الخطوة تثير المخاوف حول مستقبل اقتصاد المشاركة وانتقادات للخدمات التقليدية المكلفة
لخص الرئيس الأمريكى السابق رونالد ريجان منطق الحكومات فيما يلي: «إذا تقدم قطاع ما، افرض عليه ضرائب، وإذا واصل التقدم، اخلق له تنظيمات، وإذا توقف عن التحرك، ادعمه».
وتتقدم شركتا «أوبر» و«ليفت» لتأجير السيارات، لذا تستعد ولاية ماساشوستس لفرض ضرائب عليهما، ونظراً إلى أن التاكسيات لا تتقدم بالقدر المعتاد، فإن الولاية ترغب فى إعطائها حوالى ربع هذه الضريبة.
ووقع حاكم الولاية، تشارلى بيكر، على مشروع القانون منتصف الشهر الجارى كجزء من حزمة كاسحة من التنظيمات للقطاع.
وقالت وكالة أنباء «رويترز»، إن القطاع غير متحمس للضريبة. وقال كيريل إيفادوكف، المدير التنفيذى لشركة «فاسن» لخدمات التوصيل التى بدأت أعمالها فى بوسطن، وتعمل حالياً فى تكساس: «لا أعتقد أننا ينبغى أن ندعم منافسين محتملين».
وأراد بعض ملاك التاكسى، أن يذهب القانون لأبعد من ذلك، وأن يلزم شركات التوصيل الصاعدة بالالتزام بالاشتراطات التى تلتزم بها التاكسيات مثل تفتيش السيارات الدورى من قبل الشرطة.
وقال لارى ميستر، مدير رابطة مشغلى التاكسى المستقلين فى بوسطن، إن شركات التوصيل الجديدة تخرق القوانين التى التزم بها أصحاب التاكسى التقليديون منذ سنوات.
وتبلغ الضريبة 20 سنتاً لكل توصيلة، وسيتم تخصيص 5 سنتات منها للتاكسيات، و10 سنتات للمدن والقرى، والـ5 سنتات المتبقية لصندوق النقل بالولاية، وهذه الرسوم من شأنها أن تجمع مليارات الدولارات سنوياً؛ لأن «ليفت» و«أوبر» وحدهما تقومان بـ2.5 مليون توصيلة شهرياً فى ماساشوستس.
وتقول «رويترز»، إن السلطات حول العالم لا تعرف بالضبط كيف تنظم قطاع مشاركة السيارات، وكيف تفرض ضرائب عليه، وفى تايوان على سبيل المثال، تصارع «أوبر» فاتورة ضريبية بقيمة تصل إلى 6.4 مليون دولار، لكن الخطوة تواجه انتقادات كبيرة.
وتقول ميجان ماكاردل، كاتبة مقالات رأى فى وكالة أنباء «بلومبرج»: «هذه الرسوم بمثابة هبة مخجلة، ولا يمكن تبريرها لمصلحة التاكسيات التقليدية وحدها، لأنه سيتم دفعها من خلال فرض ضريبة على منافس لإطعام منافس آخر، ولو قام أسلافنا بإدارة الاقتصاد بهذه الطريقة، لكنت كتبت مقالى على أوراق عادية فى ضوء مصباح يعمل بزيت الحوت».
وقالت «ماكاردل»، فى مقال لها، إن هذه الرسوم البالغة 20 سنتاً لن تؤدى بالتأكيد إلى إفلاس «أوبر» و«ليفت»، ولكن مثل هذه الرسوم تتفشى بطرق معينة مع الوقت، وتبدأ كرسم ضئيل لا يعترض عليه أحد، ثم ترتفع تدريجياً حتى تصبح كبيرة للغاية بدرجة تجعل الخدمات الجديدة باهظة التكلفة، وغير ذات كفاءة بنفس قدر الخدمة القديمة التى حلت محلها.
