المدينة تعوم على مياه المزارع السمكية.. والمحافظة تتمسك بعدم النقل
مصنعو الأثاث: لا نعرف الهدف من تأسيسها.. والصيادون: تضر بالاستزراع السمكى
أثار قرار بدء تنفيذ مشروع مدينة الأثاث فى منطقة شطا، حالة من الجدل فى الشارع الدمياطى، مع استمرار رفض الصيادين لمكان المشروع المخصص للصيد والاستزراع السمكى، وشكوى أبناء صناعة الأثاث من تجاهل الحكومة مشاركتهم فى التخطيط للمشروع، وعدم إعلانها الهدف منه، وآليات طرح الوحدات الصناعية للمستثمرين.
ورصدت «البورصة» فى جولة ميدانية بمحافظة دمياط، حالة سخط ورفض واسعة من بعض الصيادين على إنشاء المدينة على أراضٍ مخصصة للصيد والاستزراع السمكى، رغم تعويض الحكومة لعدد كبير من الصيادين بأراضٍ بديلة لأراضيهم المسحوبة.
والتقت «البورصة» عدداً من صناع وتجار الأثاث، لبحث استعدادهم لنقل أعمالهم للمدينة، وخططهم الاستثمارية للتوسع، وتوقعاتهم لنهوض الصناعة بعد إنشاء المدينة.
وأشتكى عدد كبير من صناع الأثاث، من تجاهل الحكومة الإعلان عن الهدف من إنشاء المدينة، وخططها لطرح الوحدات الصناعية بها، والفئات الأولى بالحصول عليها، والضوابط الحاكمة للعمل بها.
وقال أشرف الطوطنجى، صاحب مصنعاً للأثاث: إن عدم إعلان المحافظة أو الحكومة عن الهدف من إنشاء المدينة جعل البعض يتجاهل الأمر برمته، لعدم معرفة مدى الاستفادة من إنشاء هذه المدينة.
وأضاف الطوطنجى: «هل من المعقول أن تعلن الحكومة عن مدينة تخص صناعة الأثاث، ولا يعرف أصحاب المهنة عنها شيئاً، بالتأكيد سينصرف الجميع عن الأمر»، وتساءل: «لماذا لم تأخذ الحكومة رأينا عند إنشاء هذه المدينة للتعرف على مطالبنا، وما تحتاجه الصناعة من تطوير، هل تعمل الحكومة بمفردها فى صناعة الأثاث؟».
وقال فتحى الشهابى، تاجر أثاث وصاحب معرض، إنه لا يعرف هل المدينة للصناعة فقط أم أن بها أماكن مخصصة للمعارض، ولا يعرف ما هى الإضافة التى ستدخلها المدينة على الصناعة لتطويرها وزيادة قدرتها التنافسية.
وطالب الشهابى الحكومة بمحاربة «مافيا» استيراد خامات الإنتاج من الخارج، وقال: إن بعض التجار المعروفين بالاسم يتحكموا فى أسعار الخامات، وزيادة أسعار منتجات الأثاث.
وأوضح أن ارتفاع سعر استيراد الخامات التى تستخدم فى الصناعة يتحمله المستهلك فى نهاية الأمر، وهو ما يدفعه للنفور من شراء المنتج الدمياطى والتوجه للصينى الأرخص سعرا رغم تدنى جودته.
وقال على السلوت، صاحب معرض موبليات «السلوت»: إنه لا يعرف ما إذا كانت المدينة ستنافس الصناع والتجار خارجها أم أن إنتاجها للتصدير فقط، وهل يتوافر بالمدينة مساحات لصغار الصناع والتجار أم لا؟
وطالب بضرورة الإعلان عن كل التفاصيل الخاصة بعملية طرح الوحدات، والغرض من إنشاء المدينة، والاستراتيجية المتبعة بداخلها، وماهية الضوابط المنظمة للعمل داخل حدودها حتى يعرف الجميع ما إذا كانت ستناسبه أم لا.
وعلى النقيض أعرب عمرو فوزى صاحب ورشة صغيرة، عن ثقته فى قرار إنشاء المدينة لأهميتها فى ضبط صناعة الأثاث فى دمياط، ورفع كفاءة المنتج المحلى والمصدر للسواق الخارجى.
وتفقدت «البورصة» فى جولتها الأرض المخصصة لإنشاء المدينة، المقامة على 331 فداناً والتى كانت مخصصة للصيد والاستزراع السمكى، وأظهرت الجولة أن الأرضى تتطلب الكثير من عمليات تجفيف المياه، والردم، للارتفاع لمستوى الطريق الخارجى، والمقدر بنحو 2.5 متراً، وهو ما يزيد من التكلفة الإجمالية لإنشاء المدينة.
ورصدت الجولة دعوات عديدة من بعض الصيادين والمواطنين بالمحافظة لنقل المدينة من منطقة شطا إلى مدينة دمياط الجديدة ـ لتجنب عمليات التجفيف والردم وزيادة التكلفة.
وقال مستثمرون فى مدينة دمياط الجديدة إن الموقع المقترح لنقل مدينة الأثاث للمدينة يعد إهداراً للموقع الساحلى المتميز الذى يصلح للاستثمار السياحى وليس الصناعى وهو ما يجعل مدينة الأثاث حائرة بين منطقة تمثل إهداراً للثروة السمكية وأخرى تهدر ثروة سياحية.
والتقت «البورصة» بعضاً من أصحاب الأراضى السابقين، وعدداً من الصيادين المتضررين من إنشاء المدينة فى المنطقة، وقال أحدهم: «الإنتاج منخفض أساساً، جايين يعملوا منطقة صناعية هنا كمان».
وقال فارس محمد رجب، عضو نقابة الصيادين بدمياط، إنه حصل على ارض بديلة من الدولة على الجانب الأخر من الطريق الإقليمي، مقابل مساحة الأرض: التى كان يملكها فى مدينة الأثاث على مساحة 7 أفدنة كمزرعة سمكية.
وأضاف أن إنشاء الدولة لمدينة صناعية للأثاث يضر بمصالح الصيادين فى ظل انخفاض إنتاج الأسماك الفترة الحالية إلى 20 طناً فى اليوم فقط مقابل 320 طناً عام 2008.
وقال أحد الصيادين فى منطقة شطا، إن الدولة لا تنظر إلى الصياد على أنه إنسان له الحق فى الحياة، ولم تكتفِ بعدم وجود تأمين صحى، أو معاش، أو تأمين على الحياة، فقررت إنشاء مدينة صناعية فى منطقة الصيد التى يعيش بسببها الآلاف.
وأكد أن إنشاء المدينة فى هذه المنطقة سيؤثر على إنتاج بحيرة المنزلة والمزارع المحيطة بها، فى حالة صرف مياه الصرف الصحى إلى هذه البحيرات ما يؤدى إلى تلوث المياه وقتل السمك.
وطالب بضروة نقل المدينة إلى أية منطقة أخرى خارج منطقة الصيد، التى تعد مصدر رزق لمئات الأسر فى المنطقة، مشيرا إلى أهمية الاهتمام الحكومى بالبحيرة وبالصياد البسيط، ومراعاة حقه فى الحياة.