لا توجد معارضة حقيقة فى مصر منذ 1952
دعوات تشكيل «ظهير سياسى» للرئيس تحمل فى باطنها «حزب وطني» جديد
قريباً.. النائب العام يرفع اسم الفريق أحمد شفيق من قوائم ترقب الوصول
محاسبة الرئيس على كل شىء خطأ فادح.. وتتيح مبدأ السلطة المطلقة
حكومة شريف إسماعيل لم تحقق نجاحاً
الدولة تعاملت مع «أحمد بهجت» بتعنت شديد
أداء البرلمان ضعيف وغير مقبول
تأسيس «ائتلاف دعم مصر» جبهة لانتخابات المحليات يعد هيمنة على الشعب
قال المستشار يحيى قدرى نائب رئيس حزب الحركة الوطنية سابقاً، مؤسس «تيار التنوير»، إنه سيتم تدشين التيار خلال أيام.
وتحدث قدرى فى حوار لـ«البورصة» عن دور التيار والهدف من إنشائه، وأداء الحكومة، والبرلمان، وعلاقة الدولة برجال الأعمال، والتشريعات الاقتصادية، وملف التصالح مع جماعة الإخوان المسلمين، وتوقعاته لانتخابات المحليات المقبلة.
قال قدرى، إن فكرة إنشاء التيار ليست وليدة اللحظة أو الظرف الراهن، وإنما تم الإعداد لها منذ فترة كبيرة، وتقوم على مبدأ العقول المفكرة، التى تعطى لمجتماعاتها كل الحلول الممكنة لما تواجهه من مشكلات.
وأضاف أن الشرط الأساسى للإنضمام إلى «تيار التنوير» هو عدم قبول أى عضو لوظيفة أو منصب حكومى أثناء فترة انضمامه للتيار، لترسيخ مبدأ خدمة الشأن العام ومتخذ القرار فقط بتقديم خبراته ورؤيته.
وأوضح أن التيار بمثابة مستشار مجتمعى لكل متخذى القرار فى مصر، سواء رئيس الجمهورية، أو رئاسة الوزراء، أو الوزراء والمحافظين، وحتى قوى المعارضة بكل أطيافها.
ورفض قدرى، الإعلان عن أبرز الشخصيات القيادية فى التيار، أو الأعضاء المؤسسين لحين إشهار التيار رسمياً. لكنه أكد انضمام وزراء سابقين، ومحافظين، وشخصيات عامة لها تاريخ فى العمل العام.
وانتقد قدرى عدم وجود معارضة حقيقية فى مصر حالياً، مضيفا أنه توجد معارضة من أجل المعارضة، أو من أجل الشهرة والأضواء، فالمعارضة الحقيقية تؤيد ما تراه صحيحاً، وترفض ما تراه خاطئاً، وتضع له بديل.
وأضاف: «أما الحديث عن استغلال المؤسسات الأمنية محاربة الإرهاب كذريعة للتضييق على الحريات فهو عار من الصحة، والوجود الأمنى مطلب مهم فى المرحلة الحالية، وعلى الجميع التوحد على قلب رجل واحد لمحاربة الإرهاب. وحال وجود شطط أو خطأ من الأجهزة الأمنية يمكن ردعه عبر المسار القانونى والقضاء، فهذا وارد أن يحدث، فلا يوجد فى مصر أحد فوق المساءلة القانونية».
واعترف قدرى بصعوبة توحيد قوى التيار المدنى تحت مظلة واحدة، نظرا لضعف المعارضة فى مصر وهشاشتها، وقال: إنه منذ 1952 لا توجد معارضة حقيقية فى مصر، إذ ترسخ لدى الشارع أن المعارضة خيانة.
وأشار إلى أن الدعوات المطالبة بتشكيل ظهير سياسى للرئيس هى بمثابة عودة للحزب الوطنى فى شكل جديد، وإقصاء لمبدأ التعددية الحزبية ووأدها فى مهدها، واجهاض التجربة الديمقراطية فى مصر.
وأكد أن استقالته من حزب الحركة الوطنية جاءت نتيجة تغليب المصالح والأهواء الشخصية لبعض الأعضاء بالحزب على المصلحة العامة، حتى لو وصل الأمر إلى تفتيت وهدم الحزب من وجهة نظرهم.
وأضاف قدرى: «أحد الأسباب المهمة لتقديم استقالتى، محاولة استقطاب الفريق أحمد شفيق إلى خندق أصحاب المصالح الخاصة عبر الوشاية بى عنده، لكسب رأيه ووده فى إزاحتى عن المشهد حتى تتحقق أهدافهم الخاصة».
وأوضح أنه أبلغ الفريق أحمد شفيق بوجهة نظره فيما يدور داخل الحزب، وضرورة اتخاذ قرارات وإجراءات بإبعاد هذه الشخصيات عن الحزب، إلا أن الفريق لم يأخذ بمقترحاته.. فكان لابد من تقديم استقالته.
