الصراع على المياه فى أفريقيا ودوافعه يمثل وقوداً لصراعات بين العديد من البلدان، وهو ما اعتبره تقرير لمجلة ميدل إيست مونيتور وجهاً آخر للصراع بين إسرائيل وإيران.
ولفتت المجلة النظر فى هذا الصدد إلى أن الصراع بين قوى خارجية يعكس ضعف الدول الأفريقية الواقعة على ساحل البحر الأحمر، وعدم قدرتها على اقتراح أى نوع من حل لهذه المشكلة.
إذا كان هناك اعتقاد بأن البترول تحول إلى سلعة لها صبغة سياسية فإن هذه القناعة يمكن أن تكون واضحة، أيضاً، بالنسبة للمياه، ما يجعلها أكثر خطورة، لأنه لا يوجد بديل لها على عكس البترول.
وقد دخلت إسرائيل إلى أفريقيا من خلال تقديم المساعدات بهدف واحد، هو الوصول إلى مياه أفريقيا بطريقة أو بأخرى، ففى الوقت الذى زار فيه وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان فى 2009 العديد من البلدان الأفريقية، بما فى ذلك بعض دول حوض النيل التى لديها خلاف مع مصر على مياه النيل استغل لقاءاته للصيد فى الماء العكر وكشف عن نوايا بلاده الغامضة.
وركزت زيارته على كينيا ونيجيريا، وأعلن عن حزمة مساعدات فى الرى والزراعة، وجهود محاربة الإرهاب عن طريق تصدير السلاح والتدريب فى إطار استراتيجية تطويق دول حوض النيل.
لكن التصريح الأهم فى هذه الزيارة كان دعوته الدول الأفريقية إلى «تدويل الأنهار المشتركة»، أو «خصخصة المياه»، مطالباً الأمم المتحدة والبنك الدولى بالنظر فى ذلك الاقتراح تحت ذريعة منع حروب المياه العالمية.
وسبق وتم طرح فكرة بيع المياه فى الأسواق الدولية على غرار البترول، فقد كشفت صحيفة ذى جورنال الأيرلندية فى تقرير لها عن حكومة البلاد فى عام 1983 من القرن الماضى عرضت بيع براميل من المياه للمملكة العربية السعودية مقابل 5 دولارات للبرميل.
وكان وزير الصناعة والطاقة جون بروتون قام فى ذلك العام بزيارة رسمية للسعودية بدعوة من الشيخ أحمد زكى يماني، وزير المملكة العربية السعودية للبترول والمعادن.
وقال بروتون، إن الزيارة كانت «مفيدة جداً»، وإنه نظراً إلى أن المملكة العربية السعودية تنتج 17.5% من بترول العالم، ولديها 25% من الاحتياطى المؤكد، فإنه من المهم توطيد علاقة طويلة الأمد معها، خصوصاً أن أيرلندا لا تزال تعتمد بشكل كبير على البترول المستورد لتلبية احتياجات الطاقة لها.
وكشف الوزير الأسبق، أنه خلال لقائه ناقش إمكانية وجود ترتيبات تجارية لتوريد المياه العذبة من الآبار فى أيرلندا إلى المملكة العربية السعودية، مقابل 5 دولارات للبرميل؛ بهدف تمويل مشتريات بلاده من البترول.
وقالت الصحيفة الأيرلندية، أن اليابان، أيضاً، قدمت عرضاً مماثلاً إلى المملكة العربية السعودية لبيع المياه لها.
وقالت وثيقة من قسم التجارة، إن اقتراح الحكومة الأيرلندية قوبل بفتور شديد من الرياض، وتكهنت أن السبب كان لأن السعودية لا تريد أن تصبح معتمدةً على دولة أخرى لإمدادات المياه الخاصة بها، فضلاً عن حقيقة أن البلدان التى تشترى كميات كبيرة من البترول الخام من منطقة الخليج كانت فى وضع أفضل من أيرلندا لبيع المياه.
وحتى فى الدول المتقدمة جرت نقاشات واسعة حول بيع فائض المياه العذبة، وهو الحديث الذى يتجدد مع موجات الجفاف العنيفة التى تضرب ولايات مثل كاليفورنيا.
وطرح كثير من الخبراء فكرة بيع كندا لفائض المياه العذبة لديها إلى الولايات المتحدة، بحسب تقرير نشره موقع ترهوجر الأمريكى، للنقاش حتى إن بعضهم سخر من أنه البديل عن غزو الولايات المتحدة لها للاستحواذ على المياه.
لكن السفير الكندى فى الولايات المتحدة جارى دوير، يعتقد أنها قضية أكبر بكثير مما يعتقد البعض، فمسألة مد أنابيب نقل المياه من الشمال إلى الجنوب قد لا تحظى بشعبية كافية بين المواطنين فضلاً عن تكلفتها العالية.
ويطالب مؤيدو الفكرة كندا بالتعامل مع الأمر باعتبار المياه سلعة ثمينة بنفس الطريقة التى يعامل بها البترول أو الذهب فى السوق الدولية، خصوصاً أن الفوائد من تصديرها تفوق تكاليف الاستنزاف، فالسماح للعالم للوصول إلى إمدادات المياه فى كندا بطريقة واسعة مستدامة ومسئولة سيكون مربحاً لكندا التى ستكون جزءاً من حل أزمة المياه العالمية.