وزير الموارد المائية والرى لـ«البورصة»:
المكاتب الاستشارية مسئولة عن وضع حلول تحمى حصة مصر من التأثير السلبى للسد الأثيوبى
120 مليون دولار حجم الأعمال المائية بين مصر وأفريقيا خلال 23 عامًا
9 وزارات تعمل على زيادة نصيب الفرد من المياه بعد تراجعه إلى 370 متر مكعب سنويًا
تطوير وتنفيذ مخرات السيول بعدد من المحافظات بالتعاون مع صندوق «تحيا مصر»
الانتهاء من حفر 1000 بئر بالمرحلة الأولى لمشروع 1.5 مليون فدان
وضعت وزارة الموارد المائية خطة عمل خلال الفترة المقبلة تقوم على تطوير منظومة الرى وترشيد استهلاك المياه بعد انخفاض معدل ما يحصل عليه الأفراد سنوياً من المياه بنسبة 37% عن معدلات الفقر المائى العالمية.
وقال الدكتور محمد عبدالعاطى وزير الموارد المائية والرى فى حوار لـ«البورصة»، إن المكاتب الاستشارية التى تم الاتفاق معها لتقييم آثار سد النهضة الأثيوبى ستتولى تحديد الحلول المطلوبة لتجنب أى آثار سلبية قد تنتج عن تخزين المياه خلف السد.
*ما هى خطة الوزارة لتطوير منظومة الرى؟
عبدالعاطى: الوزارة تعمل منذ سنوات على مشروعات تطوير الرى فى الأراضى القديمة من خلال تطوير المساقى والترع الفرعية وتشكيل روابط مستخدمى المياه للمشاركة فى إدارة تلك الترع.
وعملية التطوير والعمل بالمشروعات مازالت مُستمرة لتغطى جميع الأراضى القديمة، وفى الوقت نفسه تعمل الوزارة على إيجاد آليات لتحويل طرق الرى فى جميع الأراضى الجديدة لاستخدام الرى بالرش والتنقيط كما هو محدد فى القانون وليس بالغمر مثلما هو متبع الآن فى بعض المناطق.
* ما هى خطة الوزارة لمواجهة السيول فى المحافظات المختلفة بعد أحداث العام الماضى؟
عبدالعاطى: وزارة الرى أعدت خطة عاجلة لمنطقة غرب الدلتا للتعامل مع الأمطار والسيول فى حال تكرار أحداث العام الماضى، وجار تنفيذها بالتنسيق بين جميع الجهات المعنية فى الوزارة وخارج الوزارة.
ويتم تمويل خطة العمل من «صندوق تحيا» مصر وميزانية الوزارة، وقامت الوزارة بإنشاء العديد من منشآت الحماية من السيول فى سيناء.
كما أن استراتيجية «الرى» فى التعامل مع ملف السيول فى سيناء تقوم على محورين الأول التقليل من مخاطر السيول على البنية الأساسية والمنشآت والثانى تعظيم الاستفادة من مياه السيول من خلال إنشاء بحيرات صناعية وسدود تخزينية تعمل على تخزين المياه والاستفادة منها للتنمية المستدامة فى تلك المناطق.
* غابت مصر عن أفريقيا ودول حوض النيل لسنوات طويلة.. فما هى رؤية الوزارة لعودة العلاقات والاستفادة منها؟
عبدالعاطى: مصر غابت عن القارة السمراء خلال السنوات الماضية، لكنه لم يكن غياباً تاماً، وكان التعاون يحتاج لمزيد من التواجد وتعمل الوزارة حاليًا على التعاون مع جميع الدول الأفريقية بشكل عام، ومع دول حوض النيل بشكل خاص، فى مجالات الرى وإدارة المياه ويوجد الكثير من مشروعات التعاون الفنى الثنائى مع جميع دول حوض النيل.
وتبلغ قيمة المشروعات المشتركة بين مصر ودول القارة فى قطاع الموارد المائية نحو 120 مليون دولار منذ بداية برامج التعاون الثنائى عام 1993 وحتى الآن، وهى برامج مستمرة بناء على استراتيجية مصر للاستمرار فى تعزيز التعاون الثنائى مع دول حوض النيل.
