تأسيس شركة حكومية بعد انسحاب «العبار».. و17 مليار جنيه من «المجتمعات العمرانية» حتى الآن
شركة المشروع تجهز لطرح الأراضى الاستثمارية وتستهدف 30 مليار جنيه من أول طرح
بناء عاصمة على مساحة تتجاوز 168 ألف فدان يحتاج إلى استثمارات ضخمة تتجاوز مئات المليارات من الجنيهات لذا كان التمويل محور الخلاف بين وزارة الإسكان والمستثمر الإماراتى محمد العبار ـ الذى وقع مذكرة تفاهم مطلح 2015 لتنفيذ العاصمة الإدارية ـ ما نتج عنه إلغاء الاتفاق وتأسيس شركة حكومية لإدارة المشروع.
العبار كان يرغب فى الحصول على تمويل من البنوك المصرية لتنفيذ المشروع، وهو ما رفضته الحكومة واشترطت توفير تمويل خارجى لتوقيع العقد النهائى، وهو ما أدى لخلافات أخرى مثل حصة وزارة الإسكان العينية انتهت إلى نسيان مذكرة التفاهم الموقعة بالقمة الاقتصادية فى شرم الشيخ وبدء خطوات التنفيذ من خلال التمويل الحكومى.
وكانت أولى الخطوات توفير 5 مليارات جنيه من موازنة هيئة المجتمعات العمرانية فى العام المالى الماضى لترفيق حوالى 3 آلاف فدان فى الأسبقية الأولى من العاصمة الإدارية، وصدر بشأنها أمر إسناد من مجلس الوزراء لعدد من شركات المقاولات المصرية.
وفى ديسمبر 2015 أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارا جمهوريا يتيح للقوات المسلحة تأسيس وإنشاء شركات بمفردها أو بالمشاركة مع رأس المال الوطنى أو الأجنبى تحت عنوان «تنظيم قواعد التصرف فى الأراضى والعقارات التى تخليها القوات المسلحة».
وجاء فى القرار «يتولى جهاز القوات المسلحة تجهيز مدن ومناطق عسكرية بديلة للمناطق التى يتم إخلاؤها، والقيام بجميع الخدمات والأنشطة التى من شأنها تنمية موارد جهاز القوات المسلحة، وله فى سبيل ذلك تأسيس الشركات بكل صورها، سواء بمفرده أو بالمشاركة مع رأس المال الوطنى أو الأجنبى».
وفى فبراير 2016 صدر قرار رئيس الجمهورية، رقم 57 باعتبار أراضى العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمرانى من مناطق المجتمعات العمرانية الجديدة ويشمل القرار، تأسيس هيئة المجتمعات العمرانية وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية وجهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة شركة مساهمة مصرية، تتولى تخطيط وإنشاء وتنمية العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمرانى على أن تكون قيمة الأراضى المشار إليها فى القرار من حصة جهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة فى رأسمالها بعد تقدير قيمتها بالاتفاق مع هيئة المجتمعات العمرانية وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية.
وفى مايو الماضى عقدت الجمعية التأسيسية لشركة «العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية – شركة مساهمة مصرية، خاضعة لقانون الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 ـ اجتماعها الأول برئاسة الدكتور أحمد وشاحى، المستشار القانونى، بصفته وكيل المؤسسين.
وتم تشكيل مجلس ادارة الشركة المكون من 13 عضوًا، منهم 3 أعضاء من ممثلى هيئة المجتمعات العمرانية و6 أعضاء من ذوى الخبرة، و4 أعضاء ممثلين عن القوات المسلحة.
وضم مجلس الإدارة اللواء أركان حرب كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، واللواء أمير سيد احمد، مستشار وزير الدفاع للمشروعات، واللواء مصطفى أمين على، مدير جهاز الخدمة الوطنية، واللواء اركان حرب محمد عبداللطيف، مستشار الهيئة الهندسية، ومحافظ دمياط السابق، أعضاء عن القوات المسلحة.
والمهندس خالد عباس، مساعد وزير الإسكان للشئون الفنية، والدكتور عاصم الجزار، رئيس الهيئة العامة للتخطيط العمرانى، والمهندسة راندة المنشاوى، وكيل أول وزارة الإسكان، أعضاء عن هيئة المجتمعات العمرانية.
ومن ذوى الخبرة اللواء أركان حرب عادل المرسى، مساعد وزير الدفاع للشئون القانونية، وأيمن إسماعيل، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمجموعة دار المعمار للاستثمار العقارى، والمهندس طارق الجمال، رئيس مجلس ادارة شركة ريدكون، ولبنى هلال، نائب محافظ البنك المركزى المصرى، ونضال القاسم عصر، الرئيس التنفيذى للبنك المصرى الخليجى، والدكتور خالد حجازى، عضو هيئة تدريس بالجامعة.
وتم اختيار المهندس أيمن إسماعيل رئيسًا «غير تنفيذى» لمجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية واللواء محمد عبداللطيف، عضوًا منتدبا للشركة، وبلغ رأسمال الشركة المدفوع 6 مليارات جنيه موزعة بين القوات المسلحة وهيئة المجتمعات العمرانية.
