مصر لن تعتمد إلى الأبد على المساعدات الخليجية
الاتفاق مع صندوق النقد الدولى خطوة مهمة لكنها ليست كل شىء
حادث الطائرة الروسية كان مأساوياً لكن هناك مبالغة فى ردود الفعل
قانون المصالحة الضريبية يضمن تحصيل 50 مليار جنيه خلال سنة واحدة
نريد إعادة النظر فى العديد من قوانين الضرائب الموجودة حالياً حتى نتمكن من تحقيق العدالة الاجتماعية
قال وزير المالية عمرر الجارحى إن ما يحدث اليوم فى البلاد ليس نتيجة الحراك الاقتصادى والسياسى خلال السنوات الماضية، ولكنه نتيجة تراكمات سنوات طويلة.
أضاف فى الحوار المباشر الذى أجرى معه فى الجلية الافتتاحية لمؤتمر اليورومنى إن البلاد كانت تعانى من تباطؤ اقتصادى حاد، حيث وصل معدل النمو السنوى لأقل من 1.5%-2%، مع زيادة هائلة فى الإنفاق العام، وتراوح عجز الموازنة العامة ما بين 11% و13%. فى نفس الوقت لم يكن هناك نمو فى الإيرادات العامة يستطيع مواجهة تلك الزيادات الكبيرة نتيجة تباطؤ الاقتصاد المصرى بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. وقد أدى ذلك لحدوث التضخم الذى حاول البنك المركزى المصرى محاربته من خلال رفع معدلات الفائدة. وقد ساعدت الاضطرابات السياسية والاقتصادية والتغييرات الوزارية المختلفة فى تفاقم تلك المشاكل. من ناحية أخرى كان هناك نشاط اقتصادى متميز فى مرحلة ما فقبل الثورة، وكان عجز الموازنة العامة أقل من 7% ومعدلات التضخم من 4-5%، بينما كان النمو الاقتصادى السنوى يقترب من 8%.
أضاف الجارحى أنه بالرغم من ذلك لم تشهد مرحلة ما قبل الثورة اهتماماً بقطاع الطاقة، حيث لم تكن هناك تغييرات كبيرة فى قطاع البترول من حيث الأسعار. ولكن بداية من عام 2014 بدأت الحكومة فى التحرك 3 محاور: البنية التحتية وبناء قواعد اقتصادية والاهتمام بشبكة الأمن الاجتماعى القومى.
وقال: إن الاهتمام ببناء مشروعات البنية التحتية مثل شبكة الطرق والموانئ، والقواعد الاقتصادية مثل تنمية محور قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة لن ينتج عنه آثار اقتصادية فورية «لكننا نخلق قيما جديدة تحتاج وقتا حتى تتحقق ويشعر بها المواطن».
أضاف أن مصر لن تعتمد مصر إلى الأبد على المساعدات والمنح الخليجية، فكان لابد أن نتحرك ونضع خطة اقتصادية تهدف لتقليل عجز الموازنة لأقل من 10%، وخلق وظائف جديدة خلال العامين الماليين 2016/17، و2017/18. وهناك أيضاً استراتيجية اقتصادية عرضناها على البرلمان حتى 2030.
وقال وزير المالية: إن الاتفاق مع صندوق النقد الدولى خطوة مهمة، لكنها ليست كل شىء «علينا أن نتعامل مع القضايا المهمة التى تواجهنا فى الطريق، إذا نظرت لما نعانى منه فى الوقت الحالى، فلابد أن نتعامل مع العديد من القضايا المهمة، وعلى رأسها قطاع السياحة الذى له علاقة مباشرة بالدخل القومى والعملة الصعبة والنشاط الاقتصادى بوجه عام».
أضاف أن حادث الطائرة الروسية كان مأساوياً، ولكن كان هناك أحداث مشابهة له فى كل من فرنسا وتركيا وبلجيكا. ولكن كان هناك مبالغة فى التعامل مع الحادثة التى وقعت فى مصر.
وعن النسب المرتفعة لعجز الموازنة قال الجارحى: «إننا نلزم أنفسنا بالموازنة المقترحة التى عرضناها على البرلمان، والتى تتضمن تقليل عجز الموازنة لأقل من 10%، لأننا لا يمكننا أن نستمر بعجز موازنة يتراوح من 12-13%».
وقال: إنّ الإصلاحات التى تقوم بها الحكومة إصلاحات جزئية وليست هيكلية مع التأكيد على مراعاة البعد الاجتماعى عند القيام بالإصلاحات، «لهذا كانت المفاوضات مع صندوق النقد الدولى هى نفسها البنود التى التزمنا بها أمام البرلمان».