وتشمل مشروعات التعاون الثنائى العديد من المجالات ومنها مقاومة الحشائش المائية، وإنشاء سدود لحصاد مياه الأمطار، وحفر وتجهيز آبار المياه الجوفية لتوفير مياه الشرب للقرى، وإنشاء موانئ الصيد والتجارة البينية لدول البحيرات العظمى، ودعم إنشاء مراكز الأرصاد والتنبؤ بالفيضان، ودعم إنشاء حقول التجارب لرفع الإنتاجية الزراعية واستخدام الرى الحديث والتكميلى، وإرسال خبراء مصريين فى مجالى الزراعة وتقنيات الرى، وتدريب الكوادر الفنية والمهنية فى مجال الموارد المائية.
* كيف يمكن الاستفادة من فيضان السودان؟
عبدالعاطى: الفيضانات التى حدثت فى السودان معظمها فيضانات وسيول محلية لها تأثير كبير على أماكن سقوطها ولكن ما يصل منها إلى حوض نهر النيل ليس كبيراً، وعلى سبيل المثال نهر «القاش»، وهو أحد الأنهار التى سببت دمارًا كبيرًا فى مدينة كسلا بالسوادن هو نهر موسمى ولا يصب فى نهر النيل.
وما يهمنا فى هذه الفترة هو النيل الأزرق، وما يأتى من الهضبة الأثيوبية والمؤشرات الأولية حتى الآن جيدة، لكنه من المبكر الحكم على حجم الفيضان لهذا العام ويمكن وضع تصور أفضل للفيضان مع نهاية شهر أكتوبر المقبل.
* ما آخر تطورات المفاوضات الثلاثية مع إثيوبيا والسودان وهل تأخر التعاقد مع المكاتب الاستشارية وما تأثير ذلك بعد تجاوز حركة بناء السد 50%؟
عبدالعاطى: «سد النهضة» ملف الدولة المصرية بالكامل وتعمل عليه كافة الأجهزة، وتتولى وزارة الموارد المائية والرى الجانب الفنى من الملف، وتم الانتهاء من مراجعة مستندات التعاقد لتنفيذ الدراسات الفنية بين الدول الثلاث «مصر، وإثيوبيا، والسودان»، إيذانا بتوقيع عقد الأعمال الاستشارية مع المكاتب الفرنسية «بى أر إل» و«آرتيليا» فى أقرب وقت.
*فى حال ثبوت وجود أضرار على دول المصب من بناء سد النهضة.. فما هى سيناريوهات التعامل مع الأزمة؟.
عبدالعاطى: الهدف من الدراسات الفنية التى ستقوم بها المكاتب الاستشارية الدولية هو تحديد الآثار المتوقعة نتيجة بناء السد على دول المصب «السودان، ومصر»، من الناحية الهيدرولوجية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وستوفر الدراسات الحلول والإجراءات المطلوبة لتجنب أى آثار سلبية قد تنتج أثناء ملء وتشغيل سد النهضة.
* ما هو دور الوزارة فى مشروع المليون ونصف المليون فدان؟ وما الذى تم إنجازه فى المشروع؟
عبدالعاطى: مشروع المليون ونصف المليون فدان هو مشروع تنموى متكامل يعمل على استيعاب وإعادة توزيع الزيادة السكانية بمناطق الوادى والدلتا من خلال تنمية متكاملة تشمل زراعة وصناعة وتعدين ومناطق سكنية وترفيهية ومناطق خدمات وسياحة وطرق.
والمشروع يتم تنفيذه على 3 مراحل مختلفة بمعدل 500 ألف فدان لكل مرحلة وتضم المرحلة الأولى على مساحة 172 ألف فدان تستخدم المياه السطحية، أما باقى المساحة والتى تقدر بحوالى 328 ألف فدان فتعتمد على المياه الجوفية.
