خفض التضخم إلى 5% على المدى المتوسط والسيطرة على التمويل المباشر للحكومة من البنك المركزى
مراجعة النموذج الرقابى للبنك المركزى وتطبيق اتفاقية بازل 3 لدعم سلامة الجهاز المصرفى وتشجيع المنافسة
زيادة الإيرادات الضريبية 2.5% من الناتج المحلى على مدى فترة البرنامج الاقتصادى نتيجة تطبيق ضريبة القيمة المضافة
خفض النفقات الأولية 3.5% بعد خفض الدعم واحتواء فاتورة الأجور
توجيه 1% من الناتج المحلى الإجمالى إلى زيادة دعم السلع الغذائية والدعم النقدى والتغذية المدرسية
وضع خارطة طريق لإصلاحات معاشات التقاعد ومراجعة أداء السلطات الاقتصادية بصفة مستمرة
تحسين شفافية المالية العامة وتقديم كشف ميزانية لمجلس النواب بتطورات الاقتصاد والمالية العامة مع كل موزنة
تشجيع برامج الوساطة فى مجال توظيف العمالة وبرامج التدريب المتخصصة
زيادة دور الحضانة وتحسين أمان المواصلات العامة لدعم مشاركة المرأة فى سوق العمل
الصندوق يتوقع نمو الاقتصاد 4% واحتياطى النقد الأجنبى 22 مليار دولار والاستثمار الأجنبى المباشر 9.4 مليار دولار العام المالى الحالى
نمو الدين الخارجى 22.9% .. والفجوة التمويلية 16.3 مليار دولار .. وعجز الموازنة 10% من الناتج المحلى الإجمالى
نشر صندوق النقد الدولى ملخص البرنامج المصرى المقدم للصندوق والذى وافق بموجبه على إقراض مصر 12 مليار دولار يوم أمس الجمعة ضمن تسهيل ائتمانى ممدد.
وقال الصندوق إن البرنامج المصرى يقوم على أربع ركائز أساسية هى:
– إجراء تعديل كبير في السياسات، بما في ذلك تحرير نظام الصرف الأجنبي للتخلص من نقص العملة الأجنبية وتشجيع الاستثمار والصادرات، وانتهاج سياسة نقدية تهدف إلى احتواء التضخم، ولقيام بإجراءات للتقشف المالي تضمن وضع الدين العام على مسار مستدام؛
– تقوية شبكة الأمان الاجتماعي عن طريق زيادة الإنفاق على دعم السلع الغذائية والتحويلات النقدية؛
– إجراء إصلاحات هيكلية واسعة النطاق تدفع إلى تحقيق نمو احتوائي بمعدلات أعلى، وزيادة فرص العمل للشباب والنساء؛
– الحصول على تمويل خارجي جديد لسد الفجوة التمويلية.
وفيما يتعلق بالركيزة الأولى من البرنامج فقد قام البنك المركزي في 3 نوفمبر بتحرير نظام سعر الصرف واعتماد نظام صرف مرن. ويقول الصندوق إن الحفاظ على نظام سعر الصرف المرن، الذي يتحدد فيه سعر الصرف تبعا لقوى السوق، سيؤدي إلى تحسين تنافسية مصر الخارجية، ودعم الصادرات والسياحة، وجذب الاستثمار الأجنبي، كما سيسمح هذا للبنك المركزي بإعادة بناء احتياطياته الدولية.
وقال الصندوق فى بيانه إن السياسة النقدية ستركز على احتواء التضخم بتخفيضه إلى معدل في منتصف خانة الآحاد على المدى المتوسط. وسيتحقق هذا بالسيطرة على الائتمان المقدم للحكومة والبنوك وتعزيز قدرة البنك المركزي على التنبؤ بالسيولة وإدارتها وتحسين الشفافية والتواصل.
ومن المعروف أن البنك المركزى قدم تمويلا مباشرا للخزانة العامة بمئات المليارات خلال العامين الماضيين لمساعدتها على التغلب على نقص الموارد، وأدى هذا لإضعاف قيمة الجنيه وارتفاع التضخم كما قال محافظ البنك المركزى طارق عامر مؤخرا.
وكشف صندوق النقد عن أن البنك المركزى سيراجع نموذجه الرقابي في ضوء أفضل الممارسات الدولية، بما فيها مبادئ اتفاقية بازل الثالثة لدعم سلامة القطاع المصرفي وتشجيع المنافسة.
وفيما يتعلق بسياسة المالية العامة، والحماية الاجتماعية وإدارة المالية العامة، قال صندوق النقد الدولى إن الهدف الأساسى لسياسة المالية العامة هى وضع الدين العام على مسار تنازلي واضح وإعادته إلى مستويات يمكن الاستمرار في تحملها.
وتوقع الصندوق أن تزداد الإيرادات الضريبية بنسبة 2.5% من إجمالي الناتج المحلي على مدى فترة البرنامج البالغة 3 سنوات، وهو ما يرجع في معظمه إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة التي وافق عليها مجلس النواب في أغسطس الماضي.
