الاكتفاء الذاتى يحتاج لزراعة 2.7 مليون فدان مقابل أقل من 270 ألفاً حالياً
تواجه مجموعة «المحاصيل الزيتية» الست، شبح الاندثار، بعد تراجع اهتمام الدولة، ما جعل جدواها الاقتصادية تنتفى بالنسبة للفلاحين، وبالتالى تراجع المساحات الزراعية بصورة واضحة، لتتوجه مصر إلى السوق الخارجى لاستيراد احتياجاتها من الزيت.
وفاقت فجوة احتياجات الزيوت محلياً أكثر من 90%، فى ظل غياب دور الحكومة فى تسويق المحاصيل المنتجة لها وتطويرها لتحقيق الأمن الغذائى، خاصة بعد تراجع المساحات المنزرعة من القطن الذى كان يتصدر قائمة محاصيل الزيوت فى ستينيات القرن الماضى.
وأصبحت مشكلة نقص الزيوت النباتية عبئاً على الميزان التجارى الزراعى فى مصر وميزان المدفوعات، ما انعكس بدوره على مشاكل التنمية الزراعية فى مصر، خاصة فى ظل أزمة الدولار التى يعانى منها جميع قطاعات السوق.
قال الدكتور يحيى متولى، أستاذ الاقتصاد الزراعى، إن تراجع زراعة المحاصيل الزيتية ترتب عليه انكماش فى صناعة الزيوت بعد تراجع الخامات الموردة للمصانع من البذور خاصة «العباد، والصويا» إلى 10.4 ألف طن فقط.
أوضح متولى، أن الحكومة تخلت عن دعم هذه النوعية من الزراعات، ما دفع الفلاح للعزوف عن زراعتها بالتدريج حتى شارفت على الاندثار.
ودفع تراجع المحاصيل الزيتية، مصانع الإنتاج للتعاقد على استيراد كميات ضخمة من بذور العباد والصويا تجاوزت الـ 150 ألف طن سنويًا.
وقال متولى، إن زيادة المساحات المنزرعة من المحاصيل الزيتية تحتاج لخفض تكاليف الإنتاج ورفع أسعار البيع، كما أن محاصيل الخضراوات تعد منافسًا أساسيًا لارتفاع عوائدها المادية، مشيرًا إلى أن الفلاح يبحث أولاً وأخيرًا عن أفضل محصول ماديًا ويتجه نحوه.
وقال مصدر فى وزارة الزراعة، إن مساحات المحاصيل الزيتية بخلاف القطن تراجعت خلال العقود الثلاثة الماضية من 993 ألف فدان عام 1990 إلى 280 ألفا فى 2010.
وانخفضت مساحات محصول عباد الشمس من 73 ألف فدان فى 1993 إلى أقل من 30 ألفا فى 2014، وتراجع فول الصويا من 100 ألف فدان فى 1992 إلى 22 ألفا فى 2013.
وتراجعت مساحة محصول الكتان من 44 ألف فدان فى 1991 إلى 7 آلاف فى 2010، والذرة الشامية من 2.06 مليون فدان فى 1991 إلى 1.7 مليون عام 2013.
وأضاف المصدر، أن الفلاح لم يعد يهتم بزراعة المحاصيل الزيتية لانخفاض عائدها المادى، فى حين أن مساحات الكتان أصبحت صغيرة جدًا، وكذلك محصول عباد الشمس، ومن الواضح أن محصول القطن يتجه إلى نفس المصير.
وقال الدكتور، محمود منصور، أستاذ الاقتصاد الزراعى، إن المشاكل التسويقية للمحاصيل الزيتية ظهرت لعدم وجود جهة مختصة باستلامها من المزارعين، ما أدى لإحجامهم عن زراعتها.
وتراجعت معدلات الاكتفاء الذاتى من الزيوت النباتية الغذائية من 95% فى أوائل الستينيات إلى 60% فى أوائل السبعينيات إلى 30% فى أوائل الثمانينيات، ثم انخفض إلى 13% فى 2009، لتستقر أخيرًا عند 5% فقط فى الوقت الحالى.
وأوضح منصور، أن تحقيق الاكتفاء الذاتى من الزيوت النباتية يحتاج لزراعة نحو 2.7 مليون فدان، وهى متوفرة صيفًا، 2 مليون منها للذرة الصفراء، و700 ألف فدان للمحاصيل الأخرى.
وقال الدكتور حمدى الصوالحى، خبير الاقتصاد الزراعي، إن الدولة يجب أن تتوسع فى زراعة المحاصيل الزيتية، لتوفير الاحتياجات المحلية، خاصة فى ظل ارتفاع الأسعار الحالية، نتيجة أزمة الدولار.
وأوضح الصوالحى، أن الاهتمام بالسلع الأساسية وتوفير احتياجات المستهلكين والبطاقات التموينية بمثابة صمام أمان يقف حائلاً أمام تردى أحوال الطبقة الفقيرة من المجتمع.
وأضاف أن القطن أهم محاصيل البذور الزيتية المُنتجة فى مصر، لكن لا يمكن التحكم فى الكمية المنتجة من زيوته، لأنه ناتج ثانوى عن عملية حلج القطن الزهر، وبالتالى فإن كمية الناتج السنوى منها تخضع لعوامل واقتصادية وفنية، وتتراوح نسبة الزيت فى بذرة القطن بين 18% و20%.
تابع: أن عباد الشمس أهم ثالث محصول زيتى فى العالم، تتراوح نسبة الزيت فيه بين 35 و55%، ويتميز بالجودة وثبات الصفات، كما أن المكسب الناتج عنه بعد استخلاص الزيت قيمته الغذائية مرتفعة، ويصلح للاستخدام فى غذاء الحيوان.
وأضاف أن نسبة الزيت فى الذرة الشامية تتراوح بين 35% و39%، والزيت الخام فى الكتان من 40% إلى 45%.
وأقر خبراء الاقتصاد الزراعى أنه توجد العديد من النباتات الجديدة التى يُمكن زراعتها فى المناطق الجديدة محدودة الموارد المائية مرتفعة الملوحة لتقليل الفجوة الغذائية من الزيوت كنبات «الكانولا».
قال الدكتور مجدى العليمى، أستاذ بقسم الزيوت النباتية فى معهد تكنولوجيا الأغذية، إن نبات الكانولا من أهم محاصيل الزيوت الرئيسية فى أوروبا ويستخدم فى التغذية وصناعة الخبز، وتتراوح نسبة الزيت بين 45 و50%.
وأضاف أن معهد البحوث والاغذية أعد دراسة على نبات الكانولا أكدت على الجدوى الاقتصادية لزراعته.