وفى النهاية لجأت الحكومة إلى ضخ استثمارات من ميزانية هيئة المجتمعات العمرانية لبدء ترفيق العاصمة الإدارية وتنفيذ الحى السكنى مع استمرار المفاوضات مع عدد من الشركات الصينية لتنفيذ الحى الحكومى بتمويل خارجى تتولى الشركات تدبيره.
وقالت مصادر حكومية لـ«البورصة»: إن هيئة المجتمعات العمرانية ستخصص 12 مليار جنيه من ميزانيتها فى العام المالى الجارى لاستكمال تنفيذ مرافق الأسبقية الأولى فى العاصمة بمساحة 10.5 ألف فدان وعمارات الحى السكنى.
أضافت: «تمويل المشروع من ميزانية الدولة هو الحل الأخير لحين اكتمال مفاوضات تنفيذ الحى الحكومى مع الشركات الصينية وبدء بيع الأراضى الاستثمارية فى المشروع، والتى يجرى التجهيز لطرحها».
وحددت شركة العاصمة الإدارية العوائد المتوقعة لبيع الأراضى الاستثمارية بالأسبقية الأولى من العاصمة حيث طلبت الحكومة من الشركة حصر عائد تخصيص الأراضى للمطورين العقاريين سواء عن طريق البيع أو المستحقات، التى تحصل عليها «العاصمة الإدارية» فى حالة تطوير المشروعات بالشراكة.
أوضحت المصادر أن «العاصمة الإدارية» تستهدف عوائد بحد أدنى لا يقل عن 30 مليار جنيه من تسويق الطرح الأول من الأراضى الاستثمارية فى الأسبقية الأولى بالعاصمة.
أشارت إلى أن بيع الأراضى للمطورين العقاريين سيوفر عوائد مالية سريعة، فى حين تحصل الشركة فى مشروعات الشراكة على مقدم التعاقد وعوائد سنوية وفقًا لحصتها المالية والعينية على مدار سنوات الإنشاء.
أشارت المصادر إلى أن العائدات المستهدفة تمثل الحد الأدنى من مبيعات الأراضى والمقدرة بحوالى 50 مليار جنيه فى الأسبقية الأولى وسترتفع فى حالة نجاح الشركة تسويق كامل المساحات المستهدفة بعد المفاوضات مع الشركات المصرية والعربية الراغبة فى العمل بالمشروع.
وتتفاوض شركة العاصمة الإدارية مع المطورين على أسعار الأراضى الاستثمارية وحددت تقديرات تتراوح ما بين 3 آلاف جنيه للمتر المربع لقطع الأراضى ذات الاستخدام العمرانى بمساحات كبيرة تتجاوز 500 فدان، ويرتفع إلى 4 آلاف جنيه فى القطع الصغيرة والمتوسطة، ويبدأ سعر المتر بقطع الاستخدام التجارى والإدارى والترفيهى من 3500 جنيه للقطع الكبيرة، ويمكن أن يرتفع إلى 5 آلاف جنيه للقطع المميزة والقريبة من مدينة القاهرة الجديدة.
وتبدأ الشركة طرح المرحلة الأولى من الأراضى الاستثمارية خلال شهر سبتمبر المقبل، وتبلغ مساحة الأسبقية الأولى بالعاصمة الإدارية 10.5 ألف فدان باستثمارات متوقعة حوالى 60 مليار جنيه.
وحددت الشركة فترات تنفيذ المشروعات الاستثمارية، وتصل 10 سنوات للمساحات، التى تبدأ من 500 فدان ومن 5 إلى 10 سنوات للقطع من 150 حتى 500 فدان للاستخدام العمرانى المتكامل ومن 3 إلى 7 سنوات للمشروعات التجارية والإدارية.
وقال الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان فى تصريح سابق لـ«البورصة»: إن الشركة الصينية العامة للهندسة الإنشائية «CSCEC» ستبدأ تنفيذ الحى الحكومى فى العاصمة الإدارية الجديدة بعد اختيار تصميمات المبانى.
ووقعت «الإسكان» عقود مع «CSCEC» لإنشاء 12 مبنى للوزارات، ومبنى مجلس الوزراء، ومقر البرلمان، وقاعة المؤتمرات الكبرى، وأرض المعارض بتمويل صينى يبلغ حوالى 3 مليارات دولار.
وكان رجل الأعمال الإماراتى محمد العبار قد طلب توفير جزء من التمويل اللازم لتطوير المرحلة الأولى من العاصمة والبالغ 45 مليار دولار من البنوك المصرية ولكن الحكومة رفضت، وأكدت أن مذكرة التفاهم التى وقعها وزير الإسكان مع «العبار» فى شرم الشيخ تلزم المستثمر الإماراتى بتوفير تكلفة التمويل من الخارج للاستفادة منها فى زيادة معدلات الاستثمار الأجنبى وعدم تحميل التمويل للقطاع البنكى المصرى الذى يعانى من عجز فى السيولة الدولارية.
وكان «العبار» الذى أعلن عن اجراءات تأسيس شركة «كابيتال سيتى بارتنرز» لتطوير العاصمة قد طلب تخفيض حصة الدولة فى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة من 24% إلى 20% فقط قبل أن تسدل وزارة الإسكان الستار على المفاوضات مع المستثمر الإماراتى، وتبدأ تنفيذ المشروع.