فشلت الهجمات الإرهابية والحرب والمقاطعة من جانب الروس فى الحد من مستوى التجارة والاستهلاك والنمو
فى تركيا على الرغم من موجة الهجمات الانتحارية، والحرب السورية والاشتباكات الجارية المجاورة مع الانفصاليين الأكراد، ولا يزال الاقتصاد التركى واحدا من أسرع المناطق نموًا ضمن اقتصادات مجموعة العشرين، وفقًا لما ذكرته صحيفة «آيرش تايمز» الأيرلندية.
وتدهورت الأوضاع الأمنية فى تركيا بشكل كبير فى الأشهر الأخيرة فى ضوء التفجيرات المتعددة فى اسطنبول وقتل المئات من المدنيين، وفى يوم السبت الماضي، أصدرت السفارة الأمريكية فى أنقرة تنبيه لمواطنيها للابتعاد عن المناطق السياحية ومحطات العبارات فى اسطنبول وانطاليا، والتى تعد مركزا سياحيا رئيسيا على ساحل البحر المتوسط.
وعلاوة على ذلك، فإن التداعيات التى تلت اسقاط تركيا لطائرة روسية على الحدود السورية فى نوفمبر الماضى من الحظر المفروض من جانب موسكو على سفر الروس إلى أنقرة وتأثر المشروعات الإنشائية المشتركة سيكلف الاقتصاد التركى المليارات من الدولارات العام الجارى.
وقد توقفت روسيا أيضا عن شراء الفاكهة التركية والخضراوات والدواجن، وألغت خط أنابيب الغاز المقترح، والذى تبلغ قيمته 10 مليارات يورو، عبر البحر الأسود من روسيا فى ديسمبر الماضي.
ومع كل هذا، أشارت بيانات معهد الإحصاء التركى التى صدرت فى 31 مارس الماضى أن تركيا حلت فى المرتبة الثالثة بعد الصين والهند بنسبة نمو بلغت 4% وذلك ضمن اقتصادات مجموعة العشرين خلال العام الماضي، وعلى الرغم من عودة الحرب مع الانفصاليين الأكراد فى يوليو الماضى، ارتفع الاستهلاك لدى الأسر التركية 4.7% فيما يتعلق بتناول الطعام فى الخارج، وشراء الأجهزة المنزلية والمنازل التى دعمت الاقتصاد التركى.
وتعكس هذه الأرقام، حفاظ وكالة «موديز» على تصنيفها الائتمانى، الجمعة الماضى، لأنقرة عند الفئة «Baa3» وهو ما يظهر مدى «المرونة الاقتصادية والمقاييس المالية القوية لدى الاقتصاد التركى».
وعلى الرغم من الوضع الأمنى المثير للقلق، لا يزال السياح العرب يعتبرون تركيا كوجهة آمنة للاستثمارات العقارية من منطقة الشرق الأوسط، كما أن انهيار أسعار البترول يعنى أن تركيا، التى تعتمد كليًا تقريبًا على واردات الطاقة، ستوفر 30 مليار يورو عن العام الماضى، والتى كان يستخدم الكثير منها لتدفئة البلاد الشتاء الماضى.
وقال «تيم آش»، محلل الأسواق الناشئة فى بنك «نومورا هولدنجز»: «ساعدت مجموعة من العوامل الاقتصاد التركى على البقاء واقفا على قدميه على المدى المتوسط».
وأضاف قائلاً: «أعتقد أن ازدهار الاقتصاد التركى يتعلق بالعوامل السكانية المواتية، والبنوك القوية، والتمويلات المالية العامة الراسخة وثقافة تأييد قطاع الأعمال، كما ان تركيا أيضًا استفادت ربما من تدفقات المهاجرين».
وأردف قائلاً:” من المفترض أن يكون هناك ثلاثة ملايين لاجئ سورى فى تركيا- 500 ألف منهم يعيشون فى مخيمات، بينما بعيش البقية فى شقق يتم تأجيرها أو شرائها، والانخراط فى أعمال تتعلق بالتجارة والعمل، والاستهلاك، وهذا يعكس تسجيل بند السهو والخطا فى ميزان المدفوعات التركى صافى مقداره 10 مليارات دولار (8.7 مليار بورو) خلال العام الماضي.
ويقول مراقبون إنه على الرغم من قمع حرية التعبير من قبل الرئيس رجب طيب اردوغان، إلا أنه لا يزال يحظى بشعبية كبيرة لدى غالبية الأتراك، وتحديدا بسبب تحقيق حكومته نتائج اقتصادية جيدة، ففى السنوات الست الماضية وحدها ساعد حزب العدالة والتنمية الذى شارك أردوغان فى تأسيسه عام 2001 فى توفير حوالى ستة ملايين وظيفة، ما سمح لأعداد هائلة بسهولة الوصول إلى السلع الاستهلاكية والخدمات الإسكانية.