الدين الخارجى فى الحدود الآمنة ويمكن إدارته لكن الدين الداخلى مقلق
تحركات البنك المركزى الأخيرة لضبط سعر الصرف إيجابية
سد العجز يتطلب زيادة الصادرات والحد من الواردات وتحسين عائدات السياحة وقناة السويس
الإصلاحات التى تسعى الحكومة لتنفيذها خاصة تطبيق ضريبة القيمة المضافة تسير فى الاتجاه الصحيح
يجب على الحكومة عند تطبيق القيمة المضافة تحسين أجواء المنافسة فى قطاع السلع الاستهلاكية
مشروعات البنية التحتية يجب أن تتوافر لها مجموعة معايير أهمها العائد وقدرتها على خلق فرص للوظائف
عدم تحقيق مشروع توسعة قناة السويس عوائد إيجابية فى الأجل القصير يعود لظروف التجارة العالمية لكنه استثمار مفيد فى الأجل الطويل
رحب كريس جارفيس رئيس بعثة صندوق النقد الدولى إلى مصر ومستشار إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى فى الصندوق، بالتحركات الأخيرة للبنك المركزى لضبط سعر الصرف والتزام المحافظ الجديد طارق عامر باتباع سياسة أكثر مرونة من أجل تحقيق التوازن فى تدفق العملات الأجنبية.
وأشار جارفيس فى تصريحات للصحفيين المصريين المشاركين فى اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولى المنعقدة فى واشنطن إلى أن هناك خللاً فى العرض والطلب من العملة الأجنبية ولابد من مجموعة من السياسات والتدابير الاقتصادية يتم تنفيذها خلال وقت واحد لتحقيق التوازن فى العرض والطلب، مثل تخفيض عجز الموازنة بما يؤدى إلى تخفيف الطلب على العملات الأجنبية والخطوة التى اتخذها البنك المركزى برفع أسعار الفائدة والمتوقع أن ترفع الطلب على الجنيه وما ننصح به دائماً هو اللجوء لحزمة متكاملة من التدابير، من أجل العمل على سد الفجوة فى العملات الأجنبية.
وأضاف جارفيس أن سد الفجوة يتطلب زيادة الصادرات، والحد من الواردات، وتحسين عائدات السياحة وقناة السويس، وإقناع الحكومة للجميع أن السياسيات الاقتصادية التى تتبعها سليمة وتسير فى الاتجاه الصحيح، بما يؤدى إلى عودة الاستثمارات إلى مصر، وسيتحقق ذلك بتنفيذ الخطط الحكومية والوفاء بالوعود.
وأشاد بخطط الحكومة بشأن إصلاح الموازنة وخفض العجز وأن السياسات التى تم إعلانها وتقديمها إلى البرلمان من جانب الحكومة، اتسمت بالواقعية وطرح التحديات بصورة واضحة وهو ما يبعث على التفاؤل.
وأضاف «تم الاجتماع بين الصندوق والحكومة ممثلة فى البنك المركزى ووزارة المالية فى إطار تقديم المشورة والنصح ولدينا برنامج موسع لتقديم المعونة الفنية فيما يتعلق بالإصلاحات الضريبية يمكننا تقديمه للحكومة».
وأشار إلى أن الاصلاحات التى تسعى الحكومة إلى تنفيذها خاصة تطبيق ضريبة القيمة المضافة تسير فى الاتجاه الصحيح، لأن إيرادات الضرائب من الدخل لا تزيد على 13% وهى نسبة متدنية للغاية ولابد من زيادة عائدات الضرائب وهو ما حققته ضريبة القيمة المضافة فى بلدان عديدة بشكل كفء ومنصف وقلل من المخاوف التى ترتبط بتطبيق ضريبة القيمة المضافة وتأثيرها على الطبقات الأقل دخلاً فيما تسببه من ارتفاعات فى الأسعار، خاصة أن تفاصيل الضريبة تؤكد توجه الحكومة لإعفاء بنود مثل الطعام، وغيرها من السلع الضرورية، والتأثير الأكبر للضريبة ستتحمله الطبقات الأفضل حالاً.
