قانونيون: لا يوجد عوار دستورى فى عزل رئيس «المركزى للمحاسبات»
السناوى: الإعفاء كان متوقعاً وأخشى أن تكون يد الفساد غليظة وأيدى المطالبين بالحق مرتعشة
لم ينه قرار رئيس الجمهورية بعزل المستشار هشام جنينة من رئاسة الجهاز المركزى للمحاسبات، حالة الجدل حول حجم الفساد فى مصر، ودستورية القانون الذى استند إليه قرار الإقالة وأصدره الرئيس عبدالفتاح السيسى ويجيز له عزل رؤساء الأجهزة الرقابية.
ومساء أمس أصدر عبدالفتاح السيسى قراراً بإعفاء المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات من منصبه على خلفية تصريحات الأخير حول حجم الفساد فى مصر، والتى تبعها تشكيل لجنة لتقصى الحقائق فيما أورده جنينة من دقة البيانات والأرقام التى صرح بها.
وأعلن رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات فى ديسمبر الماضى، أن حجم الفساد داخل المؤسسات المصرية بلغ 600 مليار جنيه منذ عام 2012 حتى ديسمبر 2015.
وقالت نيابة أمن الدولة، فى بيان يوم الاثنين، إن تصريح المستشار هشام جنينة عن قيمة الفساد تضمن بيانات خاطئة ومخالفات سابقة ويتسم بعدم الدقة، والأرقام والبيانات التى قدمتها اللجنة المشكلة من الجهاز حول قيمة الفساد، غير منضبطة، وتتضمن وقائع سابقة على عام 2012 وتكراراً فى قيمة الضرر.
وكانت لجنة تقصى الحقائق، حول تصريحات جنينة عن وقائع الفساد، أكدت فى تقريرها، أن التصريحات خالية من المصداقية.
وأوضحت النيابة، أنها سوف تستدعى المستشار هشام جنينة للتحقيق معه فى وقائع جديدة كشفت عنها التحقيقات.
وقال الدكتور صلاح فوزى أستاذ القانون الدستورى وعضو لجنة الإصلاح التشريعى، إن قرار رئيس الجمهورية بإعفاء المستشار هشام جنينة يتوافق مع صحيح الدستور والقانون.
أضاف لـ«البورصة»: «المادة 216 من الدستور أحالت الأمر إلى القانون كى يحدد حالات إعفاء الأجهزة الرقابية، وجاء القانون رقم 89 لسنة 2015 موضحًا حالات الإعفاء وأدواته».
وتنص المادة 216 من الدستور على أن «يصدر بتشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابى قانون، يحدد اختصاصاتها، ونظام عملها، وضمانات استقلالها، والحماية اللازمة لأعضائها، وسائر أوضاعهم الوظيفية، بما يكفل لهم الحياد والاستقلال ويعين رئيس الجمهورية رؤساء تلك الهيئات والأجهزة بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ولا يُعفى أى منهم من منصبه إلا فى الحالات المحددة بالقانون، ويُحظر عليهم ما يُحظر على الوزراء».
أوضح فوزى، أن حالات الإعفاء المذكورة فى القانون رقم 89 لسنة 2015 هى إذا قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها، أو إذا فقد الثقة والاعتبار، أو إذا أخل بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، وإذا فقد أحد شروط الصلاحية للمنصب الذى يشغله لغير الأسباب الصحية.
وقال الدكتور شوقى السيد الفقيه الدستورى، إنه بعد صدور بيان الإعفاء تبين وجود دلائل على فقدان الثقة، وذلك على خلفية تشكيل لجنة للتحقيق فى دقة تصريحات جنينة حول الفساد فى مصر.
أضاف: «وجود لجنة بقرار رئاسى ثم تحقيقات النيابة، وصدور قرار بحظر النشر فى القضية كلها عوامل تؤدى إلى توافر مبدأ فقدان الثقة وهو أحد حالات الإعفاء التى حددها القانون».
وأكد السيد، أن قرار الإعفاء لا يوجد به أى عوار دستورى، ولا يخالف نص القانون الخاص، والقرار صحيح واحتكم لقواعد الدستور.
وتضمن التقرير الذى أعدته لجنة تقصى وقائع الفساد عبارات تتهم رئيس المركزى للمحاسبات بالتضليل وتضخيم حجم الفساد وعرض أرقام غير دقيقة وفقدان المصداقية وترتيب وتجميع الوقائع بصورة مفتعلة والإغفال المتعمد لبعض الملاحظات وإساءة توظيف الأرقام.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى قد أصدر قرار بقانون فى شهر يوليو الماضى يجيز له إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية وفقًا لعدة ضوابط منها إذا قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها وإذا فقد الثقة والاعتبار وإذا أخل بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة.
وقال الدكتور داوود الباز أستاذ القانون الدستورى بجامعة الأزهر، إن قرار الإعفاء قرار سياسى ويعالج الخلل الذى يراه رئيس الجمهورية بما يتوافق مع الصالح العام، ولكن كان يجب إعمال قواعد المشروعية التى تقتضى تعديل نصوص الدستور فى هذا الشأن.
أضاف أن القرار من الناحية الدستورية لا يشوبه أى عوار دستورى، وجاء بما يتوافق مع مراعاة مصالح الأمن القومى والصالح العام للدولة.
وقال على طه، محامى المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات السابق إن قرار رئيس الجمهورية بإعفاء «جنينة»، مخالف للقانون والدستور والمواثيق الدولية.
وقال طه فى تصريحات تليفزيونية، إن القانون الخاص بالجهاز المركزى للمحاسبات لا يسمح بعزل رئيس الجهاز، والقاعدة القانونية تقول إن القانون الخاص يقيد القانون العام، وهذا أمر لا جدال فيه.
وأوضح عبدالله السناوى الكاتب الصحفى، إن قرار الإعفاء كان متوقعاً، والقضية الحقيقة ليست فى إعفاء جنينة، وإنما فى حجم الفساد الذى لا يعرف أحد تقديراته بدقة.
أضاف: «الإتهام الموجه لهشام جنينة عدم الدقة فى البيانات والأرقام، وإن ثبت ذلك يعاقب عليه لا مانع فى ذلك، رغم كونه ليس إتهام جنائى، ولكن أين هى الأرقام الحقيقة لحجم الفساد فى مصر؟».
وطالب السناوى جميع الأجهزة الرقابية فى مصر بتقديم كل ملفات الفساد لديها، واتخاذ إجراءات حاسمة ورادعة لكل مشتبه فى قضية فساد تتعلق بإهدار المال العام وتبديد ثروات البلاد.
أشار إلى ضرورة ضرب أساس الفساد من الجذور، ووقف نزيف إهدار المال العام، وقال: «أخشى أن تكون أيدى الفساد غليظة، وأيدى المطالبين بالحق مرتعشة».
وقررت نيابة أمن الدولة العليا وضع اسم المستشار هشام جنينة على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول فى قضية تصريحاته بشأن تكلفة الفساد.