وأشار قدرى، إلى أن ابتعاد الفريق شفيق عن الساحة وعن حقيقة ما يُدار فى الداخل رجح كفة أصحاب المصلحة الشخصية على كفته. ولم يؤخذ بمقترحاته الهادفة إلى نهضة الحزب، مضيفا أن وضع الحزب بعدما تركه أكد صحة رؤيته.
وقال قدرى: إن الوضع القانونى للفريق أحمد شفيق صحيح 100%، وأنه فى انتظار قرار النائب العام برفع اسمه من قوائم الانتظار ترقب الوصول خلال الأيام القليلة المقبلة.
ونفى قدرى، ما يشاع داخل الوسط السياسى عن وجود رغبة لدى بعض مؤسسات الدولة فى إبعاد وإبقاء الفريق أحمد شفيق خارج المشهد السياسى، خصوصا بعد محاولة ترويج فكرة طرحه بديلاً للنظام الحالى.
وأضاف: «لا صحة لهذه الترويجات باقحام بعض مؤسسات الدولة فى خلافات، وتصفية حسابات شخصية لبعض العناصر ممن لهم مصالحهم الخاصة، غير أنه لا توجد انتخابات رئاسية حتى انتهاء فترة الرئيس السيسى».
وتطرق قدرى إلى الوضع الاقتصادى فى مصر بالحديث عن قانون الاستثمار وإجراء بعض التعديلات عليه، قائلاً: «كل القوانين الخاصة بالاستثمار فى مصر لا تتم بناء على دراسة حقيقية وجادة تؤدى إلى نمو اقتصادى».
وأضاف أن قانون الاستثمار يفتقد إلى تشجيع المستثمرين المصريين والأجانب على الدخول فى المشروعات الكبرى كثيفة العمالة، ولم يضع حوافز جيدة تشجع على تنمية صحراء مصر وزيادة الرقعة الخضراء والخروج من خندق وادى النيل.
وأشار إلى أن الهيئة العامة للاستثمار لا تهتم بعمل خرائط دقيقة لأماكن المشروعات والصناعات المتاحة للاستثمار، ولا تقوم بعمل الدراسات الخاصة بهذه المشروعات، والإمكانات المتوافرة فى محافظات الجمهورية، بحيث توضح للمستثمر الفرص المتاحة للاستثمار بها.
وطالب الدولة بتبنى استراتيجية خاصة بالصناعات الوسيطة، والصناعات الصغيرة والمتوسطة، خاصة المشروعات كثيفة العمالة، التى تعد العمود الفقرى لنمو أى اقتصاد فى العالم.
كما طالب الحكومة بتفعيل مكاتب التمثيل التجارى فى جميع دول العالم، لمعرفة احتياجات الدول من الصناعات التى تتميز بها مصر، لزيادة القدرة التنافسية للصادرات والصناعات المصرية فى السوق العالمى.
وأوضح أن اعتماد الدولة على الاقتراض من الخارج فكرة شديدة الخطورة، وأن الاقتراض يجب أن يتم فى حدود ضيقة ولتمويل مشروعات كبرى تحقق عائداً مادياً كبيراً يؤدى إلى نمو الاقتصاد القومى، بجانب قدرتها على تسديد قيمة القرض.
وأشار قدرى إلى أن المشروعات القومية الكبرى تحتاج كثيرا من العمل والصبر حتى تُؤتى ثمارها. فرغم ما تحتاجه من تخطيط دقيق، وعمل مستمر، فإنها تنهض بالدولة على المدى البعيد.
وطالب الدولة بالتوسع فى إنشاء المعاهد والجامعات الفنية المتخصصة لتوفيرعمالة مصرية فنية مدربة ومؤهلة لسوق العمل العالمى وليس المحلى، على غرار التجربة الألمانية.
وقال قدرى: إن القاء مسئولية كل ما يحدث فى مصر على عاتق رئيس الجمهورية سواء مسئوليات اقتصادية، اجتماعية، سياسية، يفرض علينا القبول بفكرة السلطة المطلقة للرئيس.
وأضاف: «طالما نلقى بالمسئولية فى كل شىء على شخص الرئيس، فلا نغضب لو طالب الرئيس بسلطة مطلقة حتى تتيح له تنفيذ كل هذه الأمور والمتطلبات، ونتنازل عن الديمقراطية».
وقال قدرى: إن حكومة المهندس شريف إسماعيل أمامها تحديات ومصاعب كبيرة، لكنها ما زالت تعتمد اعتمادا مباشرا على الرئيس السيسى، والقوات المسلحة للاستعانة بهما فى أداء عملها المنوط بها.
وأضاف: «ما زالت حكومة شريف إسماعيل تعول على الرئيس والقوات المسلحة، فهى رأت فيهما القوة اللازمة لنجاح مهمتها فاستعانت بهما، ولم أرَ نجاحا مدنياً للحكومة.. بل كل النجاح ينسب للرئاسة والقوات المسلحة».
