مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق:
شعبية الرئيس هبطت.. ولكن غالبية المصريين مازالت لديهم ثقة فيه الأزمة الاقتصادية صعبة
.. والغلاء يطحن الفقراء.. والحكومة غير حاسمة هناك ضغوط من بعض الدول بألا يكمل «السيسى» دورته
الاحترازات الأمنية تجاه عمل الأحزاب مبالغ فيها
بعض النخب والصحفيين يضخمون الأمور بشأن ملف الحريات
لا أحبذ سيطرة الجيش على النشاط الاقتصادى للبلاد
لدينا تنازع اختصاصات بين الأجهزة الرقابية وليس صراع بين المؤسسات
أطالب الرئيس بإعادة ترتيب الحياة السياسية فى مصر
«السيسى» يريد انتخابات رئاسية حقيقية.. وليس استفتاء شعبياً
هناك مشكلة فى عدم وجود منافس لـ«السيسى» الانتخابات المقبلة
لا توجد مصالحة مع الإخوان وقيادات الجماعة لا تفكر فى مراجعة أفكارها
مصر لم تعد لاعباً رئيسياً بالمنطقة.. والسعودية تتصدر المشهد
هناك أصوات فى أمريكا وبريطانيا مازالت تطالب بعودة الإخوان للحكم
إسرائيل كانت ذكية فى تعاملها مع «السيسى».. و«حماس» تحولت إلى مخلب لتركيا وقطر
لم أطالب بتأسيس حزب يرأسه «السيسى».. الدستور يحظر ذلك.. وتجربة «الوطنى» اندثرت
أمريكا تنسحب من المنطقة وروسيا تتعامل ببراجماتية.. وإيران خطر على العرب
الأوضاع فى مصر ليست على ما يرام.. أجراس الخطر تدق فى الداخل والخارج تحذر من تردى الأوضاع فى بلد يشعر الجميع بأهميته على الساحة الدولية والاقليمية لا أحد يريده ان يغرق حتى أعدائه لا يريدون ذلك ولا يريدون أيضاً ان ينهض وقراءة المشهد الراهن فى مصر تبدو مظاهره فى مشهد سياسى ساخن وأزمات اقتصادية يصاحبها موجات غلاء تطحن الفقراء وتهدد باضطرابات اجتماعية ومتغيرات اقليمية لا يعلم أحد نتائجها حتى الآن.. كل ذلك يجعل قراءة المشهد فى مصر من الأمور الصعبة لأنها تثير الكثير من الجدل على المستويين الدولى والداخلى ونسبة كبيرة من الجدل انحصرت حول مصير فترة رئاسة الرئيس «السيسى» وهل سيكمل مدته وهل سيترشح لفترة جديدة وهل الأزمات التى صاحبت العامين الماضيين من ولايته هو المسئول عنها وهل يمكن أن يستجيب ويغير من سياساته ويخرج بالبلاد من عنق الزجاجة؟
كل هذه التساؤلات تحتاج لأصحاب رؤى بما لهم من خبرات أن يحللوا هذا المشهد ويحاولوا الإجابة عن هذا الجدل وعن مستقبل هذا البلد.. من هؤلاء الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق والكاتب السياسى المخضرم الذى عاصر رؤساء مصر السابقين وكان قريباً من الرئيس مبارك وله مواقف سياسية معروفة وهو صحفى من الطراز الفريد رغم انه قارب الثمانين عاماً فإنه مازال يمارس عمله فى إجراء الحوارات وحضور الندوات والمؤتمرات.. يتمتع بمصداقية لدى كثير من النخب فى مصر.. هو يقول انه صحفى جورنالجى يكتب لنفسه ولقرائه لا يكتب لنظام معين.. تاريخ مكرم محمد أحمد يجعله مقصداً وهدفاً لمن يريد أن يفهم ما يجرى فى مصر وإلى أين تسير الأمور.. فالرجل ليس محسوباً على أى تيار سياسى هو مثلنا يبحث عن حقيقة الأمور.. ومعه ومن خلال ذلك الحوار نحاول أن نقرأ المشهد الراهن فى مصر..
