بيع أصول المملكة فى أمريكا يضر باقتصادها لارتباطه بالدولار ..و مشروع قانون بالكونجرس يصادر أموالها لصالح ضحايا 11/ 9
جدد التهديد السعودى ببيع أصول المملكة فى الولايات المتحدة حال صدور قانون يحمّلها مسئولية هجمات 11 سبتمبر التى تصل إلى 750 مليار دولار الحديث عن الدور السياسى التى تلعبه الأموال السيادية لدول الخليج للتأثير على قرارات الحكومات الغربية.
وبحسب دراسة أعدها الباحث الصينى شيو يى تشونج، العام الجارى، فإن الصناديق السيادية عند البعض تعد بمثابة حصان طروادة للتدخل فى صنع القرار فى الدول الكبرى عبر الدول غير الديمقراطية، رغم الدور الكبير الذى لعبته فى تخفيف حدة الأزمة المالية العالمية فى 2008، وإنقاذ عدد من المؤسسات الدولية الكبرى التى كانت على وشك الانهيار.
ويعد امتلاك الحكومات أموال الصناديق السيادية السبب الرئيسى فى قلق الغرب خصوصاً مع نقص الشفافية فى إدارة الأصول العامة فى البلدان المالكة لهذه الصناديق باستثناء النرويج.
وتعتبر الدول الغربية نموذج صناديق الثروة السيادية تهديداً لنمطها الاقتصادى والاجتماعى القائم على تحرير المعاملات من قبضة الدول وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص فى كافة المجالات، بينما يعد امتلاك الحكومات لأصول هذه الصناديق مقوضاً لمبدأ رفض مشاركة أجهزة الدول فى النشاط الاقتصادي.
وشعرت أوروبا والولايات المتحدة بالقلق إزاء الصناديق السيادية عندما بدأ يتحول إليها نظر المسئولين عن إدارته، فقد أظهرت الدراسات أنه فى عام 2001 كان %89 من استثماراتها موجهاً فى الاقتصادات الناشئة، ولكن بحلول عام 2006 انخفضت النسبة إلى %37.
وفى الربع الأول من عام 2008، صعدت النسبة إلى %94 من مجموع استثمارات صناديق الثروة السيادية فى بلدان منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.
ودخلت العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة فى حالة من التوتر أنهت عقوداً من العلاقات الثنائية الوثيقة؛ بسبب تحول الأخيرة نحو التقارب مع إيران العدو اللدود للنظام السعودى، فيما وصفه تقرير لمجلة ذى أتلانتيك بأنه تغيير فى المصالح الجيوستراتيجية لها.
وقالت إدوين ترومان، وهو بروفيسور فى معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إنه يعتقد أن السعوديين كانوا على الأرجح يوجهون «تهديد أجوف»، فبيع مئات المليارات من الدولارات من الأصول الأمريكية لن يكون فقط من الصعب من الناحية الفنية، ولكنه أيضاً من المرجح جداً أن يسبب اضطراباً فى السوق العالمي.
وعلاوة على ذلك، فإنه قد يزعزع استقرار الدولار الأمريكى فى أسواق العملة الدولية فى وقت يعد فيه هو العملة الرئيسية للاحتياطى النقدى السعودى نفسه، وبهذه الطريقة تكون الرياض على طريق معاقبة نفسها قبل واشنطن.
وترتبط عملات معظم دول مجلس التعاون الخليجى بالدولار الأمريكى لتجنب تقلبات سوق العملة والقضاء على الشكوك فى المعاملات الدولية باستثناء الكويت التى تربط عملتها (الدينار) بسلة من العملات يهيمن عليها الدولار الأمريكى ايضاً.
لكن هذا الارتباط الذى ضمن استقرار عائدات البترول جاء على حساب مرونة السياسة النقدية، فأى تذبذب فى سعر الصرف سيقلل بشكل كبير الإيرادات إذا كانت غير مرتبطة بالدولار.
وإذا قررت السعودية بيع أصولها الدولارية، فإنها ستلجأ إلى تغيير نمط ارتباط الريال بسعر صرف الدولار الذى دام لفترة طويلة، لكن فك الارتباط سيؤدى إلى خلق فجوة فى أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وساعتها ستضطر الرياض إلى شراء الريال السعودى من السوق المفتوحة من خلال بيع دولار من احتياطياتها لدعم عملتها المحلية، لكن هذ الأمر سيكون صعباً فى وقت زيادة العجز فى الموازنة جراء تراجع سعر البترول وهبوط الإيرادات.
ومما سبق فإن السعودية وباقى دول الخليج بما لديها من أصول فى صناديق الثروة السيادية كافية واحتياطيات كبيرة فى البنوك المركزية ستختار الحفاظ على ربط العملة.
وقد سيطرت على عناوين الصحف تهديدات السعوديين ببيع أصول تقدر بمئات المليارات من الدولارات إذا كان الكونجرس سيسمح بنشر وثائق تتعلق بأحداث 11/9 تُحمل النظام السعودى مسئولية الهجوم عن طريق الدعم الفكرى والمادى للجماعات المتشددة على حد زعمهم.
وتشير تقارير أوردتها وسائل إعلام أمريكية الى أن السعوديين لجأوا لهذا التهديد عقب تسريب معلومات تفيد بأن الكونجرس يدرس مشروع قانون للاستيلاء على الأصول السعودية فى الولايات المتحدة لسداد تعويضات أسر ضحايا أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001.
ويهدف مشروع القانون إلى رفع الحصانة الممنوحة لأصول الدول الأجنبية فى حالات الوقوع تحت طائلة المسئولية عن هجمات إرهابية بحسب قواعد الأمم المتحدة التى تؤدى إلى قتل أمريكيين على أرض الولايات المتحدة.
وهناك سابقة قانونية قديمة، فى عام 2012 أصدر الكونجرس قانوناً يسمح لضحايا هجمات إرهابية مرتبطة بإيران برفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الأمريكية. وبالفعل بدأ قضاة فى إصدار أحكام بتعويضات للضحايا، ما أدى للحجز على أصول مؤسسات خيرية إيرانية.