اللقاحات الفاسدة قفزت بنسبة النافق لـ80% الشتاء الماضي
45 ـ 50% من المزارع الصغيرة «غير مرخصة»
أزمة الدولار ترفع أسعار فول الصويا والذرة الصفراء
لا تزال المزارع الصغيرة، تلعب دوراً رئيسياً فى صناعة الدواجن، وتمثل أحد أهم عناصرها التى بتوقفها تتوقف الصناعة فى السوق المحلي.
ورغم هذه الأهمية، عانت المزارع طوال 10 سنوات، ولا تزال، من ضعف التنمية الحكومية، منذ ظهور مرض أنفلونزا الطيور فى فبراير 2006.
وتمثل المزارع الصغيرة 70% من طاقة إنتاج الدواجن (50% مزارع تجارية و20% عشوائية)، ودونها لا تستطيع الشركات الكبيرة تلبية جميع احتياجات المستهلكين.
وتواجه المزارع عدة تحديات، فى مقدمتها اللقاحات الفاسدة التى انتشرت خلال الأعوام الخمسة الماضية؛ لضعف رقابة الجهات المعنية على الأسواق (شرطة المسطحات المائية)، ما يمثل عاملاً رئيسياً فى تفشى الأوبئة والأمراض.
وتتلخص مطالبات صغار المربين، فى فصل صناعة الدواجن عن الثروة الحيوانية، لتكون تحت سيطرة اتحاد منتجى الدواجن، ووضع خريطة وبائية للسوق، وبورصة عامة تحكم التسعير فى المحافظات.
كما طالبوا بتوفير العملة الصعبة اللازمة لاستيراد مستلزمات الإنتاج، وتسهيل عملية الانتقال للظهير الصحراوى، والخروج من التكتلات السكنية بتقديم تسهيلات حقيقية من قبل الدولة.
قال ماجد عثمان، مربى دواجن بالدقهلية، التى تعد واحدة من كبرى المحافظات فى النشاط، إن السوق شهد، الشتاء الماضى، نسبة نفوق للدواجن وصلت فى بعض المزارع لـ80%، نتيجة ارتفاع حدة الأمراض مع انخفاض درجات الحرارة.
وأضاف أن استخدام اللقاحات من شأنه القضاء على الأمراض، لكن خلال الشتاء يتم طرح منتجات فاسدة تتسبب فى زيادة انتشار المرض، فى حين أن المزارع التى لا تستخدمها لا تتخطى نسبة النفوق فيها المعدلات الطبيعية.
وأوضح أن عدداً من المربين لا يستطيع التفرقة بين اللقاح الصالح واللقاح الفاسد، ويقع تحت يد الاستغلال فى غياب تام للدولة.
وقال محمد عبدالرحمن، مربى دواجن، إن موسم الشتاء الماضى شهد خسائر متكررة للمزارع الصغيرة، ما تسبب فى خروج نحو 30% من المربين من النشاط، وبالتالى ارتفاع أسعار الدواجن خلال موسم رمضان الماضى، قبل أن يعود جزء من المنسحبين إلى السوق بعد انتهاء موجات البرد.
وأوضح أن عدم السيطرة على الأمراض يجعلها تتوطن أكثر فى سوق التربية، وبالتالى تكبيد المزارع مزيداً من الخسائر باستمرار، ما يهدد الصناعة بالكامل.
وقال عبدالخالق النويهى، رئيس رابطة الدواجن، نائب رئيس الجمعية المصرية لمربى الدواجن، إن الاستخدام الخاطئ للأدوية واللقاحات ينتج «عترات» جديدة من الأمراض بشكل سنوى خصوصاً فى موسم الشتاء.
أضاف أن الدولة يجب أن تتدخل لحل أزمات المزارع بشكل جدى، وعدم الاكتفاء بدور هيئة الخدمات البيطرية التى وصفها بـ«المتراخية»، إذ يقتصر على توزيع الأدوية للشركات.
وتمثل أزمة التراخيص، العنصر الثانى فى قائمة التحديات، نتيجة وضع وزارة الزراعة عراقيل فى الحصول عليها، ما أدى لانتشار العشوائية فى التربية، وبالتالى انتشار الأمراض بشكل أكبر.
وأشار إلى وجود نحو 30 ألف مزرعة صغيرة، 45 إلى 50% منها غير مرخصة، بحسب إحصائيات القطاع الاقتصادى بوزارة الزراعة، و70% منها عشوائية.
قال رؤوف عزام، مربى دواجن بمحافظة البحيرة، إن عدداً من المزارع غير المرخصة تعمل وفقاً لقواعد التربية فى استخدام شروط الأمان الحيوى والأبعاد، خصوصاً المزارع التى يتجاوز إنتاجها 100 ألف طائر فى الدورة الواحدة، لكنها لا تستطيع الحصول على ترخيص التشغيل من وزارة الزراعة.
