتقارها لتعاملات الأفراد والعكس، وهى الشركات التى تبحث حالياً عن فرص استحواذات مكملة لأنشطتها مثل »فاروس« و»HC« و»ثمار« و»سيجما«.
فعلى سبيل المثال تتميز »فاروس« بتعاملات المؤسسات والعرب والأجانب التى حلت فى المركزين الرابع والخامس، مقابل المركز رقم 43 لتعاملات التداول الإلكتروني، وتتميز »اتش سي« بتعاملات الأجانب حيث تحتل المرتبة 8، فيما تحتاج مزيداً من الدعم فى تعاملات الأفراد حيث تقبع فى المركز الـ55.
وفى هذا الإطار، قال محمد رضوان، نائب الرئيس التنفيذى لقطاع الوساطة ببنك الاستثمار فاروس القابضة، إن الاستحواذ أو الاندماج مع إحدى شركات السمسرة، مشروط بتحقيق قيمة مضافة لفاروس من خلال امتلاك الشركة محل الاستحواذ قاعدة كبيرة من العملاء الأفراد وسيولة لتمويل الشراء الهامشي، مشيراً إلى أنه فى حالة توافر تلك المقومات ستمضى شركته قدماً لبدء إجراءات الاندماج، للوصول إلى مستهدفات مشتركة فى أسرع وقت وبأعلى كفاءة ممكنة.
فيما تبحث الشركة المصرية العربية »ثمار« عن شريك تتوافر لديه قاعدة كبيرة من تعاملات المؤسسات والأجانب والعرب، فقال عادل عبدالفتاح رئيس مجلس إدارة الشركة، إن إدارة الشركة تبحث عن فرصة للاندماج مع كيانات لديها تعاملاتها جيدة مع المستثمرين العرب والأجانب والمؤسسات، موضحاً أن 99% من تعاملات الشركة لعملاء أفراد مصريين، مقابل تعاملات محدودة جداً للأجانب والعرب والمؤسسات.
وتختلف فكرة اندماجات شركات السمسرة عن الاستحواذات التى شهدها القطاع مؤخراً، فشراء الشركات يحتاج إلى توافر سيولة ضخمة، وهو الأمر الصعب نسبياً فى ظل أزمات القطاع غير المصرفى المتتالية واضمحلال مراكزه المالية خلال السنوات الأخيرة، لذا تأتى فكرة الاندماجات لترسم ملامح الاستفادة المثلى من مزايا الشركات.
ومن جانبه، أبدى محمد همام، العضو المنتدب لشركة سيجما كابيتال لتداول الأوراق المالية ترحيبه بفكرة اندماج شركته مع إحدى شركات السمسرة، لأنها لا تمثل عبئاً مالياً لتحمل مصروفات شراء شركة، مقابل تكاليف أقل نسبياً للاستحواذات، مؤكداً أن الاندماج يعد فرصة جيدة أمام الشركة للمنافسة بقوة فى ظل التغيرات الحالية التى يشهدها سوق السمسرة من عمليات اندماجات كبرى.
وتابع همام: لا شىء مطروحاً أمامنا حالياً بشأن صفقة اندماج، إلا أننا لا نمانع دراسة أى فرصة استثمارية حال توافرها.
واعتبر همام أن شركات الوساطة متوسطة الحجم أبرز المتضررين من الخريطة الجديدة لسوق السمسرة، إذ إن المؤسسات الصغيرة لا تتأذى بالقدر الواضح بسبب انخفاض مصروفاتها، كما أن الاندماجات الأخيرة تحل مشاكل الشركات ذات الحجم الكبيرة، وبذلك تبقى المؤسسات المتوسطة فى احتياج ملح للاندماجات لتعزيز قدرتها التنافسية.
وقال أحمد العروسى، نائب رئيس مجلس إدارة شركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية، إن »بايونيرز« انتهت مؤخراً من تعيين رئيس لقسم البحوث المالية، بيما يمثل إضافة قوية للهيكل الإدارى للشركة، وبما يتيح خدمات تنافسية لعملاء بايونيرز، موضحاً أن بايونيرز قامت أيضاً بالتوسع فى قطاع تعاملات المؤسسات وبالفعل قامت بضم عدد من كبار المؤسسات إلى عملائها مثل شركة كايروكابيتال، وبنك مصر وبرايم القابضة وغيرها من كبار المؤسسات، لذا تعتزم الشركة المنافسة مع الكيانات الجدية عبر توسعاتها الداخلية دون الاعتماد على شريك جديد.
والترتيب العام لشركات الوساطة عن تعاملات 2015، احتلت »بايونيرز« وصافة تعاملات الأفراد مقابل المراكز الـ15 و 13 و 18 لتعاملات المؤسسات والعرب والأجانب على التوالي، ما دفع الشركة لتدشين ديسك للمؤسسات.
كما أن الحصة السوقية لـ»بايونيرز« فى تعاملات الأفراد تواجه تحدياً واضحاً بعد اندماج سى أى كابيتال مع بلتون إذ إن الحصة السوقية لهما مجتمعتين تصل الى 5.05% مقابل الحصة الحالية لـ»بايونيرز« البالغة 4.6%، ومن ثم تسعى الشركة لإضافة الفروع الجديدة، للقضاء على تلك الفجوة خاصة أنها ليست كبيرة.
وكشف عن تمسك الشركة بالأداء الإيجابى الذى دفعها للحصول على المركز الثانى بين شركات السمسرة خلال تعاملات فبراير، حيث لم تكتف بذلك وتتجه إلى مزيد من الترويج للحصول على شريحة أكبر من المتعاملين فى البورصة المصرية.
وقال محمد عبيد العضو المنتدب فى قطاع الوساطة بالمجموعة المالية هيرميس، إن الشركة تراهن على تحسين مستوى خدماتها ومنتجاتها المقدمة لعملائها المتداولين فى البورصة، للحفاظ على صدارتها لقطاع السمسرة برغم الاندماجات الجديدة.
وذكر عبيد، أن هناك تحسينات مستمرة فى التقنيات التكنولوجية التى تستخدمها »هيرميس” من اجل الوصول الى مستوى متميز من الخدمة المقدمة، بالتوازى مع التطوير المستمر لقطاع البحوث فى الشركة.
وقال عونى عبدالعزيز رئيس شعبة الأوراق المالية بالاتحاد العام للغرف التجارية، إنه كان يجب على شركات السمسرة الصغيرة المبادرة بالبحث عن عمليات الاندماج مع شركات أخرى، لدعم النشاط ومواجهة المنافسة، بينما الواقع يكشف توجه الشركات الكبرى إلى المبادرة بتلك الاندماجات لثقتها القصوى فى جدواها فى تعزيز نشاط الشركة ومواجهة المنافسة وزيادة حصتها السوقية.
وأكد عبدالعزيز الذى يتولى أيضاً رئاسة شركة وديان للسمسرة، أن الشركة لا تمانع من الاندماج مع كيانات أخرى لدعم وتنمية النشاط، فى ظل احتدام التنافسية داخل السوق، وسعى الشركات نحو تعزيز حصصها السوقية والحصول على نسب أكبر من الزيادات التى طرأت مؤخراً على قيم التداولات اليومية للبورصة.