قانون القيمة المُضافة الذى أقره مجلس النوّاب مقبول من حيث المبدأ، لكن صياغته تثير الالتباس بين الخبراء – ناهيك عن الصنّاع والتجّار- فى آلية التنفيذ وتقدير الوعاء الضريبى وحتى تعريف الضريبة لم يرد بشكل واضح فى تصدير مواد القانون!. كأن الشارع قد أوكل جوهر القانون إلى اللائحة التنفيذية التى يضعها وزير المالية، ولو كان الاعتماد على اللائحة التنفيذية ممكناً لشرح التفاصيل، فإنه لا يمكن الاعتماد عليها فى الكشف عن مقاصد القانون وآلية تقدير الضريبة.
أسلوب تقدير الضريبة وفقاً للنص القانونى ربما يتسبب فى احتسابها بطريقة تراكمية على كامل قيمة السلعة فى مختلف مراحلها، الأمر الذى يجعل سعر الضريبة أكبر كثيراً من نسبة الـ13% التى أقّرت فى العام الأول للضريبة التى ترتفع إلى 14% فى العام التالى (باستثناء سلع الجدول)، والمفترض أن يكون وعاء الضريبة هو الفرق بين سعرى شراء السلعة او الخدمة وبيعها عندما تكتسب قيمة مضافة عبر مراحل إنتاجها وتداولها بين المصانع وتجار الجملة والتجزئة حتى تصل إلى المستهلك النهائي.
عبء الضريبة المتوقع تحميله للمستهلك النهائى يجب ألا يختلف عن عبء ضريبة المبيعات (فى القانون رقم 11 لسنة 1991) ولكن بسعر أعلى من 10%، خاصة أن السلع المستوردة ستخضع لضريبة على السعر النهائى أقرب فى تقديرها لضريبة المبيعات، وهو ما يجعلها أكثر تنافسية مع المنتج المحلى حال إخضاعه لضريبة مركّبة قد ينشأ عنها زيادة سعرية كبيرة.
المفروض تطبيقه فى قانون القيمة المضافة والملتبس – عمداً أو جهلاً- بسبب نص القانون المقترح يمكن إيضاحه فى المثال التالى:
– مصنع أنتج سلعة تكلّفت 100 جنيه سددّ عنها ضريبة قيمة مضافة بنسبة 13% أى 13 جنيهاً مصرياً عن الخامات والمدخلات ليتم توريدها إلى خزانة الدولة، ويصبح سعر السلعة 113 جنيهاً مصرياً بعد تحميل كامل الضريبة على تاجر الجملة
– يشترى تاجر الجملة السلعة بمبلغ 100+13 =113 جنيهاً مصرياً ويريد بيعها بمبلغ 120 جنيهاً مصرياً (بالإضافة إلى تحصيل 13 جنيهاً تكلّفها كضريبة وواردة بالفاتورة بشكل واضح) أى بمبلغ 133 جنيهاً مصرياً ثم يضيف ضريبة القيمة المضافة على الفرق بين سعرى الشراء والبيع (بعد استبعاد قيمة الضريبة السابقة كمبلغ لا كنسبة) يعنى تفرض 13% على (120-100) = 20 جنيهاً مصرياً يعنى ما يساوى 2.6 جنيه مصري ليصبح سعر بيع السلعة لتاجر التجزئة هو 135.6.
– يشترى تاجر التجزئة السلعة بسعر 133 + 2.6 = 135.6 جنيه مصري، ويضيف إليها تكاليف نقل وتخزين وأرباح وخلافه تجعله يبيع السلعة للمستهلك النهائى بمبلغ 150 جنيهاً مصرياً (بالإضافة إلى تحصيل 2.6 جنيه تكلّفها كضريبة) أى بمبلغ 152.6 جنيه مصري ثم يضيف على فاتورة المستهلك النهائى ضريبة قيمة مضافة مقدارها 13% محتسبة على الفرق بين 133 و150 جنيه مصري أى على 17 جنيهاً مصرياً بما قيمته 2.2 جنيه مصري، بما يجعل السعر النهائى للسلعة 154.81 جنيه مصري (152.6+2.2).. لكن لا يمكن للمستهلك النهائى تحميلها على شخص آخر ويكون تحمّل فعلياً المبالغ الضريبية المورّدة إلى الحكومة عبر المراحل الثلاث وهى:
13 جنيهاً مصرياً فى أول مرحلة
2.6 جنيه مصري فى المرحلة الثانية
2.2 جنيه مصري فى المرحلة الثالثة
بإجمالى 17.8 جنيه مصري بالإضافة إلى تكلفة السلعة الفعلية بدون ضرائب وهى 154.81-17.8 = 137.01
عندها فقط يكون المموّل قد دفع ضريبة مساوية لضريبة المبيعات لو أنها قدّرت بسعر 13% لأن 17.8 تساوى 13% من 137.01
أما فيما فهمه كثير ممن تعاملوا مع النص الحالى للقانون فسوف يتم فرض الضريبة كاملة على كامل السعر عند كل مرحلة ولذا قد يصل إجمالى سعر السلعة شاملة الضريبة فى المثال السابق ما يقرب من 189 جنيهاً مصرياًبزيادة تقترب من 34 جنيهاً مصرياً على سعرها فى المثال، وبالطبع كلما زادت المراحل تراكم الأثر!.
لذلك وبعد إيضاح تلك التفاصيل يجب أن يقترن تطبيق الضريبة بتفعيل الرقابة على الأسواق من قبل جهازى حماية المستهلك وحماية المنافسة وتفعيل الضبطية القضائية للجهازين، كما يجب أن يحظى هذا النوع من القوانين التى تفرض أعباءً جديدة على المواطنين بشيء من التوافق المجتمعى، عوضاً عن التراشق الذى شهده البرلمان فى غيبة الدراسة الجادة من اللجان النوعية قبل العرض على الجلسة العامة..
د. مدحت نافع
خبير الاقتصاد والتمويل وإدارة المخاطر