¶ كيف ترى المشهد الراهن فى مصر؟
¶¶ المشهد فى مصر الآن يمثل أزمة اقتصادية صعبة والغلاء يطحن الناس وحكومة غير حاسمة فى كثير من الأمور وكثيرة التردد فى قراراتها.. ولكن غالبية المصريين لديهم ثقة فى الرئيس «السيسى» ربما تكون شعبيته قد هبطت وفقاً لاستطلاع مركز بصيرة بنحو %19.. إلا أن غالبية المصريين لديهم الرغبة فى ان يعطوا للسيسى فرصة أخرى لأن لديهم قناعة انه سيخرج بهم من عنق الزجاجة.. خاصة إذا نظرنا أن «السيسى» لم يرتكب اخطاء فادحة فى العامين الماضيين من فترة حكمه.. هناك وجهات نظر تختلف على بعض القرارات أو المشروعات مثل مشروع قناة السويس والعاصمة الإدارية ووجهات النظر تدور حول جدوى وتوقيت هذه المشروعات فى هذه الظروف.. ولظروف التجارة العالمية على سبيل المثال لم تحقق قناة السويس الهدف المأمول لها بعد التوسعات وكذلك العاصمة الإدارية مشروع كبير وله أهميته ولكنه يستهلك أموالاً ضخمة هذه بعض الأمور التى يختلف عليها البعض مع الرئيس «السيسى» إضافة إلى ذلك جزيرتى تيران وصنافير ولكن هذه الجزر بكل عوامل الجغرافيا والتاريخ والوسائل الموجودة تؤكد ان الجزيرتين سعوديتان والتقرير الأخير للجمعية الجغرافية المصرية أكد سعودية الجزيرتين.
وبالتالى.. إن الاختلافات ليست ضخمة حول سياسات «السيسى» فى المجمل والمصريون فى غالبيتهم مازالوا يثقون فيه ويأملون فيه خيراً.
أما على المستوى الدولى فقد كانت هناك تحفظات من بعض الدول على ما جرى فى مصر بعد 30 يونيو وعلى سبيل المثال الولايات المتحدة فإنها بنظرة براجماتية بدأت تغير فى نظرتها لمصر الآن هناك اعتراف أمريكى بمصر وان مصر جزء مهم من العالم العربى واستئناف للعلاقات العسكرية وتحديداً المساعدات العسكرية وحالياً هناك تعايش وتفاهم واضح بعدما كانوا قد منعوا السلاح والذخائر عن مصر مع العلم بأن غالبية سلاح الجيش المصرى أمريكية.
وبالنسبة للعلاقة مع الاتحاد الأوروبى فتبدو فى مجملها جيدة وكذلك مع العالم العربى باستثناء الخلاف المصرى – السعودية تجاه سوريا.. إذاً مصر ترى أنها تقف بجانب الدولة السورية الموحدة وضد تمزيق وتقسيم سوريا.
وصحيح ان المعونات العربية لمصر لم تعد كالسابق ولكن ذلك يعود للمشكلات الاقتصادية التى تواجه دول الخليج بانخفاض أسعار البترول.
وعلاقات مصر بإسرائيل حالياً طيبة لأن الإسرائيليين كانوا أذكياء فى تعاملهم مع «السيسى» فلم يعترضوا على جهوده فى محاربة الإرهاب وسمحوا بدخول أسلحة ثقيلة فى سيناء.. على العكس بادرت حماس بمعاداة مصر لأن حماس جزء من جماعة الإخوان المسلمين على الرغم من ان مصر فى عهد الرئيس مبارك قبلت التعامل معها ودخلت فى حوارات المصالحة الفلسطينية وسمحت لحماس بالوجود فى القاهرة.. والآن جعلت حماس نفسها مخلب قط لقطر وتركيا.. فهى لم تكن ذكية فى تعاملها مع مصر وكان عليها ان تدرك حجمها ولا تدخل فى مشاكل مع مصر.
¶ هناك قلق عام من التضييق على الحريات والممارسة السياسية.. بماذا تُعلق؟
¶¶ هناك قلق لدى بعض الصحفيين والنخبة بشأن حرية الصحافة وسوء فهم لعبارات الرئيس «السيسى» حول علاقة عبدالناصر بالصحافة.. ولكن هل تمت مصادرة صحفية أو منع كاتب من الكتابة.. وهناك أصوات معارضة وتيارات سياسية والضرورة تقتضى وجود معارضة حقيقية والواقع يقول إن الخير المحيط بالأحزاب من جانب الأمن مبالغ فيه لأن الأمن يهدف لحماية أمن النظام ولذلك فإن معاييره وأموره الاحترازية قد يكون مبالغاً فيها فى حماية أمن النظام.
