مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى فى صندوق النقد الدولى:
المشكلات الأمنية وتحطم الطائرة وسوق الصرف ساهمت فى خفض توقعات النمو عن العام الماضى
مصر لم تطلب برنامجاً مالياً من صندوق النقد وتحرك “المركزى” يوفر مرونة لسوق الصرف
حصول مصر على تمويل من الصندوق سيكون محفزاً للحصول على تمويلات من مصادر أخرى
12 مليار دولار احتياجات مصر التمويلية سنوياً والمشروعات الكبرى قد تساعد فى تسريع النمو
الدول المستوردة للنفط عليها التعامل جدياً مع أسعار الصرف وتجرى إصلاحات هيكلية فى ظل هشاشة معدلات نمو اقتصاداتها
ما يحدث فى سوريا واليمن والعراق وليبيا ستستمر ظلاله على اقتصادات المنطقة لسنوات
واشنطن – مصطفى صقر
قال مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى فى صندوق النقد الدولى إن مصر تحقق مزيدا من الاستقرار والثقة فى اقتصادها، وبذلت جهودا كبيرة خلال عامى 2014/2015 من أجل خفض عجز ميزان المدفوعات، مرحبا فى الوقت نفسه بتحرك البنك المركزى نحو تسعير الجنيه وتوفير نوع من المرونة فى سعر الصرف.
وأضاف فى مقابلة مع جريدة “البورصة” أن توقعات النمو لمصر هذا العام تتراوح بين 3 و3.5% متراجعا من 4.2% العام الماضى، وهو الامر الذى يعود بالاساس لتراجع ايرادات السياحة بسبب المشكلات الامنية وتحطم الطائرة الروسية وأزمة نقص العملة الاجنبية التى أثرت على جزء كبير من الشركات.
وأوضح مسعود انه لا يمكن الحديث عن سعر عادل للدولار بقدر يجعل السوق اكثر مرونة للوصول للسعر الحقيقى للعملة بما يعكس قوة العرض والطلب.
أضاف أن المشروعات الكبرى فى مصر حاليا قد تساعد على تسريع النمو وخلق الوظائف.
وكشف مسعود عن أن مصر لم تتقدم بطلب رسمى للصندوق من أجل الحصول على قرض، والدعم الذى يقدم لمصر الآن هو فى جانب المساعدات الفنية، والتمويل القادم إلى مصر من دول الخليج ثبتت كفايته فى مساعدة مصر الفترة الماضية.
أشار مسعود إلى أن التحديات التى تواجه مصر تتمثل فى ارتفاع عجز الموازنة، بالاضافة الى توفير وتهيئة بيئة العمل من أجل الاستثمارات لكنه اكد فى الوقت نفسه ان البلاد تسير فى الطريق الصحيح.
وشدد مسعود على أن الإصلاحات الاقتصادية يجب أن تستمر أيا كان مصدر التمويل، ومصر تحتاج 12 مليار دولار سنويا الآن، داعيا لتهيئة بيئة العمل من أجل فتح فرص للاستثمار أمام القطاع الخاص فى ظل وجود صعوبات فى ايجاد فرص العمل بالقطاع الرسمى، على حد قوله.
وقال مسعود: “حصول مصر على تمويل من الصندوق سيكون محفزا للحصول على تمويلات من مصادر اخرى”.
وطالب مسعود مصر بضرورة توجيه الإنفاق العام للبنية التحتية لخلق فرص النمو وتوفير فرص العمل.
من ناحية اخرى، أعلن مسعود توصل الصندوق لاتفاق مع تونس يتضمن برنامج اقتراض على مدى 4 سنوات بمبلغ قيمته 2.8 مليار دولار، بعدما وصل البرنامج بين الصندوق وتونس إلى مستوى مناقشة مجلس الخبراء للصندوق.
وقال إن الدول المستوردة للنفط عليها التعامل جديا مع أسعار الصرف وعمل إصلاحات هيكلية بها.
