النموذج النرويجى الأفضل وفشل اتفاق التجارة يهدد الاقتصاد بكارثة
رسمت صحيفة ميرور البريطانية 5 سيناريوهات تتصور مآلات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى، مع تولى حكومة بريطانية جديدة السلطة فى 9 سبتمبر، وظيفة وزرائها الأولى تشكيل العلاقة بشكلها الجديد مع أوروبا.
ويعتقد محرر التقرير جاك بلاشيراد، أن هناك 5 تصورات محتملة لهذه العلاقة
1- نموذج النرويج
بعد شهور من تفاقم الفوضى المالية فى أعقاب الاستفتاء يصبح الهدف الأول للحكومة الجديدة إنقاذ الاقتصاد.
ومع تسرب اليأس، يمكن أن توافق بريطانيا على الانضمام إلى المنطقة الاقتصادية الأوروبية، وهى مجموعة أوسع تضم 27 دولة فى الاتحاد الأوروبى بالإضافة إلى النرويج وليختنشتاين وأيسلندا.
وهذا من شأنه أن يسمح لها بالحفاظ على حق الوصول الكامل إلى السوق الأوروبية المشتركة؛ للتقليل من الأضرار التى لحقت بالاقتصاد الوطنى، وفى هذه الحالة سينعدم وجود الحواجز التجارية الجديدة، ما يمكن الشركات من التعامل كما كان من قبل.
ومع الإعلان عن هذا الاتفاق، فإن الأسواق سوف ترتفع، وتسيطر الأنباء السارة على الأخبار، ومنها انتعاش الجنيه، وبدء تدفق الاستثمار الأجنبي.
لكن التصديق على الاتفاق سوف يدفع رئيسة الوزراء للدعوة إلى استفتاء حول الخطة لتعود لنفس كابوس الأشهر القليلة الماضية مرة أخرى، حيث تسد الغيوم الأفق حتى تنقشع السحب عن النتيجة النهائية.
2- نموذج النرويج «بلس»
ويرى أصحاب هذا التصور، أن حرية حركة الناس فى جميع أنحاء الاتحاد الأوروبى بنفس الدرجة ببساطة مسألة غير عادلة وغير مستدامة.
وتعتبر شروط حرية التنقل بين الدول الأعضاء مرفوضة تماماً، وأحد أهم أسباب موافقة البريطانيين على الانفصال عن الاتحاد، ما يستدعى إصلاحه إذا كانت قيادة بروكسل (المقر الرئيسى للاتحاد الأوروبي) تريد الاحتفاظ بأمل عدم تفكك الوحدة الأوروبية دولة تلو الأخرى.
وبالتالى يمكن للحكومة البريطانية المُشَكّلَة عقب الاستفتاء، أن تترك جانباً التفاوض على شروط الانسحاب وفق المادة 50 من معاهدة برشلونة، وبدلاً من ذلك تبدأ التفاوض على إصلاح قواعد حرية الحركة.
وتعتبر الصحيفة البريطانية، أن هذا السيناريو سيكون سبباً فى غضب زعماء الاتحاد الأوروبى فى بادئ الأمر، ولكن حان وقت قبول ذلك وإلا فإن الفشل يعنى بدء سلسلة استفتاءات وطنية فى كل دولة حول إصلاح هذا الجانب، وقد تكون النتيجة النهائية خروج المزيد من البلدان منه لتحذو حذو المملكة المتحدة.
وفى حالة سماع قادة أوروبا لصوت العقل، فإن العودة إلى طاولة المفاوضات ستكون أمراً واقعياً، وإن كان من غير المتوقع أن يستجيب الجميع إلى الموافقة على مناقشة تشديد قيود حرية التنقل التى تشكو منها لندن حالياً.
وفى هذه الحالة ستركز بريطانيا فى التفاوض على بدء مناقشة الانسحاب مع إعادة بناء شروط التنقل بين الدول الأوروبية، فيما يمكن وصفه بأنه نموذج النرويج «بلس»، حيث تبقى خارج الاتحاد الأوروبى مع الوصول الكامل إلى السوق الموحدة مع فرض قيود على الهجرة.
يمكن تقديم الاتفاق لأخذ رأى المواطنين فيه خلال الانتخابات العامة بحلول عام 2020.
3- النموذج الكندي
قد ترى الحكومة البريطانية الجديدة، أن النتيجة الطبيعية لصدمة تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبى هى وضع حد نهائى لتدفق الهجرة الآن كأولوية قصوى للجماهير، مع الأخذ فى الاعتبار أن الناس مستعدون لتحمل الضريبة الاقتصادية لتحقيق ذلك.
