انقطع الاتصال طويلا بين إفريقيا وإسرائيل، والآن يقوم رئيس الوزراء نتانياهو بجولة عبر دول إفريقية تتطلع إلى اقتناء آخر التقنيات الجديدة، فيما تسعى إسرائيل للحصول على دعم تلك الدول الإفريقية داخل الأمم المتحدة.
إذا باشر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو جولته الإفريقية التي تستمر 5 أيام في الـ 4 من يوليو/تموز، فإن ذلك له خلفية شخصية. ففي ليلة الـ 4 من يوليو/تموز 1976 قُتل شقيقه جونتان خلال عملية تحرير 77 من الرهائن الإسرائيليين بإنتبيه الأوغندية التي اختطف إليها إرهابيون فلسطينيون وألمان طائرة تابعة لشركة الطيران الفرنسية كانت في طريقها من تل أبيب إلى باريس. وتوفي إثرها أكثر من 33 شخصا. وأشرف شقيق نتانياهو كقائد في الجيش الإسرائيلي على عملية التحرير. ورغم ذلك فإن هذه الجولة لها دوافع سياسية واقتصادية. وكان نتانياهو قد صرح قبل أيام أمام نواب إسرائيليين وسفراء أفارقة “إسرائيل تعود إلى إفريقيا. وإفريقيا تعود إلى إسرائيل”. وتقوده هذه الجولة إلى أوغندا ورواندا وإثيوبيا وكينيا وإفريقيا الجنوبية.
إسرائيل تريد دعم الأفارقة في الأمم المتحدة
بالتزامه هذا يسعى رئيس الوزراء نتانياهو إلى إحياء تلك العلاقات التي كانت سائدة في الستينات عندما كانت تربط إسرائيل علاقات جيدة مع الدول الإفريقية التي نالت حينها استقلالها. وتغير ذلك في 1973 حين جمد عدد من الدول الإفريقية تحت ضغوط مصر علاقاته مع إسرائيل. ومنذ 1980 بدأت تلك العلاقات تنفرج، إلا أنه مرت إلى حد الآن أكثر من 20 سنة على آخر زيارة لرئيس وزراء إسرائيلي إلى القارة الإفريقية.
فاهتمام إسرائيل الجديد بإفريقيا له خلفية واضحة: فالبلاد تبحث عن حلفاء جدد. فدول أوروبية ذات وزن ثقيل مثل فرنسا تعارض بشكل متزايد الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة وسياستها الاستيطانية بالضفة الغربية. أوريي أوديد السفير الإسرائيلي السابق في أوغندا وكينيا يقول: “بما أن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي متوترة، فنحن نتطلع إلى مساعدة الأفارقة”. وأقامت إسرائيل علاقات دبلوماسية مع 40 من مجموع 45 دولة جنوب الصحراء الإفريقية. وأوضح أوديد: “في الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي توجد قرارات مناهضة لإسرائيل، وهذا ما تريد إسرائيل تغييره بمساعدة الأفارقة”.
هذا الأمل يدعمه رئيس الوزراء بقوة: فخلال زيارة وزير خارجية غانا في مارس/آذار الماضي قال نتانياهو إنه يتوقع الآن من الأفارقة “تغييرات إضافية في أسلوب التصويت داخل الأمم المتحدة على ضوء القرارات المناهضة لإسرائيل في اللجان الدولية”.
الأفارقة يريدون الحصول على تقنيات أمنية
يعقوب زين خبير الشؤون الإفريقية في منظمة جيمستاون الأمريكية قال في حديث مع DW: “إسرائيل لا يمكن لها تقديم الكثير سياسيا للدول الإفريقية مثلما هو عكس ذلك. إسرائيل يمكن أن تساعدها في مجالات الدفاع والتقنيات”. وهذا بالتحديد ما يحمله رئيس الوزراء نتانياهو في حقيبته: نحو 12 مليون يورو مساعدة إنمائية في مجالات الزراعة والصحة ـ وللتدريب في مجال الأمن الداخلي. فمنذ أن زاد تقدم جماعات إرهابية مثل بوكو حرام في غرب إفريقيا و”داعش” في الشمال بليبيا، فإن دولا مثل كينيا وإثيوبيا أصبحت تهتم كثيرا بالحصول على التقنية الإسرائيلية في مجالات الدفاع والأمن إضافة إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية. “بل حتى نيجيريا التي بها نسبة كبيرة من المسلمين السنة تطلب من إسرائيل المساعدة”، يقول السفير السابق أوديد. وهذا ينطبق أيضا على كينيا وإثيوبيا وأوغندا والكاميرون. “هي تطلب من إسرائيل المساعدة في مكافحة الإرهاب”. وتتطلع بلدان بها نواقص ديمقراطية مثل رواندا وإثيوبيا إلى الحصول على تقنيات التجسس لاستخدامها ضد معارضين.
تعامل إسرائيل المثير للجدل مع اللاجئين الأفارقة
ويبدو أن الدول الإفريقية عازمة على مساعدة إسرائيل في هذا الموضوع الداخلي الشائك: فطبقا لصحيفة فاينانشيل تايمز أعلنت دولتان إفريقيتان لم تتم تسميتهما استعدادهما لاستقبال 40.000 لاجئ إيريتري وسوداني موجودين في إسرائيل. فإسرائيل تواجه انتقادات دولية بسبب معاملتها للاجئين الأفارقة الذين تمكنوا في السابق من العبور عبر مصر، والآن هناك سياج حدودي يمنعهم من ذلك. ونسبة الاعتراف بحق اللجوء في إسرائيل تركن تحت 10 في المائة. ولا يحق للاجئين والمهاجرين العمل بصفة شرعية. وأحد مراكز اللاجئين يقع في صحراء النقب.
ويقول أوديد:”نحن لا نجبرهم على العودة إلى إريتريا، ولكنهم يشكلون عبئا على إسرائيل، ولدينا نحو 150.000 فلسطيني يعملون عندنا ـ لا نحتاج إلى يد عاملة من بلدان أخرى”.
يعقوب زين لا يعتقد أن تعامل إسرائيل المثير للجدل مع اللاجئين الأفارقة سيكون موضوع بحث خلال جولة نتانياهو الإفريقية.
ويقول نشطاء إسرائيليون في حقوق الإنسان، إن الدولتين المستعدتين لاستقبال لاجئين هما رواندا وأوغندا. ويُعتقد أن إسرائيل وعدتهما في المقابل بتقديم أسلحة ومشورة دفاعية.