وأرجع مسعود فى مؤتمر صحفى عقده بمقر الصندوق فى واشنطن خلال اجتماعات الربيع لهذا العام، أن التوقع بارتفاع معدلات النمو فى إيران إلى 4% هذا العام يعود لرفع العقوبات الاقتصادية عنها وارتفاع حجم انتاج النفط، ليصل الى 600 ألف برميل يوميا، معتبرا أن خروج إبران من العقوبات أمر جيد جدا.
واضاف أن معدلات انتاج النفط فى العراق تشهد زيادة هذا العام.
أما عن مجلس دول التعاون الخليجى، فأشار إلى أن توقعات النمو لها هذا العام ستنخفض إلى أقل من 2% بعدما كانت فى الماضى عند معدل 3.7%، نتيجة التقشف فى الإنفاق العام وتراجع أسعار النفط.
وأضاف مسعود أن صادرات النفط انخفضت 93 مليار دولار لمجموعة البلدن المصدرة للنفط، وهو أمر متوقع استمراره فى عام 2016 بل وزيادته، وهذا سيؤثر على ميزان المدفوعات والموازنة العامة. ورغم هذه التوقعات إلا أن أحمد أشار إلى أن معظم البلدان المصدرة للنفط مازال لديها احتياطات متراكمة والقدرة على الاقتراض ومن ثم القدرة على تصحيح أوضاعها.
أما عن الدول المستوردة للنفط، فأشار مسعود الى أن الصندوق رصد تعافيا فى مؤشرات النمو الاقتصادى، بعد سنوات من الجمود، إلا أنه وصفه بأنه تعافى هش وغير منتظم.
ولفت إلى أن توقعات معدل النمو لهذه الدول ارتفع من أقل من 3% عام 2011 إلى أقل من 4% فى العام الحالى وهى نفس النسب المتوقعة العام المقبل، مرجعا ذلك إلى انخفاض أسعار النفط.
وحول أسباب هشاشة هذا التعافى ذكر عدة أسباب أبرزها عدم الاستقرار الأمنى واستمرار النزاعات فى كثير من هذه البلدان، ترابط بعض هذه الدول مع دول مجلس التعاون الخليجى فى قطاعات النفط والسياحة وتحويلات المواطنين المقيمين بها، معطيا مثالا بكل من لبنان وباكستان فى تراجع تحويلات الخارج لهما.
وذكر أن هذه الدول ينبغى عليها أن تتشقف فى الموازنة العامة، وتضيف مرونة على اسعار الصرف، معتبرا أنها اجتازت فترة صعبة إلى الآن، داعيا إلى الشروع فى إصلاحات تعزز التنافسية والنمو الشامل وعمل بنية تحتية تقدم فرص عمل.
وحول مشكلة اللاجئين وتأثيرها على اقتصاد البلدان المستقبلة لهم، أكد مسعود أنه على المجتمع الدولى أن يتحمل التكلفة بتوفير مساعدات بشروط تستطيع هذه البلدان تحملها، ويكون ذلك عبر منح أو قروض تيسيرية.
واستبعد أحمد أن يستمر نموذج التمويل فى فلسطين بالشكل الحالى رغم العجز الكبير الذى يمر به الاقتصاد الفلسطينى وسلطة النقد الفلسطينية.
وقال احمد ان المخاطر الجيوسياسية فى المنطقة كان لها أثر على توقعات النمو ليس فقط فى المنطقة ولكن العالم ككل، كما أن هذه النزاعات قادت اقتصاد سوريا لنصف ما كانت عليه فى السابق، وفى اليمن تراجع الاقتصاد بمقدار الثلث عما كان عليه فى السابق لكن هذه الأرقام لا تعكس القصة الحقيقة والتى تتمثل فى الملايين من البشر الذين نزحوا من سوريا ومثلهم الذين تأثروا فى اليمن.
وأضاف أن الحروب ساهمت فى تدمير البنية الاساسية التى تم بناؤها على مدى عقود فى سوريا، وستحتاج عشرات المليارات من الدولارات والكثير من الوقت والطاقة لإعادة بنائها من جديد.
وقال إن ظلال ما يحدث فى سوريا واليمن والعراق وليبيا على اقتصادات المنطقة سيستمر لسنوات.