وأوضح جارفيس أنه من الطبيعى عند تنفيذ الضريبة أن يصاحب ذلك حالة من القلق وهو ما حدث عند بداية تطبيقها فى بريطانيا عام 1975 حيث كانت هناك ذات الشكوك فى التأثير على الأسعار وهو ما يتطلب من الحكومة، تحسين أجواء المنافسة فى قطاع السلع الاستهلاكية من أجل تحسين النشاط التجارى بزيادة المنافسة وعدم الاحتكار.
وقال جارفيس «نتمنى استمرار الحكومة فى إصلاحات هيكلة دعم الوقود حيث يلتهم مع الأجور الجانب الأكبر من الميزانية، بما لا يترك للصحة والتعليم، إنفاقاً كافياً، على أن يرتبط ذلك بحماية للطبقات الأكثر فقراً، خاصة أن جانباً كبيراً من الدعم يذهب للطبقات الأعلى دخلاً وليس الفقيرة.
وأشار إلى أن الحكومة فى خطتها لإلغاء دعم الطاقة، تستثنى دعم أنابيب البوتاجاز التى يستعملها الطبقات الأقل دخلاً وهو ما يعد نموذجاً على تصميم السياسات الإصلاحية بما لا يضر بالفقراء.
وأشار إلى أن مشروعات البنية التحتية، لابد أن يتوافر لها مجموعة من المعايير، أهمها العائد، ومدى قدرتها على خلق فرص للوظائف وزيادة الازدهار فى المدى الطويل، ومشروع توسعة قناة السويس، يتماشى مع تلك المعايير، وأن عدم تحقيقه، عوائد إيجابية فى الأجل القصير يعود إلى ظروف التجارة العالمية ولكن الاستثمار مفيد فى الأجل الطويل، بزيادة قدرات مصر فى تصدير الخدمات، مؤكداً أن تنفيذ مشروع قناة السويس فى هذه المدة القصيرة يزيد من الشعور الوطنى بقدرة مصر على الالتزام بتنفيذ تعهداتها ومشروعاتها المستقبيلة.
أضاف: «لدى شعور جيد بشأن المشروع فى الأجل الطويل رغم أنه لم يقدم الفوائد المتوقعة بشكل سريع».
وأشار إلى أن العامين الماضيين، شهدا استعادة الاستقرار السياسى وهو ما يبعث على الثقة، وأن جانباً كبيراً من عدم اليقين لا يأتى من مشاكل مصر، بقدر ما يأتى من المشكلات العالمية، مثل الإرهاب الدولى الذى أضر بقطاع السياحة، بعد حادث الطائرة الروسية.
وحول قدرة الحكومة على تحقيق معدل النمو المستهدف فى ظل التباطؤ العالمى المتوقع، أشار جارفيس إلى أهمية تحقيق النمو فى الأجل الطويل، والقدرة على توفير فرص عمل، من خلال اصلاحات هيكيلة، وهذا ما تمت مناقشته مع الحكومة، وكيفية تحفيز المشروعات الصغيرة وتوفير التمويل اللازم لها، مشددا على أنه على القطاع المصرفى عدم تركيز الائتمان على فئة محددة من الشركات الكبيرة، مُرحبا بمبادرة البنك المركزى لإتاحة التمويل للمشروعات الصغيرة من أجل تحفيز النمو وخلق فرص عمل للرجال والنساء على السواء.
وحول ارتفاع مستويات الدين العام، أشار جارفيس إلى وجوب العمل على تخفيضه، لأن الدين الخارجى فى الحدود الآمنة ويمكن إدارته، بينما أبدى قلقه من ارتفاع مستوى الدين الداخلى، لأن مصر ليست الدولة الوحيدة التى تواجه مشكلة الديون، مؤكدا عدم تفضيله لوضع سقف للدين، كما هو متبع فى بعض الدول، وأن الحل هو اتباع سياسات واضحة لتخفيض العجز.
وأشار إلى أن الدين الخارجى تتراوح نسبته من 15 و20% من الناتج المحلى، فى مستوى يمكن إدارته والسيطرة عليه، وأن القلق الأكبر يتعلق بالدين الداخلى الذى يزيد على 90% من الناتج المحلى وهى نسبة مرتفعة بالنسبة لدولة فى وضع مصر مؤكداً أهيمة الخفض التدريجى لمستويات الدين الداخلى.
واشنطن- مصطفى صقر