الالتزام بأنظمة تتبع المنتج عبر سلسلة التبريد يحد من فرص الاحتيال
73% نمو سوق الأطعمة الحلال 2050
يولد النمو الكبير فى سوق الأغذية الحلال فرصاً لجميع اللاعبين فى قطاع المواد الغذائية ولكن الثقة فى الأغذية الحلال هشة، فلم يعد مجرد اعتماد علامة حلال على السلع مرضياً للمستهلكين؛ بسبب إمكانية لجوء الشركات للدعاية الكاذبة أو الغش الغذائي.
ولذلك تزداد أهمية تبنى الشركات لاستراتيجيات ذكية لتحسين فرص الحصول على المواد الخام، وضمان سلامة الأغذية الحلال، والجودة والنزاهة، وتنمية المواهب اللازمة لبناء الثقة فى هذه الصناعة العالمية المزدهرة.
ويشير تحليل نشره موقه بى دبليو سى الماليزى إلى أن الجميع يعلم الممارسات الجيدة مدونة على الملصقات الغذائية عند التسوق فى البقالة، ولكن بخلاف أى وقت مضى يقفز للذهن فوراً إمكانية أن تكون المكونات المذكورة فى البنود فى قائمة التسوق الخاصة بك عرضة لغش الطعام وهذا يشمل البنود التى يتم تسويقها على أنها حلال، ولكن قد لا تحتوى فى الحقيقة على المكونات الحلال.
ففى المملكة المتحدة العام الماضى قدم مورد اللحوم ملصقات تحمل العلامات التجارية «حلال» لكن مؤخراً حوكم الجزار المورد للشركة بتهمة غش الطعام عندما كشف الفحص المخبرى أن اللحم المفروم لحم الضأن مخلوط بلحوم بقر رخيصة غير معلومة المصدر.
وتعتبر مثل هذه الحالات مثيرة لقلق المستهلكين، الذين يتخذون وسائل الإعلام الاجتماعية منصة للتعبير عن مخاوفهم على صحة الأغذية الحلال. ويرغب العملاء فى معرفة العمليات ذات الصلة حيث يطالبون بالشفافية لدى اتخاذ إجراءات ضد المطاعم والموردين وتجار التجزئة الذين لا يستوفون الحد الأدنى من المتطلبات. ورداً على هذه المخاوف قامت السلطات الرقابية بتكثيف عمليات التفتيش وفحص المواد الغذائية التى تباع على أنها حلال.
وتعتبر آثار عمليات الغش بعيدة المدى نظراً لأن المجتمع المسلم يمثل 23% من سكان العالم فى عام 2010، ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 73% بحلول عام 2050. وعلى الصعيد العالمى، فإن المسلمين هم أكثر مراجعة للطعام الذى يأكلونه ولمن يختارونه للشراء منه.
وتعنى كلمة «حلال» فى القوانين الغذائية الإسلامية حرفياً الأغذية المسموح للمسلمين بتناولها كطعام أو شراب. ومع ذلك فالطعام الحلال يتجاوز مجرد أن يخلو الغذاء من لحم الخنزير حيث يتخطى ذلك إلى مجموعة متنوعة من الأشكال مثل الأغذية المعدلة وراثياً، والجيلاتين، والكولاجين، والإنزيمات، والنكهة، والمواد الحافظة، والمكثفات والمثبتات. فكلمة حلال تشير الى الحكمة من وضع قيود على الأطعمة التى قد تكون ذات نوعية رديئة أو المضرة بالصحة الجسدية.
ومع زيادة الوعى والطلب على الأغذية الحلال، فإن الموردين وتجار التجزئة والمطاعم بصدد إعادة تقييم سلاسل التوريد الخاصة بهم لضمان الثقة فى معايير الحلال من المزرعة إلى المائدة. وتعتبر المزرعة هى المكان الذى يصبح الأهم فى عملية التتبع الغذائى بما يسمح للشركات بتتبع أصول المنتجات التى تقوم ببيعها وتقليل المخاطر من خلال قدرتها على العزل المبكر للأطعمة المتضررة بسرعة إذا كان هناك مشكلة، وحماية المستهلك واستمرار الأعمال بنجاح.