وأشار إلى أن الحكومة الحالية لو تعاملت بمبدأ الحزم والقوة والسرعة والانضباط الشديد لعادت القوات المسلحة إلى ثكناتها، وتفرغت لمهمتها الأساسية فى حماية الحدود.
وأوضح أن المصالحة مع جماعة الإخوان مرهونة من وجهة نظرة بابتعاد «جماعة الإرهاب» والحزب عن العمل السياسى لمدة 25 عاماً، وهذا لا يعد عزلاً سياسياً، حيث يتاح لأفرداها التمتع بمباشرة حقوقهم السياسية بشكل فردى.
وأعرب عن قلقه بشأن الاستحواذات والاندماجات لبعض المؤسسات الإعلامية التى شهدتها الفترة الماضية، نظراً لما وصفه بـ«تغول رأس المال فى صناعة الإعلام والتحكم فيما يقدم للرأى العام».
وأضاف: «رغم أن مالكى هذه المؤسسات من المؤيدين للرئيس السيسي، فإن هناك تخوفا آخر، وهو احتمالية منع أو تحكم هؤلاء فى إقصاء وتجاهل الرأى الآخر ظناً منهم أن ذلك فى مصلحة البلد، والواقع أن ذلك خطأ فادح».
وعن علاقة الدولة بمجتمع الأعمال، قال قدرى: إن الدولة يجب عليها أن تمكن كل مواطن وليس رجل أعمال من نجاح أعماله، لا أن تتبنى دور المشرف والوصى عليه.
وتطرق قدرى الذى كان محامياً لرجل الأعمال أحمد بهجت، إلى تعنت الحكومة فى تعاملها مع رجل الأعمال بدرجة كبيرة منذ سنوات، لاعتبارات كثيرة أهمها أنه رجل أعمال ناجح ساهم فى تأسيس وإنشاء مدينة 6 اكتوبر، وهو ما لم يلقَ إعجاب كثير من الحاقدين عليه داخل مؤسسات الدولة.
وأضاف: «الحكومة لم تستوعب فكرة نجاح أحمد بهجت فى الترويج لمدينة أكتوبر، ولم تستوعب تعثره المالى وتعنتت ضده رغم استيعابها لتعثر آخرين، ولم تتسم معاملة الحكومه له بالشفافية».
وأشار إلى ضعف أداء البرلمان الحالى فى شقيه التشريعى والرقابى، وضعف مستوى النواب وعدم خبرتهم الكافية وعدم إدراكهم لطبيعة العمل البرلمانى خاصة فى المرحلة الراهنة.
وعن رأيه فى أزمة سد النهضة الإثيوبى، توقع قدرى لجوء مصر إلى التحكيم الدولى فى النهاية لوضع حل للأزمة، مضيفا أن الحكم سيكون لصالح مصر لما تمتكله من مستندات ومعاهدات مع دول حوض النيل تؤكد أحقيتها فى حصتها من المياه.
ورفض قدرى التعليق على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية وأزمة جزيرتى «تيران وصنافير» قائلاً: «أرفض التعليق على الأمر طالما أنه فى ساحة القضاء، لكن أرفض ما يحدث من مظاهرات واعتراضات وشغب، ويجب انتظار كلمة القضاء الفاصلة».
كما رفض التعليق على أزمة اقتحام نقابة الصحفيين، وما يحدث الآن من محاكمة لنقيب الصحفيين واثنين من اعضاء المجلس، وطريقة تعامل الدولة مع الأزمة قائلاً: «الرأى فى القضية يخرج من ساحة المحكمة وليس على صفحات الجرائد».
وأوضح أن إجراء انتخابات المحليات خلال العام الحالى أمر مرهق جداً ويجب تأجيلها للعام المقبل، رافضأ محاولات الهيمنة من بعض القوى السياسية والبرلمانية وتكوين ائتلافات للاستحواذ والسيطرة على الانتخابات.
وأضاف: «ما معنى أن يشكل ائتلاف برلمانى كبير جبهات وائتلافات أخرى فى محاولة منه للسيطرة على انتخابات المحليات مثل ائتلاف دعم مصر؟ وبأى صفة يفعل هذا؟ ألا يعد ذلك هيمنة على الشعب؟ يجب ترك مساحة للشباب المستقل والناضج».
وأشار إلى ضرورة استخدام انتخابات المحليات فى تقوية الأحزاب عن طريق اعتماد القوائم الحزبية بنسبة 90%، و10% فقط للفردى، مما يرسخ فكرة التعددية الحزبية.
وتساءل: «لمصلحة من تبقى الأحزاب السياسية ضعيفة وهشة، رغم ان الدستور أوضح أن تداول السلطة يتم بالحياة الحزبية عن طريق انتقالها بين الأحزاب السياسية.. فلمصلحة من بقاء الأحزاب ضعيفة؟».