وأوضح أن بعض المزارع يتحول مع الوقت للقطاع العشوائى، نتيجة انتشار الأمراض وتراكم الخسائر ومستحقات البنوك، بإجمالى مديونيات فاقت 50 مليون جنيه على مدار 4 سنوات ماضية.
وقال توفيق سعيد، مربى، إن نقل المزارع الصغيرة إلى الظهير الصحراوى مستحيل التنفيذ؛ نظراً إلى ضعف القدرة المادية، وتحمل تكاليف شراء أراضٍ مرتفعة الأسعار من الحكومة.
أوضح «توفيق»، أن شراء الأرض قد يكون يسيراً مقابل إدخال المرافق اللازمة للأرض من مياه، وكهرباء، والتى تتكلف أكثر من ثمن الأرض.
وجاءت أزمة ارتفاع تكاليف الإنتاج كعنصر ثالث لتهدد الصناعة، فى ظل اتجاه الحكومة لخفض الدعم على المحروقات بالتزامن مع النقص الحاد فى العملة الصعبة التى أثرت على استيراد مستلزمات الإنتاج.
وقال نبيل صادق، مربى، إن المشكلة أن تكلفة الإنتاج الفترة الماضية ارتفعت بنسبة 35% نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة والمياه على المزارع، ما سبب زيادة فى تكلفة الإنتاج على المربين بنسبة 10%.
وأوضح أن المزارع الصغيرة بلا بنية تحتية وخدمات أساسية كافية، وبالتالى ترتفع فيها التكلفة لعدم قدرتها المادية على استخدام تكنولوجيا حديثة، وفى بعض الأحيان تستخدم السولار لتشغيل مولدات التدفئة فى الشتاء.
أضاف فتحى إبراهيم، مربى، أن أزمة الدولار، رفعت تكلفة الإنتاج أكثر من 25% على المزارع نتيجة ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، وعلى رأسها الأعلاف واللقاحات.
وأوضح أن 90% من مستلزمات الإنتاج مستوردة، منها 70% أعلاف، فى حين تمثل النسبة المتبقية معدات التشغيل.
وتتراوح أسعار فول الصويا وهو أحد مدخلات إنتاج الأعلاف اللازم للصناعة، بين 5250 و5500 جنيه للطن الواحد، مقابل 3.4 ألف جنيه للطن قبل بروز أزمة العملة الأمريكية على الساحة الاقتصادية.
كما ارتفعت أسعار الذرة الصفراء إلى 2700 جنيه للطن الواحد، بعد أن كانت 1400 جنيه.
وأضاف «إبراهيم»، أن أسعار الأعلاف أثرت على تكلفة إنتاج كتاكيت التسمين الفترة الماضية لتصل إلى 7 جنيهات، رغم أن نسبة المعروض طبيعية، ولا يوجد نقص، وبالتالى أعباء جديدة.
قال عبدالخالق النويهى، رئيس رابطة الدواجن المصرية، إن 99% من الاستثمارات العاملة فى القطاع تابعة للشركات الخاصة، التى لا تتحمل البيروقراطية التى يتعامل بها موظفو الدولة.
أضاف أنه يجب البدء فوراً فى عمل خريطة وبائية للسوق بالكامل عن طريق حصر المزارع، وأخذ عينات منها للتوقف على أنواع عترات الأمراض المحلية التى لا تتوافق معها اللقاحات المستوردة، وكذلك عمل مصنع لإنتاج اللقاحات، تحت يد اتحاد المنتجين.
وقال محمد جودة، مربى، إن المزارع تعانى سيطرة السماسرة والوسطاء على القطاع بوضع أسعار خاصة فى فترات ارتفاع المعروض لتحقيق هامش ربح أعلى من خلال عمولة التجار، وبالتالى يجب إنشاء بورصة تتحكم فى الأسواق بشكل كامل وتعميم أسعار موحدة على جميع المحافظات.
وطالب «جودة»، بدعم المربين وتفعيل صندوق التعويضات الذى تسيطر عليه وزارة الزراعة، فى حالات انتشار الأمراض وارتفاع حالات النفوق، التى يُعد إهمال الوزارة المتسبب الرئيسى فيها.
وقال سيد المحمدى، مربى، إن المزارع أعلنت رفضها فكرة النقل التى أعلنتها وزارة الزراعة واتحاد منتجى الدواجن خلال الفترة الماضية، دون وجود تسهيلات حكومية واضحة ومحددة زمنياً.
وأضاف أن المزارع تحتاج إلى الإعفاء من المديونيات، ومنحها قروضاً بفوائد بسيطة وتسهيلات سداد تصل لـ5 سنوات، بالتزامن مع بدء الحكومة الإجراءات اللازمة لاستخراج تراخيص الأراضى الجديدة وإدخال المرافق لها، لتستطيع إتمام عملية النقل.