فعلى سبيل المثال أدرك منتج خضروات فوائد كبيرة لتتبع المنتج عندما اكتشف حادث تلوث لمنتج عليه «باركود» يتضمن البيانات المهمة مثل أرقام وتواريخ الإنتاج فعندما لجأت الشركة فى وقت لاحق لسحب المنتج وفق المعلومات المخزنة فى الباركود كانت قادرة على تحديد المنتجات المصابة وسحبها دون السليم، وبالتالى قلصت من الخسائر ففى حال عدم امتلاك الشركة لنظام سليم للتتبع، فإنها كانت ستضطر لسحب جميع منتجاتها من السوق، ما يكلفها وقتاً أطول وتكلفة اعلى، بالإضافة الى توسيع نطاق الضرر بسمعة العلامة التجارية الخاصة بها.
فى سياق نظام تتبع السلع الحلال هناك ثلاثة مكونات لهذه العملية الحلال تشمل: صدور شهادة صحية بذلك، وشهادة اللوجستية الحلال وشتهادة تتبع الغذاء الحلال، وجميعها ضروية.
وتصدر الشهادة الصحية للمنتجات الحلال عن السلطات المختصة مما يسمح للمستهلكين بالتحقق من صحة منافذ بيع الطعام الحلال، أما شهادة اللوجستية للمنتجات الحلال فتضمن سلامة نظام النقل والمستودعات والثلاجات المستخدمة (لضمان عدم التلوث من العناصر غير الحلال مثل دهن الخنزير مثلاً)، وبالنسبة لشهادة تتبع المنتج فهى شهادة بوجود أسلوب منظم لتتبع الطعام الحلال عبر سلسلة التوريد بداية من المواد الخام مروراً بعمليات التصنيع وصولاً إلى السلع تامة الصنع لضمان الامتثال لمتطلبات الحلال حيث يمكن تسجيلها وفحصها عبر سلسلة التوريد.
ويعتبر نظام التتبع الحديث للطعام الحلال باستخدام تقنية التعرف على المصدر باستخدام ترددات موجات الراديو هى الأفضل لتحديد مسار السلع من أرض المصنع إلى أرفف محلات التجزئة. وهى على العكس من علامات الباركود لا يتم تزويرها وتتفاعل به بسهولة لأنه لا يمكن حجب معلوماتها.
ومع وصول السوق الحلال إلى 16% من قطاع الأغذية العالمية فى عام 2015 الذى يقدر قيمته بحوالى 1.4 تريليون دولار سنوياً تبزغ فرص استثمارية جديدة للشركات واقتصادات الدول.
ونظراً للطبيعة العالمية لهذا النشاط فإن فكرة توحيد شهادة الحلال فى الأسواق فى الشرق الأوسط وآسيا كانت واحدة من الموضوعات الرئيسية التى نوقشت فى مؤتمر الحلال الدولى لعام 2016 فى ماليزيا.
وتخدم هذه الفكرة أيضاً نمو الطلب على نقل المعرفة والصناعة للمساعدة على تطوير الممارسات والإجراءات الحلال فى دول اخرى تسعى لخوض المنافسة. وتسعى مؤسسات كثيرة للحصول على المشورة بشأن البرامج والأطر التى يمكن أن تساعد على خدمة وفتح فرص الأغذية الحلال فى الأسواق المحلية وأسواق التصدير فى بلدانها.
وتأمل الشركات الكبرى فى أنه يمكنها الحصول على حصة من سوق الأغذية الحلال، لكنها فى حاجة إلى المهارات والموارد اللازمة للدخول بنجاح فى السوق المتنامى بسرعة وبناء ثقة المستهلك فى سلامة طعامهم الحلال.