اقتصادنا يا تعبنا.. الحلقة الخامسة
فاتورة الكهرباء أصبحت أحد المؤرقات للمواطن البسيط أو من هم من ذوى الطبقة المتوسطة.. وكونى من الطبقة المتوسطة فقد ارتفعت فاتورة هذه الطبقة خلال يوليو سبتمبر من هذا العام إلى ثلاثة أضعاف… وفقاً للشرائح الجديدة لوزارة الكهرباء.. ووفقاً لخطة وزارة الكهرباء التى أقرها مجلس الوزراء فى 2014 لرفع الدعم تدريجياً.. ونما إلى علمنا جميعاً خلال الشهرين الماضيين قيام العديد من الناس برفض الدفع وهناك آخرون اعتدوا على محصلى الكهرباء… بل وترى الناس يقفون بالطابور على شباك الشكاوى والتحصيل للسؤال عن تفسير هذا الارتفاع غير المتوقع… لتقابل برد من الموظف «اللى يستهلك فوق 1000 كيلو واط هيدفع 95 قرشاً عن كامل هذا الاستهلاك».
إحقاقاً للحق ليس هكذا يا وزارة الكهرباء تثقلين بزيادة العبء على المواطن محدود الدخل والمواطن من الطبقة المتوسطة.. حتى إن فاتورة الكهرباء الشهرية أصبحت أضعاف فاتورة التليفون الشهرية أو حتى من يشحن تليفونه بكروت.. رداً على من يقول «شوف بتدفع كام فى فاتورة تليفونك أو بتصرف كام على تليفونك».
لا شك أن الجميع مع ترشيد الدعم ولكن ليس مع الغائه… ولكن حتى وإن فكرت الحكومة فى إلغائه هل سألت نفسها بـ«هل تم رفع مرتبات الناس لتتحمل تكلفة ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات؟؟؟».. فنفس المواطن لديه نفس الأجهزة منذ أعوام حتى وإن تضاعف استهلاكه، فبالتالى المفروض ألا تصبح فاتورته أكثر من ثلاثة أضعاف.. فمن كان يدفع 80 جنيهاً خلال الربع الأول من العام المالى 2015- 2016 أصبح يدفع مع نهايته 180- 190 جنيهاً فى نهايته، وانتقل ليدفع أكثر من 1000 جنيه بدءاً من يوليو أغسطس فى العام المالى الحالى2016- 2017… حتى وإن زاد استهلاكه للضعف.. كان ينبغى تطبيق الشرائح الى تم إقرارها عليه تراكمياً.. أى على سبيل المثال إن الـ500 ك واط الأولى تحاسب بكذا ثم الثانية بكذا ثم الثالثة بكذا.. ثم إذا تخطى ذلك بكذا.. ثم يتم تجميع القيمة.. ليس معنى أنه استهلك 1000+ يطبق عليه تعريفة موحدة قدرها 95 قرشاً كما أفاد موظفو الكهرباء على شباك الإيرادات والتحصيل.. (وهى المفروض 81 قرشاً وفقاً لخطة 2014 لرفع الدعم تدريجياً) هذا هو التطبيق العادل لزيادة الاستهلاك.. التطبيق التراكمى…
وعودة إلى موضوع الترشيد والإلغاء.. فالترشيد أمر لا بد منه، ولكن الإلغاء أمر غير مرغوب فيه؛ لأن قطاع الكهرباء غير محرر، وبالتالى لا يخضع للمنافسة المفتوحة.. فمن يقدم الخدمة وزارة الكهرباء بشركاتها، ومن يسعر وزارة الكهرباء أيضاً..
وهل تقبل وزارة الكهرباء فى حال تلف الأجهزة بسبب قطع الكهرباء المفاجئ تحمل الضرر الذى يقع على المواطن نتيجة تلف بعض أجهزته. .هل ستشترى أجهزة بديلة لما يتلف نتيجة القطع المفاجئ أو تذبذب التيار..
لا شك أن مفهوم الجباية ما زال مسيطراً على الأجهزة والهيئات الإيرادية دون التفكير فى ربط نسبة الزيادة فى تسعير الخدمات بالزيادة فى الأجور.. وربطها بجودة هذه الخدمات وضمان عدم انقطاعها وضمان عدم تذبذبها.. فليس معنى حل مشكلة الكهرباء والظلام الذى عانت منه مصر فى عام 2012. ثم انخفاض حدة المشكلة حتى انتهائها بشكل كبير فى المدن أنها لم تنته فى الأرياف والمناطق التى تعتبر جودة الخدمة فيها اقل من مثيلتها فى المدن الكبيرة.. وليس ذلك مبرراً لرفع قيمة الاستهلاك بهذه القيم المرتفعة..
فإصلاح قطاع الكهرباء مطلوب، وكذلك إعادة هكيلته وترشيد إنفاقه على موظفيه.. لكن ليس كل عجز فى الموارد وتكلفة إنتاج الكهرباء يجب أن تُمول من جيب المواطن فينبغى تحقيق التوازن بين جيب المواطن وجيب وزارة الكهرباء.. فقد يكون العيب فى ارتفاع تكلفة الإنتاج وترشيد إنفاق قطاع الكهرباء.. إلخ. هل فكرنا فى ترشيد تكلفة الإنتاج، ترشيد الدعم بالنسبة للمصانع والسماح لشركات القطاع الخاص بإنتاج الكهرباء وبيعها للقطاع الخاص المثيل بأسعار تنافسية.. وهل تستحمل الشبكة القومية مثل هذا التطور..
ليس هناك ما يمنع من تحمل المواطن متوسط الدخل عبء زيادة استهلاكه، ولكن بالمعقول دون إثقاله بكل هذه الأعباء.. هل فكرتم فى زيادة مواردكم من إعلانات من استثمارات أخرى غير جيب المواطن الذى لا يمانع فى المشاركة فى تحمل جزء من التكلفة ولكن ليس كلها..
نحن مع الترشيد.. ترشيد الإنتاج والاستهلاك وترشيد إمبراطورية الموظفين الموجودين بقطاع الكهرباء.. ولكن ليس مع إثقال كاهل المواطن بالأعباء.. فقد تقتلون ثمار حل المشكلة والفرحة بعدم الانقطاع بارتفاع سخط المواطن.. وساعتها «لا طلنا بلح الشام ولا عنب اليمن عشان نفرح بحل المشكلة»..
وما نبغى إلا إصلاحاً…