¶ طرحت فى أحد مقالاتك مؤخراً ضرورة إنشاء حزب موالٍ للرئيس وحزب معارض.. ماذا تعنى بذلك؟
¶¶ طرحت ضرورة تغيير المشهد السياسى الراهن بإقامة حياة سياسية سليمة على غرار الديمقراطية الغربية يحدث فيها تداول حقيقى للسلطة وتضمن انتخابات نزيهة.. اما أن يفهم البعض أننى أطالب بحزب يرأسه «السيسى» فلم أقصد ذلك والدستور يحظر ذلك.. فالرئيس «السيسى» ليس أمامه سوى فترة ولاية أخرى واعتقد ان الرئيس لن يغامر بطلب تعديل الدستور لزيادة فترة الرئاسة.. ومن هنا أرى ان وجود «السيسى» فرصة جيدة لإعادة ترتيب الحياة السياسية وليس لعودة الحزب الوطنى كما فهم البعض فالحزب الوطنى انتهى واندثر ولن يعود وقياداته اختفت أيضاً.. وفى الوقت نفسه أنا لا أدعو لتكرار تجربة الرئيس السادات بتشكيل منابر سياسية فلقد أخطأ «السادات» واخطأ ابراهيم شكرى عندما فتح حزبه للإخوان.. اننى أدعو لممارسة سياسة حقيقية لا مانع من أحزاب موالية للنظام ولكن لابد من وجود معارضة قوية ولدينا بعض الأحزاب يمكن أن تمثل المعارضة.
وكل هذا التغيير لا يتم فجأة وبالمصادفة لابد من إعداد المسرح السياسى لهذه العلاقات الجديدة بين القوى السياسية التى تعتبر نوعاً من تداول السلطة وترسخ من نزاهة الانتخابات.
¶ ما تعليقك على ما يتردد بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة وصعوبة وجود منافس أو بديل للرئيس «السيسى»؟
¶¶ مشكلة من ينافس «السيسى» فى الانتخابات المقبلة مشكلة حقيقية لأنى أعتقد أن حمدين صباحى المرشح الرئاسى السابق سيلعب الدور نفسه.. لذلك لابد من الخطوة الجريئة لكسر هذا الجمود ولا أدرى كيف يحدث ذلك ولكن هذا أحد النواقص السياسية ولابد أن نعترف بها.. واعتقد ان الرئيس اذا ما خاض الانتخابات فإنه يريد انتخابات حقيقية وليس استفتاءً شعبياً والانتخابات الحقيقية تتطلب وجود منافسين.
ونأمل حين يأتى وقت الترشيح وجود منافسين ولدينا معارضون.. ويجب على من يريد ان يخوض هذه الانتخابات أن يكون جريئاً ولا يخشى مزاعم الاغتيال المعنوى وحملات التشويه.
¶ وما تعليقك على ما يتردد بعدم استكمال «السيسى» لفترة رئاسية؟
¶¶ اندهشت من هذا الأمر فمن هؤلاء الذين يطالبون بعدم استكمال «السيسى» لمدته وما وزنهم السياسى أو شعبيتهم ولم يحدث فى تاريخ الصحافة أن صحيفة أو أخرى تطالب بألا يكمل «السيسى» دورته وهذا أمر غريب من هذه الصحف رغم عالميتها ولكن هناك على ما يبدو ضغوط من بعض الدول بألا يكمل «السيسى» دورته فهناك آراء فى أمريكا وبريطانيا ترى انه من الأفضل لمصر ان يحكمها الإخوان المسلمون لأنهم يرون فى الإخوان شريكاً يستطيعون التعامل معه كما أنهم يعتقدون أن حكم الإخوان سيحقق الاستقرار للأوضاع وان الإخوان قوة مؤثرة اقتصادياً هذا ما يعتقده الغرب ولكن فى المقابل المصريون لديهم تجربة مرة مع الإخوان على أثرها قاموا بإسقاط حكم الإخوان فكيف تفرض على هؤلاء المصريين المصالحة مع الإخوان ومشاركة الإخوان فى الحكم؟
¶هل هناك مبادرات مصالحة بين النظام والإخوان؟
¶¶ لا توجد مصالحة، الإخوان لا يتحدثون عن المصالحة ولا يجهزون لها ولم يحدث ان احد قياداتها دعا لها بل اتجهوا للمزيد من التطرف حتى أجيالهم الجديدة.. وكان الكثير يعتقدون بحدوث مراجعات داخل الجماعة كما حدث مع الجماعات الجهادية فى التسعينيات ولكنهم ضد المراجعات لأنهم لو فتحوا باب المراجعة سيدان غالبيتهم فى أسباب فشلهم فى الحكم بسبب قلة الخبرة فى الحكم وعدم إيمانهم بالديمقراطية والتصلب فى الرأى وفى عمق أيدلوجيتهم.. ومشكلة الإخوان انهم لم يدركوا أن الشعب المصرى قد تغير بعد 25 يناير وانه لم يتحملهم بأفكارهم الغريبة فخرجوا ضدهم فى 30 يونيو.
