عندما تحدث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومدير عام وزارة خارجيته «دورى جولد» عن «التقاء المصالح» كانا يشيران إلى القواسم المشتركة من المصالح مع الدول الأفريقية التى تقف وراء تعاون لم يسبق له مثيل، ولكنه غير معلن بحسب صحيفة جيروزاليم بوست.
يمكن، حالياً، بحسب الصحيفة الإسرائيلية استخدام هذا المصطلح عند شرح لماذا بالضبط الآن، وبعد نحو 30 عاماً من جلوس إسحق شامير، آخر رئيس وزراء إسرائيلى يزور أفريقيا يقول نتنياهو، إن إسرائيل تعود إلى أفريقيا، وأفريقيا تعود إلى إسرائيل.
ومن المثير للاهتمام، أن زيارة «شامير» لمدة ستة ايام شملت 4 دول فى غرب أفريقيا هى توجو والكاميرون وليبيريا وساحل العاج، فى حين أن زيارة نتنياهو لمدة خمسة أيام ضمت أربعة بلدان فى الشرق، وهى أوغندا وكينيا ورواندا وإثيوبيا.
وتدور المصلحة المشتركة الرئيسية حول القضايا الأمنية، فثلاث من أربع دول وهى أوغندا وكينيا وإثيوبيا تواجه الإرهاب، وكذلك تشعر رواندا بالقلق إزاء تأثير اتساع رقعته، فهذه الدول تخشى أن ما حدث فى ليبيا ومالى وساحل العاج يمكن أن يحدث لها أيضاً.
ويعد القلق الامنى أهم سبب جعل دول أفريقيا مهتمة بإقامة علاقات أقوى مع إسرائيل، فالأمر لا يتعلق فقط بالحصول على المياه والطاقة والمعرفة والزراعة، ولكن هناك أيضاً الكثير جداً حول المعرفة والمساعدة الإسرائيلية فى كيفية مكافحة الإرهاب.
وتعتبر هذه البلدان وغيرها من البلدان فى دول أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى أكثر قلقاً فيما يتعلق بمسائل الأمن القومى، مقارنة بما كانت عليه قبل نحو 20 عاماً، حيث يرون دولة الاحتلال الإسرائيلى مصدراً لقدر كبير من الخبرة والتكنولوجيا فى هذا المجال.
ومن بين أهم أسباب هذا القلق هو تفكك ليبيا، والتأثيرات السلبية التى اندلعت فى أعقاب ذلك على جيرانها خصوصاً مالى وتشاد.
وكان لتفكك ليبيا تأثير آخر، أيضاً، هو إزالة أكبر عامل داخل أفريقيا كان يعمل ضد تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وكان الديكتاتور الليبى السابق معمر القذافى الذى ضغط لسحب صفة مراقب التى حصلت عليها إسرائيل من الاتحاد الأفريقى، حيث حمَّلها مسئولية جميع العلل التى تعانى منها القارة. وكان «القذافى» من الذين ناضلوا بنشاط للحفاظ على عدم الترحيب بإسرائيل فى قلب أفريقيا، لكن سقوطه كان له تأثير على رغبة عدد من البلدان فى تعزيز علاقاتها.
وكانت جنوب أفريقيا، أيضاً، عائقاً أمام التغلغل الإسرائيلى فى القارة، وبالفعل كانت عاملاً أساسياً فى السنوات الأخيرة؛ لمنع ترقية إسرائيل فى الاتحاد الأفريقي، وهى الترقية التى أثارها نتنياهو فى لقاءاته. وهناك العديد من الأسباب لعداء جنوب أفريقيا، بما فى ذلك العلاقات بين إسرائيل ونظام الفصل العنصري، والعلاقات وثيقة بين حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ولكن، وفقاً لمسئولين دبلوماسيين، فإنه على عكس القذافى لا تقوم جنوب أفريقيا بتحريض دول مثل رواندا وإثيوبيا وكينيا ضد إسرائيل.
وهناك مصلحة أخرى مشتركة، وهى الحد من توغل إيران وحزب الله على أرض الواقع فى القارة السمراء حيث تنشط فى شرق أفريقيا حرصاً منها على التواجد بقوة على منفذ على البحر الأحمر، بينما يتركز نشاط حزب الله فى الغرب، وهو ما يتطلب وجود إسرائيلى رفيع المستوى يمكن أن يكون بمثابة ثقل موازٍ.
ويعد التعاون الأمنى الوثيق بين إسرائيل والأردن ومصر أيضاً شيئاً معروفاً فى أفريقيا بموجب اتفاقات السلام، وكذلك علاقات إسرائيل السرية مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربى يعزز هذا التوازن أمام توغل إيران.
وخلال زيارة «شامير» لغرب أفريقيا فى عام 1987 نقلت صحيفة نيويورك تايمز من مقال افتتاحى فى صحيفة نيجيريا تريبيون، أنه يمكن لبلادها القيام بأعمال تجارية مع إسرائيل، والحفاظ على أصدقائها العرب، مشيرة إلى أن مصر تفعل ذلك بالضبط، وأشارت الصحيفة النيجيرية إلى أنه لا ينبغى النظر إلى أصدقائنا العرب على أنهم يمكنهم أن يحددوا لنا من هم الأعداء بالنسبة لنا.