بعد هبوط المسافرين فى مطار «آدم عدى الدولى» فى مقديشو، يدخل القادمون محطة مبهرة تديرها شركة «الفافورى» التركية، ويخرجون إلى مدرج جديد صنعته، وكالة التنمية الدولية فى تركيا «تيكا».
ويتم جمع القمامة من قبل الشاحنات التى يقدمها الهلال الأحمر التركى، أكبر منظمة إنسانية فى أنقرة، وأيضاً تتم صناعة حجارة الرصف فى ساحة البناء التى بنتها بلدية اسطنبول.
وقالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن تركيا تعهدت على مدار السنوات الخمس الماضية بتقديم 400 مليون دولار من المساعدات إلى الصومال وفقاً للأرقام الحكومية.
ونقلت الصحيفة، أن هذا المبلغ يعكس مدى تحول أنقرة، من متلقى صافى للمساعدات الإنسانية، إلى واحدة من أكبر الدول المانحة فى العالم وهى نقطة تحول وصلت إليها تركيا عام 2013.
وتعد زيادة المساعدات الخارجية دليل على طموح أنقرة، لتعزيز نفوذها الدولى ويبعدها عن مرحلة صعبة على حد سواء من السياسة الداخلية والخارجية التركية.
وقال سفير تركيا فى الصومال أولجان بكار: «أجرينا تغييرات حقيقية فى مقديشو، فنحن نمحو لهم القمامة وننظف لهم الشوارع».
وأضاف: «أنقرة تبنى المستشفيات والمدارس، وفى هذه اللحظة هناك أكثر من 2000 طالب صومالى حصلوا على منح دراسية فى تركيا».
وقالت «فاينانشيال تايمز»: «لقد اهتمت تركيا بالصومال منذ أوائل التسعينيات وقاد الجنرال التركى شفيق بير، بعثة حفظ السلام للأمم المتحدة فى مقديشيو، فى الفترة من 1993 إلى 1994.
وفى عام 2011، زار رجب طيب أردوغان، والذى كان يشغل منصب رئيس وزراء تركيا فى هذا التوقيت، الصومال وأصبح أول زعيم غير أفريقى يزور البلاد بعد زيارة الرئيس جورج بوش الأب إليها عام 1992».
وأضافت أن الصومال عانت من الجفاف وعقود من الحرب الأهلية وكان ينظر إليها على أنها دولة فاشلة، ولذلك عندما تخلى أردوغان، عن الدروع الواقية للبدن، وأحضر زوجته معه إلى الصومال كانت الاستجابة من قبل الصوماليين حماسية، وسمى بعض الآباء والأمهات أولادهم باسم أردوغان.
وسعى أردوغان، بوضوح منذ توليه الرئاسة عام 2014 إلى توسيع دائرة نفوذ تركيا فى دول غرب أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى.
وأعلن المكتب الصحفى لأردوغان، أن الرئيس يخطط لزيارة أوغندا وكينيا الأسبوع المقبل، ويعطى مؤسس حزب العدالة والتنمية الصومال أهمية خاصة، ويفردهم بوصف «إخواننا وأخواتنا المسلمين».
وأوضح الباحث فى معهد التراث للدراسات الفكرية فى مقديشو «مهاد واسوج»، لـ«فاينانشيال تايمز»، أن المشاريع اللافتة للنظر مثل تجهيز 200 سرير لمستشفى رجب طيب أردوغان، والتى افتتحت فى يناير العام الماضى، كانت بمثابة انقلاب فى العلاقات العامة بالنسبة لتركيا.
وأضاف أن الصوماليين دائماً ما يشككون فى الوكالات والدول الغربية، ولكن تركيا فعلت شيئا مختلفاً، فقد بنى حزب العدالة والتنمية شعبيته فى الداخل عن طريق تحويل الاقتصاد التركى.
وأشار كبير الباحثين فى معهد أبحاث السلام فى أوسلو “بينار تانك”، إلى أن جاذبية فرص الأعمال التجارية الجديدة تعد دافعاً كبيراً لغزو أفريقيا.
وأضاف أن أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذين يؤيدون حزب العدالة والتنمية يشعرون باضطرابات الربيع العربى وأفريقيا تفتح لهم أسواق جديدة.
وتعد المبالغ المشاركة فى جهود التنمية التركية فى الصومال صغيرة، ولكنها متنامية، وكشفت وزارة تركيا للشئون الخارجية أن التجارة الثنائية زادت من 6 ملايين دولار فى عام 2010 إلى 72 مليون دولار العام الماضى.
وقالت الوزارة، إن هناك مزيداً من آفاق التعاون فى قطاع الزراعة الصومالية من خلال زراعة 8.9 مليون هكتار من الأراضى الصالحة للزراعة بالإضافة إلى الاستثمار فى قطاع الأسماك.
وأشارت الصحيفة، إلى أن تركيا ليست وحدها المهتمة بالصومال فقد وقّعت شركة نرويجية مؤخراً اتفاق مع الحكومة الصومالية لاستكشاف ساحل للبترول والغاز بعد الاكتشافات التى قامت بها فى كينيا وتنزانيا وموزامبيق، ولكن العلاقة التركية الصومالية قد تجلب المشاكل لكلا البلدين، فبالنسبة لتركيا الأمن هو مصدر القلق، وفى الصومال فإن البلاد ليست محصنة من الاضطرابات فى السياسة التركية.