كراجا: 200 مليار متر مكعب عجزاً مائياً فى الشرق الأوسط عام 2050
مصر قادرة على توفير 30% من استهلاكها للمياه إذا رشدت المخصص للطعام فقط
انتهت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ـ الفاوـ من إعداد تقرير كامل عن مشروع المليون ونصف المليون فدان، بعد دراسة جميع جوانب المشروع، والذى سلمته للسفير المصرى بروما.
وقال الدكتور فوزى كراجا، كبير خبراء الموارد المائية بالمنظمة، إن الفاو تلقت طلباً رسمياً من رئاسة الجمهورية لطلب فريق متخصص لتقييم ما وصلت إليه الدراسات والأبحاث الخاصة بالمشروع مارس الماضى.
وأضاف لـ«البورصة»، أن اللجنة زارت كل المؤسسات المرتبطة بالمشروع واجتمعت بكل من وزراء الزراعة والطاقة والموارد المائية والبيئة، بهدف جمع كل المعلومات حول المشروع بخلاف زيارة لموقع المشروع.
وأوضح أن مياه الحجر النوبى الجوفية التى يعتمد عليها المشروع كمصدر رئيسى للمياه عبارة عن مجموعة من الأحواض المائية الضخمة وليس حوضاً واحداً كما يشاع، ويشترك فى الأحواض دول مصر وليبيا والسودان وتشاد.
وتقدر كمية المياه الموجودة فيها بنحو 150 بليون متر مكعب.
وأضاف أن المشكلة فى عدم تجدد هذه المياه والتى تعتبر مخزوناً بنكياً من المياه العذبة للأجيال القادمة تحتاج استهلاكها بما لا يضيع حق تلك الأجيال.
وأشار إلى قدرة المنظمة على مساعدة الحكومة المصرية بما تمتلكه من معلومات توظفها لصالح وزارتى الموارد المائية والزراعة للعمل على تطوير بعض الأصناف والدراسات والتحليلات.
وألمح إلى متابعة منظمة «الفاو» لملف سد النهضة وتقديمها العديد من الدراسات والمعلومات للدول الثلاث «مصر، السودان، أثيوبيا»، وذلك من خلال دراسات عن التغيرات المناخية والأمطار والتغير فى الموسم الزراعى وغيرها التى تقدم إلى صناع القرار.
وأوضح أن «الفاو» تعمل على تلافى الآثار السلبية للسد والتى عادة ما تنتج من التغيرات الطبيعية، حيث تعد الفترة اللازمة السد لامتلاء المشكلة الحقيقية.
وأضاف أن أثيوبيا لديها شغف لإنهاء السد فى أسرع وقت لجنى أرباح اقتصادية تكمن فى توليد الطاقة الكهربية، لتظل الفتره المقررة لامتلاء السد السؤال المطروح فى المفاوضات.
وأفاد أن 90% من الأثيوبيين ليس لديهم كهرباء ما يمثل الدافع الأقوى نحو إنجاز السد لتغطية عجز الكهرباء وتحقيق الاستفادة القصوى من مواردهم الطبيعية.
وشدد كراجا، على أن المنظمة تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف فيما يتعلق بالجوانب الفنية والمعلومات التى تتيحها دون الانحياز إلى أى طرف.
وكشف عن تعاون منظمة الفاو مع الشركة الهولندية المعنية بتقييم الأثر البيئى والتأثيرات التى تنتج عن السد والتى ستكون ملزمة للدول الثلاث.
واستبعد كراجا التوصل إلى حل مرض لكل الأطراف، وشدد على التعاون الاقتصادى والمساعدة فى الوصول لحل.
وقال إن الفاو تنفذ مشروعات فى مصر بإجمالى 25 مليون دولار فيما يخص التغذية المدرسية والأمور الفنية مثل دراسات تأثير التغيرات المناخية على مصر بخلاف دعم ادخال الطاقة المتجددة.
وأضاف أن منطقة الشرق الأوسط ستعانى من عجز مائى ضخم بحلول عام 2050 يقدر بـ 200 مليار متر مكعب وهو ما يعادل أربعة أضعاف حصة مصر من مياه النيل فى العام الواحد.
ونبه إلى عدة اعتبارات يجب أخذها فى الحسبان لتفادى هذه المشكلة وهى اعتبارات فنية وتقنيات وإدخال مصادر جديده للمياه، بالإضافة إلى ضرورة وجود سياسات تحافظ على استخدام المياه، وأخيراً الثقافة الاستهلاكية.
وأفاد أن مصر لديها القدرة على توفير نحو 30% من استهلاكها للمياه إذا رشدت المخصص منه للطعام فقط، وفقاً لتقديرات الفاو، بالنظر إلى ارتفاع عدد السكان بنسبة 40% خلال تلك المدة وهو ما سيتسبب فى الفقر المائى المستقبلى.
وتابع، أن اللجوء إلى المياه غير التقليدية أصبح أمراً ضرورياً مع الفقر المائى الذى تعانى منه المنطقة العربية فى الفترة الأخيرة واستمرارها مستقبلاً.
وأوضح أن السعودية بدأت فى استخدام تلك المنظومة واستغلال السيول التى كانت تضرب جدة كل عامين وبدأت فى استغلالها وتخزينها فى منطقة منخفضة.
وأكد أن المنطقة العربية تعتبر الأفقر فى العالم من حيث مصادر المياه المتجددة، مشيرا إلى ان كمية المطر التى تهبط على المنطقة العربية ضعيفة ولا يمكن الاعتماد عليها، مؤكدا أن ذلك يعتبر من أكبر التحديات التى تواجه المنطقة العربية.
وأضاف أن التحدى الآخر يتمثل فى صغر مناطق امتلاك الأراضى التى تؤدى إلى تنوع المحاصيل المزروعة فى منطقة معينة وتختلف احتياجات كل منها للمياه.
وأشار إلى أن متوسط حجم المزارع فى أمريكا نحو 600 فدان للمزارع الواحد، فى حين لا يتعدى متوسط أملاك الفرد فى المنطقة العربية فداناً ونصف الفدان، وهو ما يؤدى إلى تنوع المحاصيل المزروعة فى رقعة واحدة واختلاف احتياجاتها للمياه.
وأضاف أن من التحديات الأخرى التى تواجه المنطقة العربية هى ارتفاع القدرة الشرائية عن ذى قبل، وهو ما ضاعف من حاجة الفرد من الخضراوات والفاكهة وبالتالى زيادة المزروع واستهلاك أكثر للمياه، وأخيراً عدم تقبل فكرة المواطن العربى للمزروعات بمياه الصرف الصحى المعالجة.