المصانع ترفع أسعار السلع لمواجهة ارتفاع التكاليف وزيادة الأجور
10% تراجع صادراتها فى شهر سبتمبر الماضي
قد تكون المصانع الصينية على أعتاب تقديم صدمة جديدة للاقتصاد العالمى بعد سنوات من إضعاف المنافسين بالتكاليف الأرخص، ولكن هذه المرة يمكن أن يتردد صدى زيادات الأسعار فى جميع أنحاء العالم.
ولكى نفهم لماذا؟ علينا النظر فى المعضلة التى تواجه شركة «جيانجمن لاك تيسو» لصناعة المنسوجات التى وقعت الآن فى أزمة بين ارتفاع الأجور وضعف الطلب.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أن الشركة كانت قد قلّصت أعداد الموظفين بالفعل بمقدار النصف وخفضت الأسعار والإنتاج الآلى للبقاء على قيد الحياة. ولكن الآن ومع تراجع هوامش الأرباح فإنها تدرس زيادة الأسعار لأول مرة منذ عام 2010.
وقال روجر تشاو، نائب مدير الشركة الواقعة فى مدينة جيانغمن، التابعة لمقاطعة قوانغدونغ، الجنوبية «لا توجد هناك إمكانية لخفض الأسعار أكثر من ذلك؛ لأن التكاليف أصبحت بالفعل مرتفعة جداً، ولا أرى أى احتمال لانخفاضها فى المستقبل، وأتطلع إلى فرص رفع الأسعار قليلاً».
وأوضحت الوكالة، أن قرارات الشركات مثل «جيانجمن» لوقف خفض الأسعار يزيل مصدر ضغط تراجع الأسعار بالنسبة للاقتصاد العالمي.
وارتفعت أسعار الصناعات التحويلية فى الصين فى سبتمبر للمرة الأولى منذ خمس سنوات، وخرجت أسعار المنتجين أيضاً من المنطقة السلبية.
وأشارت الوكالة إلى أن هذه الارتفاعات من المرجح أن أولئلك الذين سيشعرون بأكبر زيادة فى الأسعار إذا توالت الارتفاعات فى أسعار الصادرات الصينية بصورة ثابتة هم أكبر خمسة أسواق فى العالم لمنتجاتها بداية من الولايات المتحدة وهونج كونج واليابان ثم كوريا الجنوبية والمكسيك.
وقال شين أوليفر، رئيس استراتيجية الاستثمار فى «إيه إم بي» شركة رأس المال فى سيدني، إن عودة الصين إلى النمو الإيجابى فى أسعار المنتجين يمثل نقطة تحول مهمة جداً فى ضغوط انكماش الأسعار للصين والعالم أجمع.
وأضاف أن هذه ليست سوى خطوة واحدة على الرغم من أننا ما زلنا ننتظر الخطوة الثانية المتمثلة فى ارتفاع معدلات التجارة والطلب العالمي.
وسوف تتأثر، أيضاً، البلدان التى تستورد من الصين بشكل كبير بما فى ذلك اليابان التى تقارب وارداتها من الصين نسبة 25% من إجمالى وارداتها وأستراليا بنحو 23%.
وأوضح مايكل بليث، كبير الاقتصاديين فى بنك «كومنولث» أستراليا أكبر مصرف فى البلاد، أن الصين سوف تؤثر على أسعار الواردات الأسترالية؛ حيث إن الكثير منها سلع استهلاكية معمّرة مثل الأجهزة المنزلية وأجهزة التليفزيون ذات الشاشات الكبيرة، مضيفاً أن هذا سوف يضيف إلى مجموعة من المؤشرات التى تفيد بأننا ندور حول نقطة منخفضة من التضخم.
وأفاد المحللون فى مجموعة «جيفريز» المحدودة فى هونج كونج، بأن الصين ربما ستسمح بزيادة معدلات التضخم للتغلب على ارتفاع أعباء الديون كما فعلت فى الماضى، ويمكن أن تبدأ فى تصدير زيادة الأسعار اعتباراً من العام المقبل.
ومن المؤكد، أن الرياح المعاكسة للتضخم ستظل قوية فى ظل الطلب العالمى الضعيف وتحذيرات صندوق النقد الدولي، الشهر الماضى من ارتفاع خطر الانكماش المستمر فى بعض الاقتصادات المتقدمة.
ويؤكد تراجع الصادرات الصينية بنسبة 10% سبتمبر الماضى هذه المخاوف فى الوقت الذى أظهرت فيه الاتجاهات انكماش التضخم الأسبوع الماضى تراجع مؤشر أسعار المستهلكين فى اليابان للشهر السابع على التوالى الشهر قبل الماضي.
وشعرت ساندى تشانغ، المالكة لشركة «أكسين تشن جيفت» الصانعة لكماليات الحمام فى مدينة دونجقوان، بالطلب الضعيف من الأسواق الرئيسية للشركة فى اليابان وأوروبا والولايات المتحدة بشكل حاد.
وأضافت أن المبيعات تراجعت بنسبة 30% منذ عام 2012 فى الوقت الذى زادت فيه الأجور بقدر أربعة أضعاف فى العقد الماضي.
وأشارت فى كلمة أثناء حضورها معرض «كانتون» التجارى، وهو أكبر المعارض التجارية فى الصين إلى أنه من المستحيل خفض الأسعار بدرجة أكبر، وأن السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو رفع الكفاءة وتقليل التالف فى الإنتاج، والمضى قدماً من خلال زيادة عمليات البيع.
وأوضح تيد ويسمان، الاقتصادى لدى «مرجان ستانلي»، أن مؤشر أسعار المنتجين فى الصين سوف يضعف مرة أخرى بعد الربع الأول من العام المقبل؛ لأن الأسباب الجذرية لضغوط انكماش الأسعار سوف تستمر كثيراً.
وأكدت الوكالة، أن ضعف اليوان الصينى هو أيضاً واحدة من القوى الدافعة وراء تحول مؤشر أسعار المنتجين؛ لأنه يدفع ارتفاع أسعار المدخلات من المواد الخام التى تحتاج إليها المصانع الصينية.