لم تحظ نجوم «سيليكون فاللي» فى السنوات الأخيرة بحوافز كثيرة لطرح أسهمهم فى البورصة، ودفعت أسعار الفائدة المنخفضة رجال الأعمال إلى الاستثمار المباشر، وتمكنت شركات مثل «أوبر»، و«أيربنب» من جمع مليارات الدولارات من الأسواق الخاصة دون الخضوع للاشتراطات المزعجة مثل الإفصاح المالى والإعلان الفصلى عن نتائج الأعمال، ولكن على مدار العام الماضي، هدأ الزخم فى أسواق الاستثمار المباشر.
وفى ظل هذه الظروف، أدى قرار «سناب شات» للإعداد لطرح أولى للجمهور إلى تعزيز الآمال بأن تحذو شركات التكنولوجيا الرائدة الأخرى حذوها، وتتجه نحو وول ستريت، وإذا حدث ذلك، ستكون مجموعة الطروحات الكبيرة بمثابة اختبار للتقييمات العالية لشركات التكنولوجيا الكبيرة التى ظهرت الآونة الأخيرة.
كما ستسعد شركات الاستثمار المباشر التى تبحث عن مخرج من الاستثمارات التى دخلت فيها بمثل هذه الطروحات.
ولكن قد لا تسير الأمور فى هذا الاتجاه بعدما أعلنت السعودية، أنها سوف تضخ استثمارات كبيرة فى القطاع، وأطلقت صندوقاً تكنولوجياً الشهر الجارى بقيمة 100 مليار دولار بالشراكة مع شركة «سوفت بنك» اليابانية للاتصالات.
وسوف يسهم الصندوق السيادى السعودى بحوالى 45 مليار دولار من أصل المائة مليار، وتشارك مجموعة الاتصالات اليابانية بحوالى 25 مليار دولار، بجانب مسثمرين كبار آخرين يتفاوضون للمساهمة بالقيمة الباقية.
وتعد عوامل الجذب لمثل هذا الصندوق واضحة لمؤسسيه، ويعد للرياض جزء من استراتيجية طموحة لإنهاء اعتمادها على البترول وتنويع اقتصادها، وحتى بالنسبة للسعودية التى يبلغ احتياطياتها النقدية حوالى 550 مليار دولار، فإن المبلغ الذى خصصته للصندوق كبير.
ومع ذلك، وبالنظر إلى العائدات الهزيلة من فئات الأصول التقليدية، لا يعد تخصيص هذا المبلغ من صندوق الثروة السيادى فى مشروع مشترك غير معقول، ويدرك ولى ولى العهد، محمد بن سلمان، قائد الاستراتيجية، جيداً الحاجة إلى شركاء دوليين ذوى خبرة.
ومجموعة «سوفت بنك» لا ينقصها الخبرة، وبالفعل راهنت بشكل كبير على قطاع الطاقة، بما فى ذلك شراء شركة «آرم هولدينج» البريطانية لصناعة الرقاقات الصيف الجاري، وهو ما رفع صافى ديونها إلى 90 مليار دولار، وبالتالى فإن الشراكة السعودية، ورسوم الإدارة التى ستدرها لم تكن لتأتى فى وقت أفضل من ذلك.
ولكن الأمر الأقل وضوحاً، هو كيف سيقوم الصندوق الجديد باستغلال مثل هذا المبلغ الضخم بأفضل الطرق الممكنة، دون أن يتسبب فى إغراق القطاع بالنقدية ورفع التقييمات أكثر.
وإذا وضعنا ذلك بجانب الـ87 مليار دولار التى ضخها قطاع الاستثمار المباشر عام 2014، وهو رقم قياسي، سوف تتضح مخاطر إغراق السوق وخفض العائدات ورفع التقييمات.
ولم تعط «سوفت بنك» الكثير من التفاصيل بشأن أنواع الصفقات التى سيسعى وراءها الصندوق، ولكن من المستحيل استثمار مثل هذا المبلغ بالكامل فى مشروعات لا تزال فى مراحلها المبكرة، أما إذا كانت فكرة الصندوق ترتكز على شراء حصص فى شركات تكنولوجية أثبتت نجاحها، فسوف يوفر بذلك بديلاً مناسباً لبعض الشركات التى تفكر فى طرح أسهمها للجمهور.
وستكون تلك أنباء مرحباً بها لمليارديرات سيليكون فاللى المترددين فى الاستجابة لنداءات وول ستريت، ولكن فى نفس الوقت، سوف يؤخر ذلك جرعة الانضباط السوقى التى يحتاجها القطاع التكنولوجي، ما قد لا يصب بالأخير فى مصلحة السعودية.
وربما من الأفضل أن تقسم السعودية والشركة اليابانية هذا المبلغ على عدد من شركات الاستثمار المباشر الراسخة التى تناضل بالفعل للتدقيق فى مجموعة كبيرة من المتقدمين متوسطى الجودة.
وربما يكون ولى ولى العهد على عجلة من أمره، ومع ذلك، قد لا تؤتى هذه المجازفة الثمار المرجوة منها.
افتتاحية «فاينانشيال تايمز»
إعداد: رحمة عبدالعزيز