وبلغ إجمالى الآبار التى تم تنفيذها نحو 1000 بئر من إجمالى عدد آبار المرحلة الأولى البالغة 1312 بئراً، تعمل الوزارة على مراقبة الخزان الجوفى وتحديد عدد ساعات تشغيل الآبار والتأكد من استخدام طرق الرى الحديث لضمان استدامة الخزان الجوفى.
* كيف ترى التغيرات المناخية وتأثيرها على الزراعة فى مصر.. وكيف يمكن مواجهتها؟
عبدالعاطى: التغيرات المناخية أصبحت واقعًا ملموسًا يؤدى لزيادة حدة موجات الجفاف وموجات تساقط الأمطار والسيول وقد لمسنا ذلك فى العام الماضي، خاصة فى محافظات «كفر الشيخ، والبحيرة والإسكندرية».
كما أنها تتسبب فى ارتفاع منسوب سطح البحر وتؤثر على سواحل البحرين «الأحمر، والمتوسط»، وتعمل هيئة حماية الشواطئ على حماية المناطق المعرضة للخطر نتيجة النحر ونتيجة ارتفاع سطح البحر.
وارتفاع درجات الحرارة سيؤدى بالضرورة إلى زيادة الاحتياجات المائية لقطاع الزراعة وتعمل الوزارة على التنسيق مع وزارة الزراعة فى استنباط سلالات جديدة تتحمل الحرارة العالية والملوحة والجفاف أو ذات موسم نمو قصير.
وتستهدف الوزارة تقليص مساحة المحاصيل الشرهة للمياه فى مقدمتها الأرز، وسيطبق ذلك بداية من العام المقبل حيث تم تحديد مساحة الأرز بـ 700 ألف فدان خلال الموسم المقبل.
* دخلت مصر تحت حد الفقر المائى.. فما هى خطة الوزارة لزيادة نصيب الفرد من المياه؟
عبدالعاطى: نصيب الفرد من المياه فى مصر يبلغ الآن حوالى 630 متراً مكعباً سنوياً، بينما يبلغ حد الفقر المائى 1000 متر مكعب سنوياً.
ونتيجة ثبات حصتنا من مياه النيل مع الزيادة المضطردة فى السكان فإن ذلك يؤدى إلى تناقص نصيب الفرد من المياه وللتعامل مع ذلك يتم العمل على تنمية الموارد المتاحة من خلال الاستغلال المستدام للخزان الجوفى وحصاد الأمطار والسيول وتحلية مياه البحر.
لكن الأهم من ذلك هو ترشيد استخدامات الموارد المائية المحدودة المتاحة وتعظيم الاستفادة من كل قطرة مياه وذلك من خلال إعادة الاستخدام فنحن حالياً نعيد استخدام حوالى 13.5 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعى، بالإضافة إلى 6.5 مليار متر من المياه الجوفية السطحية مصدرها المياه المتسربة من الترع والأراضى الزراعية.
* هل توجد خطة لدى الوزارة لترشيد استهلاك المياه سواء المنزلية أو الزراعية؟
عبدالعاطى: إجمالى موارد مصر المائية الحالية يبلغ نحو 60 مليار متر مكعب فى السنة بينما تبلغ احتياجاتنا المائية لمختلف القطاعات حوالى 80 مليار متر مكعب، ما يعنى وجود فجوة تبلغ 20 مليار متر مكعب.
ووضعت الوزارة بالتعاون مع 9 من وزارات خطة قومية للموارد المائية تحدد كيفية الوفاء بجميع الاحتياجات المائية لمختلف القطاعات من خلال ثلاثة محاور رئيسية تعمل على تنمية موارد مائية إضافية، وتعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة.
وتشتمل الخطة على توفير جميع الإجراءات الخاصة بترشيد استخدامات المياه فى جميع القطاعات المنزلية والصناعية والزراعية، إلى جانب مواجهة التلوث وتحسين جودة المياه.
ولكل وزارة إجراءات محددة مسئولة عن تنفيذها تعمل فى النهاية على ترشيد الاستخدام وتحسين نوعية المياه للمساهمة فى الوفاء بجميع الاحتياجات المائية.