مبادرة «صنع فى الصين 2025» تحول البلاد إلى مركز دولى للابتكار
قبل أسابيع قليلة كان تيم كوك، الرئيس التنفيذى لشركة «آبل» يبتسم لأنه استقل سيارة تعمل بواسطة شركة النقل الصينية «ديدى تشوانج»، المنافس الأكبر لشركة «أوبر» فى الصين، وتهيمن على السوق الصينى بشكل كبير.
وقال الاقتصادى آدم مينتر، فى مقال له على وكالة أنباء «بلومبرج»، إن «آبل» استثمرت مليار دولار فقط فى الشركة الصينية، ومما لا شك فيه أن كوك كان يشعر بالرضا، وربما كان ينتابه شعور آخر بالارتياح بعد حصوله على قطعة من «إنترنت المركبات» فى الصين قبل فوات الأوان.
وأشار «مينتر» إلى أن عبارة «إنترنت المركبات» قد تكون جديدة، ولكن الفكرة ليست كذلك، حيث تحلم شركات صناعة السيارات وشركات التكنولوجيا منذ فترة طويلة ببناء السيارات المتصلة بالإنترنت التى يمكن أن تعمل على ترفيه الركاب والتنسيق مع غيرها من المركبات للتنقل بأنفسهم وفى نهاية المطاف القيادة بشكل مستقل.
وأشار إلى أن المنصات مثل برنامج «كاربلاى» من شركة «آبل» و«آندرويد أوتو» لشركة «جوجل» بدأت تجعل هذا المفهوم حقيقة واقعة.
وتبدأ الصين إدخال هذه التكنولوجيا تدريجياً فى سوقها من خلال بيع 24.6 مليون سيارة العام الماضى، وهى القيمة الأكبر فى العالم.
ولأن نموذج مشترى السيارات الصينيين غالباً من الشباب ومتصلون بشكل دائم بالإنترنت فهذا أيضاً بمثابة حافز للابتكار.
وكشفت دراسة لشركة «ماكينزى» العام الماضى، أن 60% من مشترى السيارات الجديدة فى الصين يقومون بتبديل العلامات التجارية إذا كان ذلك يعنى تحسين الاتصال بالإنترنت.
ويعد ذلك فرصة كبيرة للشركات الصينية لتقوم باختطاف هذه التكنولوجيا، وأقنع «بايدو»، محرك البحث الصينى العملاق، مجموعة من شركات صناعة السيارات التى تمثل نحو ثلث المبيعات المحلية لاستخدام برنامج «كارلايف» و«كاربلاى» للنماذج المصنوعة للصين، ومن بينها شركات «هيونداى» و«بى إم دبليو» و«مرسيدس» و«فورد» و«أودي» و«فولكس فاجن».
وحتى فى حال عجز «بايدو» عن إقناع الشركات المصنعة الكبرى، فإن «آبل» و«جوجل» قد تصبحان فى موقف صعب، وذلك بسبب تعذر الوصول إلى خدمة «خرائط جوجل» المرشد الرئيسى للسيارات التى تعمل بنظام «أندرويد» فى كثير من المناطق فى الصين.
وأغلق المنظمون برنامج الكتب «آى بوكس» التابع لشركة «آبل» وبرنامج الأفلام «آى تيونز» فى أبريل الماضى.
وأطلقت الصين العام الماضى مبادرة «صنع فى الصين 2025» فى محاولة لتحويل البلاد إلى مركز للابتكار، وجاءت الفكرة لدعم الشركات المحلية العاملة على بعض التقنيات لتصبح الرائدة عالمياً.
ونقلت «بلومبرج» عن أحد الأشخاص، أن الشركات الصينية ينبغى أن تملك 80% من السوق المحلى لنماذج السيارات المرفهة بحلول عام 2030، و100% من سوق أنظمة الإرشاد عبر الأقمار الصناعية.
ومن أجل الوصول إلى ذلك ترغب الحكومة من الشركات أن تتعاون فى خلق نظام بيئى للسيارات المتصلة، وهو أقرب إلى نظام التشغيل مثل «الأندرويد».
وهذا قد يعنى اتحاد بعض المنافسين الشرسين للعمل معاً، مثلما حدث حينما اندمجت تطبيقات النقل لإنشاء شركة «ديدى تشوانج» العام الماضى أو ربما قد يعنى إنشاء أعمال جديدة بالكلية مثل المشروع المشترك لشركة «بايدو» مع شركة تأمين لإنشاء التأمين على السيارات على أساس الاستخدام.
ويكمن الخطر لشركات صناعة السيارات الأجنبية فى أن هذا النظام البيئى سوف يعمل على تجميد منتجاتها خارج الصين.
ويكمن الاحتمال الأكثر إثارة للقلق فى أنه مع توسع صناعة السيارات الصينية فى الخارج ولاسيما فى أفريقيا وجنوب شرق آسيا فالنظام البيئى سوف يلاحقها، وهذا من شأنه إعاقة المنافسين ليس فقط فى الصين، وإنما فى الأسواق الخارجية الأخرى.
ووجد صناع معدات السيارات فى الخارج مثل «بايونير» الطريق الخاص بهم للوصول إلى مركبات الإنترنت فى الصين.
واشترت «آبل» من خلال الاستحواذ على حصة فى «ديدي» لنفسها مقعداً على الطاولة عندما تبدأ الشركة فى اختيار منصات التكنولوجيا الخاصة بها.
ولكن ينبغى للشركات المرتبطة بالسيارات، أن تعترف بأن عمالقة الإنترنت فى الصين قد نجحوا لأن الحكومة قامت بحمايتهم من المنافسة.