وعن تاثير تلك الإصلاحات على محدودى الدخل قال الجارحى: إن هناك عملا مستمرا ومتواصلا من أجل تأمين الفئات الأكثر احتياجاً فى المجتمع نتيجة الإصلاحات الاقتصادية وغيرها من الإجراءات الأخرى، ومن بين هذه الإجراءات إعفاء ما بين 90% و95% من المواد الغذائية من ضريبة القيمة المضافة، وكذلك العديد من الخدمات عليها إعفاءات مثل الصحة والتعليم والمواصلات. السياسة المتبعة من الحكومة هى سياسة أن نأخذ من القادرين مادياً لنعطى الفئات الأكثر احتياجاً.
وعن الانتقادات الموجهة للتطبيق السريع لضريبة القيمة المضافة قال الجارحى «ليست هناك ضرائب تدريجية للقيمة المضافة، فما تقوم بشرائه تُحتسب عليه الضريبة».
أضاف: هناك كما قلت قائمة من الإعفاءات لمصلحة الفئات الأكثر احتياجاً مقارنة بالفئات الميسورة. هناك مساواة فى بعض البنود لكن هناك أيضًا تسهيلات للفئات الأكثر احتياجاً الذين نسعى لتحديدهم من خلال قاعدة بيانات موسعة على المستوى القومى من أجل وصول الاعفاءات والدعم لمن يستحق بالفعل. لدينا أيضاً برنامج للدعم النقدى هو تكافل وكرامة يستفيد منهما حاليًا 2 مليون مواطن، ونسعى لزيادة العدد كى يصل إلى 3 ملايين خلال عام بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى. وعلى مستوى الرواتب كانت هناك أيضًا زيادات للعاملين فى القطاع العام والخاص، خاصة للعاملين فى هيئات وتنظيمات هيكلية ثابتة، ولكن لم يستفد من تلك الزيادات الأشخاص الذين لا ينتمون لمثل هذه المؤسسات.
وعن المساعدات الخارجية وتأثيرها على الاقتصاد المصرى قال الجارحى: إنه لابد من الاعتماد على أنفسنا بدلا من الاعتماد على المساعدات الخارجية. فدول الخليج كانت وما زالت تساعدنا منذ عام 2013، ولكن لابد أن نعتمد على أنفسنا. وبالفعل نعمل مع وزارة الصناعة لدعم الصناعات المحلية والتصدير، خاصة أن الاقتصاد المصرى يتسم بالتنوع الكبير. وحتى يشعر المواطن بكل هذه التغييرات لابد وأن نتمكن من خلق المزيد من الوظائف فى المستقبل بما يدعم النمو الاقتصادى، والوصول بالنمو الاقتصادى لمعدلات تتراوح بين 5% و6%.
وعن السندات الدولية التى تعتزم الحكومة طرحها خلال الفترة المقبلة قال الجارحى: لدينا سمات ومزايا اقتصادية عديدة تعطينا قدرة تنافسية عالية.. أعتقد أن الاقتصاد قوى ولكن يحتاج إلى الوصفة السليمة لوضعه على الطريق السليم قد تبدو بعض القضايا أنها صعبة ولكن مع الوقت تهدأ، وسوف نستطيع أن نترقب معدلات نمو عالية فى المدى الطويل لكننا لا نريد أن نرى التذبذبات أن نرى نموا ثم هبوطا نريد أن نعمل على المستوى الصناعى لتكون على أحسن حالتها، ونعمل على أيضاً على تنشيط السياحة.. هناك أيضًا المشروعات الصغيرة والمتوسطة علينا أن نعمل على إقامة هيئة جديدة تهتم بهذه الأمور حتى تدفع الأعمال والمشروعات. السياسات المالية ليست فقط ضريبة القيمة المضافة. نريد أيضاً إعادة النظر فى العديد من الضرائب وقوانين الضرائب الموجودة حالياً حتى نتمكن من تحقيق العدالة الاجتماعية. من ناحية أخرى تم إقرار قانون المصالحة الضريبية من قبل البرلمان، وهو ما يضمن تحصيل 50 مليار جنيه خلال سنة واحدة بعد التصالح بين مصلحة الضرائب والممولين. نعمل على هذا الأمر كفريق لا نريد الاستعجال.
أضاف: نقترب من عام 2017، وبدأنا بالفعل فى عدد من بنود الإصلاح ونحن نقوم باجتماعات دورية أسبوعية ننظر للخطوات التى سوف ننفذها طبقاً للاتفاق مع صندوق النقد الدولى الذى يتابع ما نقوم به. كل الإجراءات التى نقوم بها تراعى البعد الاجتماعى لذا لابد أن نتعامل معها بحذر. من الأمور الحيوية التى نسعى لتنشيطها الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وأيضًا الاستثمارات المحلية حتى يعمل الاقتصاد المصرى بكامل طاقته.