سحر نصر وزيرة التعاون الدولى لـ«البورصة»:
«التعاون الدولى» لا تطلب قروضاً إلا بعد موافقة الحكومة ونركز على النمو الاقتصادى المستدام
العلاقة المصرية السعودية استراتيجية ولا يمكن أن تتأثر بأى أحداث والمملكة ملتزمة بدعمنا
30% نسبة قروض «التعاون الدولى» من إجمالى الدين الخارجى المصرى
600 مليون يورو قيمة اتفاقيات مبادلة الديون مع إيطاليا وألمانيا وفرنسا وسويسرا
الوزارة تسعى لتدبير 36 مليار دولار لمدة 3 أعوام وفقاً لبرنامج الإصلاح الاقتصادى
11.5 مليار دولار تمويلات المؤسسات الدولية وشركاء التنمية منها 4.5 مليار دخلت «المركزى»
معدل السحب من القروض والتمويلات الموقع ارتفع إلى 50% بدلاً من 10%
فى ظل ارتفاع معدلات الاقتراض الخارجى وزيادة التمويلات، التى تحصل عليها مصر سواء من الدول العربية أو مؤسسات التمويل الدولية تواجه وزارة التعاون الدولى انتقادات بسبب الاعتماد على القروض دون أن يقابلها ارتفاع فى جذب الاستثمار الأجنبى.
ويرى البعض أن وزارة التعاون الدولى التى ترأسها الدكتورة سحر نصر تحمل الأجيال المقبلة أعباء مديونيات قد تستمر لعشرين عامًا قادمة، خاصة أن الوزارة وقعت اتفاقيات تمويل بحوالى 12 مليار دولار خلال 11 شهرًا فقط وسيرتفع المعدل بعد الحصول على قرض صندوق النقد الدولى الذى يبلغ 12 مليار دولار.
وفى حوار لـ«البورصة» قالت نصر إن نسبة القروض التى تحصلت عليها «التعاون الدولى» تبلغ 3.5% من إجمالى الدين العام المصرى و30% من الدين الخارجى.
وتبرر نصر استراتيجية الوزارة بقولها «دائماً يوجد تساؤل عن القروض وآلية إنفاقها، لذا تعمل الوزارة على توجيهها لتنفيذ أولويات الحكومة بالمشروعات القومية واستثمارات البنية الأساسية»… وإلى نص الحوار.
*لماذا تتهم وزارة التعاون الدولى بأنها تضاعف الديون على الأجيال المقبلة؟
نصر: الوزارة لا تطلب قروضا من مؤسسات التمويل الدولية إلا بعد موافقة الحكومة ووفقًا للاحتياجات التمويلية للوزارات والجهات المختلفة لتمويل مشروعات البنية الأساسية أو المشروعات التنموية، وتركز «التعاون الدولى» على البعد التنموى لخدمة النمو الاقتصادى المستدام.
كما أن نسبة القروض التى وقعت عليها الوزارة تمثل 30% من الدين الخارجى و3.5% فقط من إجمالى الدين العام، وهى نسب ضئيلة جداً مقارنة بحجم الديون المصرية.
ويتم استخدام القروض فى تمويل كافة القطاعات الاستثمارية والمساهمة فى البنية الاساسية، وتحسين الطرق ومشروعات الصرف الصحى والمياه والغاز والتى تهدف إلى تحقيق التنمية وتوفير عوامل جذب للمستثمرين.
*الحكومة بدأت تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى ما هو دور وزارة التعاون الدولى ضمن البرنامج؟
نصر: وزارة التعاون الدولى لها أكثر من دور فى دعم برنامج الإصلاح، حيث تساهم فى تدبير التمويل للعديد من البرامج والمشاريع القومية التى تخص المواطن والتى تتفق مع رؤية الحكومة، كما تساهم فى المساعدة على جلب منح من مؤسسات دولية لتقديم المساعدات الفنية لوزارت المالية والإسكان والتجارة والصناعة والتضامن الاجتماعى والاستثمار، وتقوية المؤسسات الحكومية والوزارات لتساعد فى تنفيذ البرنامج الإصلاحى.