وبالتالى يمكن أن تبدأ بريطانيا فى تطبيق بنود المادة 50 بحلول نهاية هذا العام للبدء فى عملية الانسحاب التى تستلزم التنفيذ بحق أقصى فى غضون عامين لترك الاتحاد الأوروبي.
وفى هذه الحالة ستخسر لندن إمكانية الوصول للسوق الأوروبية الموحدة وفى الوقت نفسه التخلص من أزمة حرية التنقل بين بريطانيا وأوروبا فى الاتجاهين.
ويعنى ذلك أنه سيتم فرض رقابة على الحدود من جديد، ونظام نقاط المرور الحدودية على غرار النظام الأسترالى لخفض الهجرة.
ووفق هذا التصور، فإن المسئولين البريطانيين يمكنهم التوصل إلى اتفاق تجارى جديد مع أوروبا تماماً كما فعلت كندا.
ومع ذلك، فإن التوصل لمثل هذا الاتفاق قد يستغرق سنوات عديدة، وخلال تلك الفترة يمكن فرض رسوم جمركية عنيفة جداً على التجارة.
لكن الأمر المؤكد، أن الاتفاق النهائى سيكون سخياً على غرار اتفاق التجارة الحالى كعضو كامل العضوية فى السوق الأوروبية الموحدة.
4- فشل التوصل لاتفاق تجارة
هذا هو السيناريو الذى يخشاه مسئولو وزارة المالية البريطانية أكثر من أى سيناريو آخر.
ففى البداية، يمكن أن تنحدر المحادثات الودية مع أوروبا بسرعة إلى الحدة، ومن ثم الاشتباك بين قادة الاتحاد الأوروبى مع رئيس الوزراء البريطانى الجديد حول بنود اتفاق التجارة الجديد.
فالتكتل الأوروبى حريص وفق هذا التصور على «معاقبة» بريطانيا ليكون عبرة لغيره ممن يفكر فى الخروج عن الإجماع الأوروبى كأسلوب رادع ومحذر لأى من الدول الأعضاء الآخرين.
وبالتالى يمكن أن يرفضوا التنازل، وفتح ممر للبضائع البريطانية إلى المناطق التجارية الرئيسية، وهذا يعنى أن المحادثات قد تطول بشكل كبير دون التوصل إلى اتفاق.
ويمكن القول، إن باقى الدول الأعضاء بخلاف بريطانيا تملك زمام المبادرة، حيث يحق لأى بلد من الـ27 الأعضاء على الاعتراض على الاتفاق فى أى وقت.
وبعد عامين من التفاوض الفاشل، تنتهى المهلة وتكون بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبى بالفعل ودون اتفاق تجارة.
وفى تلك المرحلة البائسة، فإن التخلف البريطانى عن التوصل إلى اتفاق سيسمح لها بالتجارة مع أوروبا وفقاً لقواعد منظمة التجارة العالمية دون أى ميزة استثنائية.
وهذا يعنى أن تكون التعريفات كبيرة جداً على المواد الغذائية والملابس والسيارات والعديد من المنتجات الأخرى.
ويحذر خبراء وزارة المالية البريطانية من أن هذا التصور سيضرب الاقتصاد، وسيخنق التجارة، ما يجعل البلاد فى حاجة إلى موافقة جميع دول الاتحاد الأوروبى المتبقية لتغيير رأيها.
5- تفكك المملكة المتحدة إلى دويلات
من أخطر ما يهدد المملكة المتحدة هو تجدد دعاوى الاستقلال عن التاج البريطانى، خصوصاً فى أسكتلندا، فقد كان أول رد فعل لرئيسة وزراء أسكتلندا نيكولا ستورجيون المطالبة بإجراء استفتاء ثان للانفصال عن المملكة المتحدة على أرضية تصويت الإنجليز أنفسهم للانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
ويدعم مواطنو أسكتلندا جنباً إلى جنب أيرلندا الشمالية ولندن وجبل طارق بأغلبية ساحقة البقاء ضمن التاج البريطاني.
لكن ستورجيون تواصل الضغط من أجل استفتاء ثانٍ حول الاستقلال، لكنها تتطلع أيضاً لمعرفة ما إذا كان يمكن لأسكتلندا أن تبقى فى الاتحاد الأوروبى بطرق أخرى.
ويرى الخبراء، أن دول الاتحاد الأوروبى مثل إسبانيا تخشى تقديم معاملة مميزة لأسكتلندا، قد تشجع أقاليم تدعو للانفصال فى كاتالونيا بإسبانيا على السير نحو الاستقلال.