قالت وكالة أنباء «بلومبرج»، إن الاضطرابات الاجتماعية والسياسية تحد من إنتاج الطاقة فى تونس، ما يضيف أعباء على الضغوط الاقتصادية الواقعة على تلك الدولة الضعيفة، التى كانت قصة النجاح الحقيقية الوحيدة من ثورات الربيع العربي.
وأظهرت البيانات الحكومية، أن فاتورة واردات الطاقة ارتفعت بنسبة 45% لتصل إلى 5.5 مليار دينار، أى ما يعادل 2.5 مليار دولار، منذ عام 2010. وانخفض إنتاج البترول المحلى بنحو الربع خلال الفترة ذاتها ليقف عند 63 ألف برميل يومياً العام الماضي، وذلك وفقاً لبيانات شركة «بى بي».
وتم حفر بئر واحدة فقط العام الحالي، بدلاً من 11 بئراً كان مخططاً لها، إذ تتخارج الشركات الدولية وسط الإضرابات والاحتجاجات.
وقال وزير الطاقة والتعدين مونجى مرزوق: «شهدت الاستكشافات والأبحاث والتطوير فى قطاع البترول والغاز انخفاضاً كبيراً فى السنوات الأخيرة. ويعود ذلك بشكل رئيسى إلى الاضطرابات الاجتماعية، وعدم الاستقرار السياسي. وتعد الاستثمارات رهينة لهذا الوضع، فى حين تلعب أسعار البترول العالمية دوراً فى هذا الأمر أيضاً».
وتجنبت تونس على نحو كبير العنف الذى اجتاح جارتها ليبيا منذ أن أطاح كلا البلدين بحاكميهما عام 2011.
وكان دستور تونس الجديد بمثابة نموذج للعالم العربي. كما أنها أجرت انتخابات ناجحة، وهو تحول توّج بجائزة نوبل.
ولكن 4 هجمات إرهابية دمرت قطاع السياحة فى البلاد. واستفحلت التوترات الاجتماعية وسط النشاط الاقتصادى الضعيف ومعدلات البطالة المرتفعة، ويجرى الساسة محادثات لتشكيل حكومة جديدة، وهى السابعة منذ الانتفاضة.
ويضاف انهيار قطاع الطاقة فى تونس إلى تلك المشكلات التى تواجهها البلاد، إذ بلغت قيمة العجز فى الطاقة نحو 1.2 مليون دينار خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، وهو ما يشكل نحو ربع إجمالى العجز التجاري.
وأصبح قطاع البترول والغاز الطبيعى فى تونس نقطة محورية للغضب بعد الانتفاضة، ولاسيما فى منطقة الجنوب الفقيرة وغير المتطورة، إذ توجد غالبية الحقول. ويطالب السكان المحليون بمزيد من الاستثمارات وفرص العمل. وواجهت شركة «بيتروفاك» ومقرها لندن، إضرابات واحتجاجات طوال العام فى حقل الغاز «شرقي».
وتوقفت أنشطة الشركة منذ أبريل، رافضة التعليق على هذه المسألة.
وأعلنت ثلاث شركات دولية تنفذ استكشافات فى تونس مؤخراً، خططاً للانسحاب وسط الاضطرابات هى شركة «بى إيه ريسورسيز» ومقرها السويد، وشركة «كووبر إنيرجى» الأسترالية، و«دوليكس إنيرجي» الكندية، وتعد الاستثمارات راكدة منذ الانتفاضة، مع 733 ألف دولار فقط من الإنفاق الصناعى العام الماضى مقابل 2.2 مليون دولار عام 2008، وذلك وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة الطاقة والتعدين.
وقال رضا بوزودهن، مدير عام وزارة الطاقة والتعدين، إنه يأمل فى بدء العمل فى 7 حقول على الأقل من الـ11 حقلاً التى تم استكشافها نهاية العام الحالي.
وقال «مرزوق»، إن إنتاج البلاد من الغاز الطبيعى يذهب مباشرة إلى السوق المحلى، ويغطى نحو 27% من الطلب ويتم استيراد الباقى من الجزائر.
ويسير استهلاك الطاقة فى الاتجاه المعاكس للإنتاج، إذ يرتفع بنحو 3% على الأقل سنوياً، وذلك وفقاً للبنك الدولي.
وقال كامل رقيق، محلل مستقل: «الموارد المالية التى تحصل عليها الدولة من إيرادات الغاز والبترول آخذة فى التراجع، ما يؤثر فى ميزانية الدولة ونوعية الحياة التى يعيشها المستهلك».