وترى «ماكاردل»، أن هذه الضرائب والتنظيمات لها مخاطر لم تخضع للمناقشة من قبل وليس فقط على «أوبر» و«ليفت» وإنما اقتصاد المشاركة الذى من المفترض أن يغير الطريقة التى نعيش بها جذرياً.
وتقول فى مقالها، إن جميع الخدمات الخاضعة لتنظيمات شديدة، حالياً، كانت شابة فى يوم من الأيام، وتمتعت بالحرية، ولكن على مر العقود أثقلها المشرعون بالتنظيمات، وليس دفعة واحدة، ولكن من خلال تراكم بطيء ومطرد للضرائب والقواعد التى أدت فى النهاية إلى تحديد مقدار ما يفرضونه من رسوم، ومن يستطيعون خدمته، وكيف سيدفعون للأشخاص العاملين لديهم، وهكذا.
وتم فرض كل واحدة من تلك القواعد من قبل ساسة منتخبين استجابة لمشكلة، وربما الحلول لم تكن جيدة، ولكن أهم شيء للسياسى ليس أن تحل المقترحات المشكلات وإنما أن يتصور الناخبون أنها فعلت.
ويشتكى المستهلكون من النتيجة النهائية، فالتنظيمات الشديدة تجعل من الصعب دخول شركات جديدة للمجال، ما يجعل الشركات الراسخة تفرض أسعاراً عالية على خدماتها التى قد تفتقر إلى الجودة.
وتضيف أنه مع ذلك، لا ينبغى ببساطة أن نتهم الساسة بأنهم الأشخاص السيئون، فالمستهلكون هم أنفسهم الناخبون الذين يطالبون بنفس الشروط التى تسمح للشركات بإرهاقهم.
وتقول إن المستهلكين يكرهون التاكسيات باهظة التكلفة والمتسخة، ولكنهم فى الوقت نفسه يجنون من ازدياد عدد السيارات فى الشارع بما يتسبب فى ازدحام مروري.
وبمجرد أن يتعرض شخص للقتل على يد سائق تاكسي، يطالبون بشروط أكثر صرامة فى الترخيص، والتدقيق فى خلفية السائقين، دون أن يدركوا أن ذلك سوف يكلفهم أكثر لكل توصيلة لمجرد أن يكونوا بأمان بنسبة 0.00001% أكثر من حوادث شديدة الندرة، ودون دليل على أن هذه التشديدات كانت لتمنع مثل هذه الحادثة.
ومع الوقت، يكون المستهلكون/ الناخبون هم المحرك للدورة التنظيمية التى تبدأ بشركة وليدة ينتهى بها الأمر كشركة عملاقة، وتتعلم الشركات أن تحب ذلك مع الوقت؛ لأنه عند مرحلة معينة تصبح شدة التنظيم ميزة تنافسية، ويصبح اللاعبون الراسخون وحدهم قادرين على التفاوض فى بحر الروتين، أما الشركات الجديدة فليس لديها هذه المهارة.
وتقول «ماكاردل»، إن هذه الدورة التنظيمية لن تؤدى بالضرورة إلى موت خدمات المشاركة الجديدة، بل على العكس، سوف تنجو «أوبر» و«ليفت» على الأرجح إذا استطاعتا أن تصبحا من اللاعبين الراسخين.
ومع ذلك، أضافت أن ذلك قد يعنى موت فكرة اقتصاد المشاركة كقوة ثورية ستمدنا بمعروض لا نهائى من البضائع التى كانت تعد فارهة سابقاً (غرف الفنادق، والتوصيل باستخدام سائق) بأسعار رخيصة.
وقالت إن اقتصاد المشاركة يدعمه حالياً شيئان: نقص التنظيمات، وفيضان من رأس المال الاستثماري، وتعتقد أنهما لن يستمرا للأبد، وبالتالى فإن مستقبل اقتصاد المشاركة لن يكون مثلما توقعه المتحمسون.