قال الرئيس التنفيذى لشركة «ألفابت»، إريك شميت، فى مؤتمر فى باريس الأسبوع الماضي، إن شركة «جوجل» من غير المرجح أن تنقل الوظائف إلى أوروبا القارية أو تستثمر هناك أكثر.
وأضاف أن تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، لا يعنى أنه من الضرورى أن تستجيب الشركات التجارية لهذا القرار سريعاً.
وحذر «شميت»، الاتحاد الأوروبى وبريطانيا من أن يسمحا بظهور فجوة رقمية بينهما، مضيفاً أن هناك حاجة لتنسيق كبير فيما يتعلق بتنظيم قطاع التكنولوجيا.
وقالت مجلة «ذى إيكونوميست» البريطانية، إن زعماء التكنولوجيا يخشون من أن بريطانيا والاتحاد الأوروبى سيتوصلان فى نهاية المطاف إلى سياسات مختلفة.
وأضافت أن سياسة عدم اليقين بعد مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبى لا تهدد شركات الحوسبة الكبيرة فقط مثل «جوجل»، ولكن التصويت لصالح الخروج خلق بعض الاضطرابات فى كل مكان، بدءاً من صناعة السيارات إلى شركات الطيران إضافة إلى قطاع الطاقة، وحتى شركات الاتصالات.
ويشعر المساهمون بالألم، رغم أن جميع الخسائر التى لحقت بأسواق الأسهم المالية، مؤخراً، لم تكن فقط نتاجاً لخروج بريطانيا من الاتحاد.
وقال رئيس «فى دى ايه» جماعة الضغط لصالح قطاع السيارات فى ألمانيا ماتياس فيسمان، إن شركات السيارات لم تضع خططاً للطوارئ بعد قرار الخروج، رغم أن الصادرات الألمانية لبريطانيا تبلغ قيمتها حوالى 89 مليار يورو (ما يعادل 99 مليار دولار) من السلع، وخصوصاً السيارات.
وكشف استطلاع قام به اتحاد الصناعة الألمانى قبل الاستفتاء، أن ما يقرب من 70% من الشركات ليست لديها فكرة عن كيفية الاستجابة لخروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية.
جاء ذلك فى الوقت الذى تعرضت فيه شركات الطيران على وجه الخصوص لحالة من عدم اليقين. فمنذ التسعينيات وشركات الاتحاد الأوروبى حُرة فى السفر بين أى من المطارات الأوروبية دون موافقة الجهات التنظيمية، إضافة إلى أن اتفاقيات الأجواء المفتوحة مع أمريكا، وأطراف ثالثة أخرى تعطى شركات طيران الاتحاد الأوروبى المرونة فى الوجهات الطويلة. لكن خارج السوق الموحدة، فإن الشركات ستبقى أسيرة اللوائح المنفصلة والموافقات الرسمية المتعددة.
وأشارت المجلة إلى أن الشركات التى لديها عمليات قارية واسعة مثل «إيزى جيت» أو «أى ايه جى» ستميل بشدة إلى نقل مقارها داخل الاتحاد الأوروبي.
ويواجه، أيضاً، صانعو الطائرات حالة من عدم الوضوح التنظيمى فى وقت تتباهى فيه بريطانيا بأنها ثانى أكبر صانع طائرات فى العالم.
وقبل التصويت، حذرت شركة «إيرباص» بالفعل من أن الخروج يمكن أن يعرض الاستثمار للخطر فى المستقبل.
ويأتى قطاع الطاقة ضمن القطاعات الكبيرة التى تواجه حالة عدم اليقين.
ففى مطلع الشهر الحالى، أكدت «إليكتريك دو فرانس» شركة الكهرباء الفرنسية خطتها لبناء محطة بقيمة 18 مليار إسترلينى، وهو ما يعادل 23 مليار دولار للطاقة النووية فى بريطانيا.
ويشكل هذا المشروع جزءاً من المساعدات البريطانية، التى ستكون فى شكل عقود كهرباء مدعومة. لكن بعد خروجها قد يحظر عليها بيع الكهرباء الفائضة المدعومة من هذه المحطة إلى الشبكة الأوروبية، ما يزيد الشكوك بشأن جدوى إنشاء هذه المحطة.
ومن جانبها، كانت شركات الأدوية تتوقع تطبيق نظام براءات اختراع موحد لأوروبا بحلول 2018، وإنشاء محكمة ملكية فكرية فى بريطانيا متخصصة فى الأدوية والمواد الكيميائية. ولكن بات من غير المرجح الآن أن تصدق بريطانيا على هذا الاتفاق.
ومن غير الواضح ما إذا كانت شركات الاتصالات البريطانية ستكون حرة فى فرض التكاليف على العملاء المسافرين داخل الاتحاد الأوروبى بعد قرار الخروج.
وبالنسبة لشركات المواد الغذائية الكبيرة مثل «مارس»، فإن المخاوف تتفاقم من تقلبات العملات والرسوم الجمركية. ومن الممكن سحب المنتجات، بالإضافة إلى احتمال تغير ظروف العمل فى بريطانيا قريباً.
وتوقع نائب رئيس الشركة للشئون العامة ماتياس بيرنينجر، مزيداً من التعقيد؛ لأن الساسة البريطانيين لن يقبلوا القواعد الأوروبية نفسها.
وأضافت «ذى إيكونوميست»، أن كل هذا الغموض يعنى أن الشركات التى تخطط للاستثمار فى بريطانيا تضع القرارات على قائمة الانتظار.
ونظراً إلى اعتماد الاقتصاد البريطانى على التدفقات من الخارج، فإن أى تباطؤ سيكون مقلقاً، خصوصاً أن حصة بريطانيا من الاستثمار الأجنبى المباشر العالمى تبلغ 7%، كما أن حوالى نصف الاستثمار الأجنبى المباشر فى المملكة المتحدة يأتى من الاتحاد الأوروبي.
وقال رئيس العمليات البريطانية فى شركة «سيمنز» يورجن ماير، إن كثيراً من القرارات قد يتم اتخاذها دون بريطانيا لبناء محطات أو تشغيل مشاريع بحثية فى أى مكان آخر.
وأوضحت المجلة، أنه حتى لو ثبت أن المخاوف بشأن الفجوات التنظيمية كان مبالغاً فيها، فهناك قلق ثانٍ يتمثل فى أن السياسة المستقبلية فى الاتحاد الأوروبى سيتم وضعها دون النفوذ البريطانى المباشر، وقد تصبح أكثر عدائية للأعمال التجارية.