*كم يبلغ حجم التمويل الذى تخطط «التعاون الدولى» لتوفيره لبرنامج الإصلاح الاقتصادى بجانب قرض صندوق النقد الدولى؟
نصر: تعمل الوزارة على تدبير أكثر من 12 مليار دولار سنويًا على مدار 3 سنوات وفق البرامج والمشروعات التى يحتاجها برنامج الإصلاح ويتم ذلك بالتوازى مع جهود وزراء المجموعة الاقتصادية للحصول على قرض صندوق النقد الدولى، حيث تصل الفجوة التمويلية إلى 30 مليار دولار على مدار 3 سنوات.
*ارتفعت معدلات الاقتراض من الخارج خلال السنوات الماضية.. فكم يبلغ حجم التمويلات التى حصلت عليها الوزارة منذ توليكى المنصب؟
نصر: استطعنا الحصول على حوالى 12 مليار دولار خلال 11 شهرًا من مؤسسات التمويل الدولية وشركاء التنمية من بينها 4.5 مليار دولار «كاش» دخلت خزانة البنك المركزى.
كما تسعى «التعاون الدولى» لجلب من 4 إلى 5 مليارات دولار خلال العام المالى الجارى عبر زيادة معدل السحب من الاتفاقيات التى سيتم توقيعها.
*ما هى نسبة معدلات السحب من القروض التى تم وقعتها الوزارة؟
نصر: معدل السحب ارتفع ليصل 50% مقابل 10% خلال السنوات الماضية، ما يشير إلى سرعة تنفيذ وإنجاز عدد من المشروعات، كما أن تحسين معدل السحب يكون بالتعاون مع الوزارات المعنية بالمشروعات عبر زيادة معدل التنفيذ.
*هل يوجد فارق بين متطلبات مؤسسات التمويل الدولية وصندوق النقد لإقراض مصر؟
نصر: صندوق النقد فى الغالب يرهن الإقراض بسياسات مالية ونقدية على مدار سنوات البرنامج المتفق عليه مع الحكومة، بينما القروض التى توقع عليها وزارة التعاون الدولى مع مؤسسات التمويل ترتكز على البعد التنموى فى المقام الأول، بالتوازى مع برنامج الاصلاح لتوفير الدعم لبرامج الحماية الاجتماعية للفئات الأقل دخلاً والتى متوقع أن تتضرر من برنامج الإصلاح.
وعلى سبيل المثال دعم البنك الدولى مشروع تكافل وكرامة بـ500 مليون دولار خلال العام الماضى ومشروعات الإسكان الاجتماعى بـ500 مليون دولار أخرى وتلك التمويلات تستهدف تحسين معيشة محدودى الدخل.
*هل تتفاوض الوزارة على قروض جديدة مع البنك الدولى؟
نصر: من المقرر توقيع اتفاقية قرض بـ500 مليون دولار لتنمية الصعيد على هامش المشاركة بالاجتماعات السنوية للبنك فى شهر أكتوبر، و500 مليون دولار أخرى لتمويل برنامج الريف المصرى الجديد.
ونتفاوض للحصول على الشريحة الثانية من قرض الـ3 مليارات دولار الذى وافق عليه مجلس إدارة البنك الدولى ديسمبر الماضى بعد الحصول على الشريحة الأولى التى بلغت قيمتها مليار دولار وتنتظر موافقة مجلس النواب.
بجانب السعى لتدبير مجموعة قروض جديدة بقيمة 2 مليار دولار للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بالقطاع الخاص من مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك.
