تفادى حوادث السير مستحيل، ولكن الممكن والمطلوب تخفيض أعدادها المخيفة فى مصر. فماذا نحتاج أن نفعل؟
رغم أن حالة الطرق غير مسئولة إلا عن 2.4% من الحوادث حسب الأرقام الرسمية، إلا أنها أهم خطوة نحتاج إليها إذا أرادت الدولة أن يكون لها عين وهى تجبر المواطن على احترام قانون السير.
وإذا كنت مخطئاً فليفسر لى أحدكم سبب تراجع أعداد الحوادث على الطرق الصحراوية بعد تطويرها مثل الإسماعيلية أو الإسكندرية؟ الحارات الواسعة وأنفاق وكبارى الدوران للخلف وجودة الأسفلت قللت الحوادث فلم يتبق إلا الأسباب الرئيسية الأخرى مثل السلوك الشخصى وحالة المركبة.
كل دول العالم تمكنت من تنظيم المرور باتباع نظام صارم للعقوبات والمخالفات ولولاه لكان حالهم أسوأ من حالنا. لا تظن أن الخواجة محترم بطبعه فالإنسان هو الإنسان فى أى دولة، دائماً ما يسعى لكسر القوانين ويفعلها إن أمن العقوبة. ولكنهم يعلمون أن مخالفة قواعد السير تعرض لعقوبات مؤلمة ولولا هذا لما أصبح السلوك المرورى القويم سائداً حتى اعتادوه ولم يألفوا غيره.
إذن نحن نحتاج هذا الإجبار على احترام قواعد السير وللأسف نظام الحملات الأمنية فاشل فى بلدنا لخلوه من الاستدامة التى تجعل قائدى المركبات فى وجل دائم من استحقاق مخالفة سير تؤثر على دخولهم أو حتى فرصهم فى الاستمرار فى القيادة.
البداية من الجهاز التشريعى لأن قوانين المرور لدينا هزيلة وتطبيقها أكثر ضعفا.
الجدية ستأتى من تطبيق القواعد فى شوارع بها حارات واضحة حتى لو قلصنا عددها إلى واحدة أو اثنتين لنعالج تشوهات التخطيط الواضحة ولنتيح مساحات للركن.
قد نحتاج لسيارات شرطة دورية لها سلطة إنفاذ القانون، وقد نحتاج لشرطى مرور مدرب وقد نحتاج للتفكير خارج الصندوق واستحداث شرطة مرور قطاع خاص.
ليس عيباً أن نعترف بعجز جهاز الشرطة الحالى على ضبط المرور وخاصة فى ظل نقص الميزانيات، فلماذا لا نطرح الأمر على شركات تستطيع أن توظف أفراداً بمرتبات مجزية وتستخدم تكنولوجيا متطورة فى التصوير والتتبع وتحرر مخالفات فورية تستقطع منها نسبة كربح؟
لا بأس بالشطط فى الأفكار ولكننا جميعاً مستعدون لتقبل أى شيء حتى نتجنب مزيداً من إزهاق الأرواح على الأسفلت. ولاحظ أن فكرة إدخال القطاع الخاص مجال شرطة المرور لها محاسنها من ناحية توفير فرص العمل (ولو مؤقتاً) وتقليص الضغط على الموازنة.
الاستدامة ستأتى من الإصرار على الانضباط والتوعية المستمرة لجميع فئات قائدى السيارات. أنا كسائق سيارة خاصة أصبحت من الملتزمين بارتداء الحزام بعد جملة إذاعية سمعتها من العقيد أيمن الضبع تحدث فيها عن قوة تكافئ عشرين ضعف وزن السائق وكفيلة بإحداث أذى كبير به فى حالة حدوث تصادم على سرعة 50 كم/ ساعة، وهى سرعة نصل إليها كثيراً داخل المدن.
على جانب آخر، نجح صديق أزهرى بإقناع سائق ميكروباص بالسير بهدوء ودون شغل عفاريت الأسفلت المعتاد باستخدام الحجة الدينية الخاصة بالرزق، وما كتبه الله لنا فى يومنا وأنه مهما مارس من حيله الأكروباتية لن يحصل على دور زيادة أو زبون غير مقدر له اصطحابه. اللافت أن الرجل اقتنع والتقى صديقى الأزهرى مرة ثانية فشكره على نصيحته لأنه صار أكثر هدوءاً.
ما زلت مصمماً أن حالة المركبة كسبب للحادث ما هى إلا مسئولية السائق. فانفجار الإطارات يأتى بسبب عدم تغييرها بعد عدد الكيلومترات المخطط لها، وانفلات عجلة القيادة قد يكون بسبب قطعة ميكانيكية تجاوزت عمرها الافتراضى.. إلخ.
إذن نحتاج لوجود عقوبة مغلظة على السائق الذى تسببت مركبته فى حادث إذا كان السبب هو إهمال الصيانة.
من العار أن تكون لدينا جميعاً الرغبة فى الإصلاح ولا نفعلها وسأشعر بأسف شديد إذا رأيت أرقام الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء حول حوادث الطرق كما هى العام القادم والأعوام التى تليه.
تامر نصرت