حذر صندوق النقد الدولى فى شهر أكتوبر الماضى من أن المملكة العربية السعودية قد تستنفد أصولها المالية فى غضون خمس سنوات، ولكن الآن يجد أسباب أكثر تدعو للتفاؤل حول أكبر اقتصاد عربي.
وقال تيم كولن، رئيس البعثة السعودية فى صندوق النقد الدولي، إن خفض الانفاق والتدابير، بما فى ذلك الخفض التدريجى لدعم الطاقة، يعنى أن العجز فى الموازنة قد ينخفض الى 9.6% من الناتج الاقتصادى فى عام 2017، مقارنة بالعجز المتوقع العام الجارى بنسبة 13%، بعدما بلغ 16% فى عام 2015.
وقال كولن، فى مقابلة هاتفية مع وكالة أنباء «بلومبرج» أمس الأربعاء: «إن التعديل المالى جار، والحكومة جادة جدا فى إحداث هذا التعديل المالي»، مضيفا «نحن سعداء بالتقدم الذى حدث».
واستجابت المملكة للانخفاض فى أسعار النفط الخام عن طريق وضع خطة لأكبر هزة إقتصادية حدثت منذ عقود، بما فى ذلك فرض ضريبة القيمة المضافة، وبيع حصص من الشركات المملوكة للدولة، وخفض فاتورة أجور القطاع العام، ورغم أن التقشف أنقذ الاقتصاد من حافة الانهيار، لا تجد الحكومة إجابات سهلة لتخفيف أثره على نمو الاقتصاد.
وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، سوف يتوسع الناتج المحلى بنسبة 1.2% العام الجاري، ثم يستقر عند حوالى 2.25% أو 2.5% على المدى المتوسط، وهى وتيرة – حسبما قال كولن – ليس من المرجح أن تخلق فرص عمل كافية لتلبية الطلب.
وأوضح كولن أن النشاط الاقتصادى يجب أن يكون أقوى من توقعات الصندوق لاستيعاب الشباب الذين سيدخلون سوق العمل، وأضاف أن القطاع الحكومى لن يكون قادراً على توظيف أشخاص بنفس المعدل السابق قبل الأزمة بسبب الوضع المالى الأكثر صعوبة.
ومع ذلك، اعتمد القطاع الخاص تاريخيا على الإنفاق الحكومى لنمو أعماله التجارية، والآن يكافح للتعامل مع تدابير التقشف الحكومي.
ووفقا لبيانات نشرها البنك الأهلى التجارى فى جدة، تراجعت مشاريع البناء بقدر كبير مع انخفاض الإيرادات البترولية، وتقلصت عقود البناء بنحو 50% فى الربع الأول من العام الحالى مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأضاف البنك أن الحكومة لم تمنح أى عقود فى الربع الأول من عام 2016 أو الربع الأخير من العام الماضي.
وقال كولن إن التباطؤ فى الصناعات غير النفطية طال إلى حد كبير جميع المجالات باستثناء القطاع المالي.
وذكر صندوق النقد الدولي، يوم 28 من الشهر الماضي، أن البنوك السعودية «فى وضع جيد» لمواجهة خسائر القروض، وتوقع أن يتقلص العجز فى الحساب الجارى للمملكة إلى 6.4% من اجمالى الناتج المحلى العام الجاري، وأن يقترب من التوازن فى عام 2021 مع تعافٍ جزئى فى أسعار النفط.
وتسعى الحكومة لتحقيق التوازن فى الموازنة بحلول عام 2020، وهو هدف وصفه كولن بأنه «قابل للتنفيذ».
وقال كولن: «كنا لنظل قلقين إذا بقى العجز المالى على مستواه العام الماضى لمدة عامين آخرين، لأن ذلك يعنى أنه ستكون هناك احتياجات كبيرة من التمويل المالي».
سلمى محمد