*هل اشترط البنك الدولى تطبيق إصلاحات من بينها ضريبة القيمة المضافة قبل صرف الشريحة الأولى من القرض؟
نصر: البنك الدولى رهن صرف الشريحة الأولى بموافقة مجلس النواب على برنامج الإصلاح الحكومى وليس ضريبة القيمة المضافة فقط، والوزارة أرسلت الملفات الخاصة بالشريحة الأولى للقرض للمجلس لاعتماده والحصول على مليار دولار تدخل خزينة البنك المركزى.
ووافق مجلس إدارة البنك الدولى على برنامج الإصلاح الاقتصادى وتم توقيع استراتيجية شراكة لمدة 3 سنوات تشمل احتياجات الحكومة التمويلية، كما تضمن رفع محفظة مصر لدى البنك لتصل إلى 8 مليارات دولار.
*الوزارة تتعاون مع مؤسسات تمويل دولية أخرى منها البنك الإسلامى للتنمية.. هل توجد خطة للحصول على تمويلات جديدة من البنك؟
نصر: نعد حالياً مع البنك الإسلامى للتنمية استراتيجة شراكة لمدة ثلاث سنوات، والمناقشات الجارية حول حجم التمويل الذى سيقدمه البنك والمشروعات التى يستطيع تموليها حيث يوفر تسهيلات ائتمانية لتدبير المواد البترولية للهيئة العامة للبترول بالإضافة إلى تمويل عدد من مشروعات توليد الكهرباء.
*متى ستحصل مصر على الشريحة الثانية من قرض بنك التنمية الأفريقى والمقدرة بـ500 مليون دولار؟
نصر: وزارة التعاون الدولى أنهت التفاوض على الشريحة الثانية، وننتظر تصويت مجلس إدارة البنك الأفريقى عليها، والمتوقع أن تدخل خزينة البنك المركزى قبل نهاية العام الجارى.
*بعض المشروعات التى حصلت على تمويلات خارجية تواجه أزمات فى التنفيذ.. هل سيتم إعادة توجيه القروض لمشروعات أخرى؟
نصر: الوزارة استطاعت خلال الفترة الماضية إعادة هيكلة بعض المشروعات التى توقف تمويلها، وتم وقف تنفيذ بعض المشاريع التى لصعوبة استكمالها وتغيير التمويل إلى مشروعات جديدة لها أولوية عند الحكومة.
كما تم إعادة توجيه بعض التمويلات المتوقفة إلى خطة الدعم الفنى لتدريب موظفى الجهاز الإدارى للدولة، ووقعت الوزارة مع الهند والاتحاد الأوروبى اتفاقا لإعادة توجيه عدد من التمويلات لتنمية المهارات الخاصة بالعاملين فى الحكومة وبرامج التعليم.
*هل تتابع «التعاون الدولى» تنفيذ المشروعات الممولة من القروض؟
نصر: الوزارة قامت بتأسيس وحدة استراتيجية للتقييم والمتابعة للمشروعات الممولة والتى سيتم تنفيذها خلال الفترة المقبلة، كما أن الوزارة ملتزمة بالجدول الزمنى للمشروعات وتم تدشين وحدة للتحليل الاقتصادى والاجتماعى لدراسة جدوى المشروعات والعائد الخاص بها.
منذ أحداث 30 يونيو حدث تقارب كبير فى العلاقات المصرية السعودية وتصدرت المملكة قائمة الدول المانحة لمصر.. فما هى أوجه التعاون المستقبلى؟
نصر: تم توقيع اتفاقيات بـ25 مليار دولار خلال زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى القاهرة أبريل الماضى، وحصلت مصر على 300 مليون دولار كشريحة أولى من اتفاقية تنمية سيناء البالغة 1.5 مليار دولار، وستحصل على 400 مليون دولار ضمن الشريحة الثانية مطلع 2017.
ونحن نعتبر أن العلاقة المصرية السعودية علاقة استراتيجية لا يمكن أن تتأثر بأى أحداث، كما أن المملكة ملتزمة تجاه تنمية شبه جزيرة سيناء بشكل متكامل لتحقيق الاستقرار فى مصر.
