لا شك أن مشاركة الرئيس السيسى فى ختام الحوار الوطنى السودانى أمر طيب ويبرهن على حرصه على عودة العلاقات المصرية السودانية إلى طريق التوأمة والتكامل مرة أخرى.
وقد أشاد الرئيس بالحوار الوطنى بين الأحزاب السودانية والحكومة داعياً أبناء السودان ليكونوا على قلب رجل واحد لإنجاز ما تم الاتفاق عليه فى الحوار الوطنى.
وهذا الحوار شارك فيه 79 حزباً و319 حركة و74 شخصية عامة وسط مقاطعة لقوى المعارضة الرئيسية التى اشترطت تحقيق بعض المطالب كالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وبالطبع رفضت الحكومة فقاطعوا الحوار.
وكانت المبادرة من الرئيس عمر البشير لهذا الحوار بهدف مشاركة الأحزاب والقوى السياسية فى إيجاد حلول للأزمات الداخلية التى تمر بها البلاد، وهذا هدف قومى جيد ودعوة مشكورة من النظام الحاكم أن يشارك الجميع فى حل المشكلات ومواجهة الأزمات جنباً إلى جنب الحكومة.
ومن هنا أعتقد أن الأمر لدينا الآن يتطلب مبادرة من الرئيس السيسى بالدعوة لحوار وطنى يشارك فيه الجميع «أحزاب وقوى سياسية ومنظمات مجتمع مدنى وشخصيات عامة والمفكرون فى جميع المجالات وأبناء مصر فى الخارج» فالواقع الآن فى مصر يقول إننا فى مفترق الطرق، وإن كنا قد وصلنا إلى وضع لا يرضى أحداً اقتصادياً وسياسياً.. ضغوط من الخارج لا يستطيع أحد إنكارها لتركيع مصر وإرهاب فى الداخل من قوى ظلامية وواقع اقتصادى مرير لم يعد أحد قادراً على تحمله خاصة روشتة صندوق النقد الدولى فى المقابل فإن البلاد لا تتحمل أى فوضى أو اضطرابات.
إذاً لابد أن يجلس الجميع ويجتمعون على هدف واحد وهو كيفية إنقاذ مصر.. نحن فى حالة أشبه بحالة الحرب تتطلب تكاتف الجميع وحمل السلاح للجهاد ضد كل مشاكلنا وأعدائنا.
الدعوة للحوار الوطنى من جانب رئيس الجمهورية تؤكد على ديمقراطية الحكم، وأنه يشارك الجميع فى القرار السياسى والاقتصادى للبلاد.
لا أرى أى مشكلة أو ضرر من أن يدعو الرئيس لهذا الحوار لن ينتقص هذا من قدره، بل سيزيد من رصيده لدى النخبة والشعب فى مثل هذه الأزمات لا يجب أن يتحمل وحده المسئولية، فعليه أن يشارك أبناء شعبه فى أن يقوم كل بدوره فى مسئولية نهضة الوطن ليجلس الجميع وكل يعرض من أفكاره وطروحاته بصراحة ووضوح ليس حواراً للدردشة أو التصوير بل حوار يؤكد أن رفعة الوطن هى الهدف وكرامة المواطن ورفع مستوى معيشته هى الغاية.
سيدى الرئيس لقد كنت قائداً للجيش وقت حكم جماعة الإخوان ولم ترض عن حكمهم وكيف كانوا سيأخذون البلاد لمصير مجهول.. فأشركت الجميع معك من مختلف القوى السياسية والدينية لإزاحتهم عن الحكم وخرج الشعب فى 30 يونيو مؤيداً لك.. ورأى فيك الأصلح لحكم البلاد فى هذه الظروف العصيبة.. وتحمل معك الكثير وقدر الناس جهدك.. ولكن قد يخطئ البشر أو تختلف وجهات النظر حول أولويات العمل الوطنى.. ترى أنت أهمية البدء بالمشروعات العملاقة لبناء الوطن ويرى البعض أن الأولوية لسياسات وخدمات أخرى تعود بالنفع على المواطن المنهكة حياته طوال السنوات الخمس الماضية.
وفى المقابل، أرى أن تبادر الأحزاب والنخبة بالإعداد لهذا الحوار وعقد مؤتمرات وندوات وجلسات عمل لمناقشة الأزمات التى تمر بها البلاد وإعداد تصور لحلول لها.. ولا يجب فى رأيى أن تكون هناك شروط مسبقة لهذا الحوار من أى طرف.. بل يجب أن تكون النوايا طيبة ومخلصة من الجميع.
وليعلم الرئيس والقوى السياسية والنخبة أنهم أمام مسئولية تاريخية أمام الله وأمام الشعب بأنه كان فى إمكانهم إنقاذ البلاد من أى أزمات، وأن كلاً منهم غلب مصلحته على مصلحة الوطن ذلك إذا لم يكن هناك حوار.