¶ ما رأيك فى سيطرة الجيش على النشاط الاقتصادى فى مصر؟
¶¶ أنا لا أحبذ وجود هذه السيطرة ليس خوفاً من الجيش ولكن خوفاً على الجيش فالتحديات التى تواجه الجيش كبيرة ومن الأفضل أن يركز فى مهامه الأساسية وهى الدفاع وحماية حدود الوطن والاحصاءات شبه الرسمية تشير إلى ان النشاط الاقتصادى فى حدود %20 من إجمالى الاقتصاد القومى.. ولكن المؤكد أن نسبة كبيرة من أراضى الدولة تحت سيطرة القوات المسلحة.
¶ هل أنت راضٍ عن آلية اختيار الوزارات بواسطة الأجهزة الرقابية؟
¶¶ للأسف هذه الأجهزة تأتى لنا بأسوأ الاختيارات يأتون لنا بأشباه وزراء أياديهم مرتعشة يكذبون على الشعب ولا أحد يحاسبهم.. ومشكلتنا ان لدينا أجهزة رقابية كثيرة متصارعة الكل يلعب نفس الدور وما يحدث ليس صراع مؤسسات كما يدعى البعض ولكنه تنازع اختصاصات.
¶ هل هناك أزمة كبيرة فى العلاقة بين الشباب والسلطة فى مصر؟
¶¶ بالتأكيد هذه الأزمة موجودة بسبب اختلاف الأفكار وغياب الدور السياسى للأحزاب وكثير من المؤسسات التى تتعامل مع هؤلاء الشباب الغاضب.. ولكن أرى ضرورة وجود هذه الكتلة الصلبة لمواجهة أى نظام ينحرف نحو الاستبداد أو الديكتاتورية.
¶ كيف ترى دور مصر الاقليمى فى ظل المتغيرات السياسية والعسكرية بالمنطقة؟
¶¶ مصر لم تعد لاعباً رئيسياً بالمنطقة بسبب الظروف التى مرت بها بجانب أن هذه الحقبة هى حقبة سعودية تسيطر فيها على القرار العربى.
ولكن أنا راضٍ عن موقف مصر من الأزمة السورية ووقوفها بجانب سوريا الموحدة لا المنقسمة.
وأرى ان هناك تغييرات تحدث بالمنطقة الأمريكان ينسحبون من المنطقة بعدما أصبح البترول غير محفز للوجود بالمنطقة بظهور طاقات أخرى بديلة للنفط جعلت من البترول مرتبة ثانية بجانب ان هناك فشلاً واضحاً لسياسات الرئيس أوباما فى إدارته للعلاقات بمنطقة الشرق الأوسط ولكن لا يعنى ذلك ان أمريكا مازالت هى أقوى دولة فى العالم ويكفى ان نعلم أمريكا بسبب سياسة أوباما هى التى دبرت 25 يناير فى مصر وهذا ما ذكرته هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة وقاله الرئيس الروسى بوتين عندما اتهم أمريكا بالسعى لتدمير مصر.. أما عن الدور الروسى بالمنطقة فإن الروس لديهم تجارب سابقة بالمنطقة ويتعاملون معها بحذر لانهم لم يحصلوا منها مثلما حصلت أمريكا ولذلك هم يتعاملون الآن ببراجمايتة أين مصالحهم أولاً.
وبالنسبة لإيران فإنها تشكل خطر فى المنطقة وانظر إلى نفوذها فى لبنان وسوريا واليمن والعراق، فهناك تناقض بين مصالح إيران ومصالح العرب ولابد من الحوار خاصة أنه جار مسلم ويجب البحث عن مصالح مشتركة يلتقى عندها العرب وإيران لا ان نعظم من الصراع التاريخى لأطماع فارس فى المنطقة العربية.
¶ هل أنت قلق على مصر؟
¶¶ مصر باستعراض التاريخ لديها ميزة انها فى أوقات المحن والأزمات تستطيع أن تصحح نفسها بنفسها.. فمصر لا تتحمل صراعات أو نزاعات عرقية ولم يحدث أن كان بها حرب أهلية ولن يحدث.
الأوضاع فى مصر ليست على ما يُرام.. المشهد السياسى ساخن وأزمات اقتصادية يصاحبها موجات غلاء تطحن الفقراء.