*كيف استفادت مصر من آلية مبادلة الديون مع دول نادى باريس؟
نصر: وزارة التعاون الدولى أنشأت وحدة خاصة بمبادلة الديون مع عدد من دول نادى باريس وفقًا لاتفاقية تم توقيعها مايو 1991، وبلغ حجم اتفاقيات مبادلة الديون حوالى 600 مليون يورو مع دول ألمانيا وإيطاليا وسويسرا وفرنسا، كما أنه تم توقيع اتفاقية مبادلة ديون مع إيطاليا الشهر الماضى بقيمة 90 مليون جنيه تم توجيهها لتطوير صندوق التعليم الفنى.
*لماذا تراجع التعاون مع الصناديق التنموية العربية خلال الشهور الماضية؟
نصر: توجد علاقات استراتيجية خاصة مع جميع الصناديق والمؤسسات العربية سواء الصندوق الإنمائى العربى والسعودى للتنمية والكويتى للتنمية وأبوظبى للتنمية، والصناديق العربية تمول مشروعات الكهرباء والنقل والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومشروعات الرى والصرف الصحى وتعهدت الصناديق العربية بتقديم 6 مليارات دولار على هيئة قروض لتنمية شبه جزيرة سيناء خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وفى الوقت الحالى تعمل وزارة التعاون الدولى بالتعاون مع عدد من الوزارات على الانتهاء من إعداد الملفات الخاصة بالمشروعات التنموية لتقديمها للصناديق العربية للحصول على تمويلات فى أسرع وقت.
*ما هى آليات التنسيق مع وزارة المالية والبنك المركزى عند الحصول على قروض جديدة؟
نصر: التنسيق مع وزارة المالية يتم بشكل أساسى لتدبير الفجوة التمويلية التى تحتاجها مصر بالإضافة إلى الحصول على قروض مساندة للموازنة العامة للدولة، بالإضافة إلى التنسيق مع البنك المركزى لأن القروض التى تحصل عليها مصر تتم عبر البنك والذى يحصل عليها بالعملة الأجنبية ويقوم بصرفها للوزارات المعنية بالعملة المحلية، كما أن «المركزى» مسئول عن سداد الدين بجانب وزارة المالية لذا يتم التنسيق بشكل مستمر حول الاتفاقيات التمويلية ومتحصلات القروض.
*التعاون الدولى ضمن وزارات المجموعة الاقتصادية.. كيف ترين الوضع الاستثمارى فى مصر؟
نصر: مصر يجب أن تكون منافسا استثماريا لبلدان المنطقة خاصة أن المستثمر دائماً يسعى لتعظيم أرباحه والسوق المصرى كبير جدًا، إلا أنه يحتاج إلى حوافز بسيطة متمثلة فى البنية الأساسية، وتحسين مناخ وبيئة الأعمال، وتيسير الحصول على القروض لمشروعات القطاع الخاص من مؤسسات التمويل الدولية، وسهولة دخول وخروج رؤوس الأموال.
*وما هو دور وزارة التعاون الدولى فى تحسين البيئة الاستثمارية وفقًا للعوامل التى تتحدثين عنها؟
نصر: نقوم حالياً بمسح عن بيئة الأعمال فى مصر يتضمن التحديات التى تواجهها سواء من حيث ضعف كفاءة العمالة أو البنية الأساسية، بالإضافة إلى الدراسات الضريبية، كما أن الدراسة لن تتم على القطاع الخاص فقط، ولكن ستمتد إلى شركات قطاع الأعمال العام والمشروعات غير الرسمية لدمجها فى الاقتصاد الرسمى.
وقام البنك الدولى والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار وبعض مؤسسات التمويل الدولية بإعداد تقرير عن بيئة الأعمال فى مصر إلا أنه اعتمد على بيانات قديمة ترجع إلى عامى 2013 و2014 ومصر فى تلك الفترة كانت تمر باضطرابات سياسية، والوضع الحالى اختلف تماماً عن فترة الدراسة السابقة.