وتقول الحكومة إن حصيلة الضرائب حاليا تعادل 14% من الناتج المحلى الإجمالى وتعمل على رفعها إلى ما يتراوح بين 17 و18% من الناتج المحلى.
وقال الصندوق إنه بالتزامن مع ذلك سيتم تخفيض النفقات الأولية بنسبة 3.5% بسبب تخفيض الدعم واحتواء فاتورة الأجور، مضيفا أن زيادة أسعار الوقود التي أعلنت في 3 نوفمبر الجارية خطوة مهمة في هذا الاتجاه.
وقال إنه سيتم تعزيز برامج الحماية الاجتماعية لتخفيف أثر عملية الإصلاح، وفي هذا السياق، سيتم توجيه نسبة من الوفر المحقق في المالية العامة تبلغ حوالي 1% من إجمالي الناتج المحلي إلى زيادة الدعم على السلع الغذائية، والتحويلات النقدية للمسنين والأسر محدودة الدخل، وغيرها من البرامج الاجتماعية الموجهة للمستحقين، بما في ذلك زيادة الوجبات المدرسية المجانية، والهدف من ذلك هو تنفيذ البرامج التي تقدم دعما مباشرا للأسر الفقيرة كبديل لدعم الطاقة غير الموجه بدقة إلى المستحقين.
وقال صندوق النقد إن البرنامج سيتضمن وضع خارطة طريق لإصلاحات معاشات التقاعد ضمن تركيزه على تعزيز إدارة المالية العامة (PMF) وشفافية المالية العامة، وتتضمن الإصلاحات المخططة في هذا المجال مراجعة الأداء التشغيلي للسلطات الاقتصادية بصفة منتظمة؛ وتحسين الإشراف على الضمانات الصادرة عن الحكومة من خلال إعداد التقارير؛ وإعداد كشف ميزانية يوضح تطورات الاقتصاد والمالية العامة وتقديمه لمجلس النواب مع كل موازنة عامة.
وفيما يتعلق بالإصلاحات الهيكلية والنمو الاحتوائي قال الصندوق إن البرنامج سيساعد على معالجة التحديات المزمنة التي يمثلها النمو المنخفض والبطالة المرتفعة. وتتضمن الإجراءات المزمعة تبسيط إصدار التصاريح الصناعية لكل منشآت الأعمال، وإتاحة مزيد من فرص التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ووضع إجراءات جديدة للإعسار والإفلاس.
وكشف عن أنه سيتم تشجيع برامج الوساطة في مجال توظيف العمالة وبرامج التدريب المتخصص للشباب. ولدعم مشاركة المرأة في سوق العمل، ستتم زيادة دور الحضانة العامة وتحسين أمان المواصلات العامة.
توقعات صندوق النقد للاقتصاد المصرى؟
توقع صندوق النقد الدولى نمو الاقتصاد المصرى خلال العام المالى الحالى بمعدل 4%، كما توقع نمو الدين الخارجى 22.9%، فى المقابل توقع وصول الاحتياطى بنهاية العام المالى الحالى إلى 22 مليار دولار، ليغطى 3.7 شهر من الورادات.
وقال الصندوق إن الفجوة التمويلية للعام المالى الحالى تبلغ 16.3 مليار دولار، وكان محافظ البنك المركزى قد قال قبل أيام إن مصر حصلت على تأكيدات تمويلية من عدة دول ومؤسسات تمويل دولية وإقليمية لإغلاق هذه الفجوة بناءا على طلب الصندوق الذى توقع أن يبلغ عجز موازنة العام المالى الحالى 10% من الناتج المحلى.
وتوقع الصندوق أن تسجل الاستثمارات الأجنبية فى مصر خلال العام المالى الحالى 9.4 مليار دولار، وفى حال تحقيقه سيكون أعلى مستوى للاستثمار الأجنبى المباشر منذ العام المالى 2007/2008.
وتوقع صندوق النقد الدولى أن تنمو الصادارات 12.8% خلال العام المالى الحالى، والواردات 1.7%، بينما سيرتفع العجز فى الميزان التجارى إلى 12.5% من الناتج المحلى.
كيف يرى صندوق النقد الدولى الاقتصاد المصرى حاليا؟
وقالت كريستين لاجارد الرئيس التنفيذى لصندوق النقد الدولى إن السلطات المصرية أعدت برنامجا اقتصاديا وطنيا سيدعمه الصندوق من خلال “تسهيل الصندوق الممدد”، من أجل معالجة التحديات طويلة الأمد في الاقتصاد المصري.
أضافت أن هذه التحديات تتضمن: مشكلة في ميزان المدفوعات تتمثل في سعر الصرف المبالغ في تقييمه، ونقص العملة الأجنبية؛ وعجز الموازنة العامة الكبير الذي أدى إلى تصاعد الدين العام؛ والنمو المنخفض المصحوب ببطالة مرتفعة. وتدرك السلطات أنه من الضروري الالتزام الصارم بحزمة السياسات وفق البرنامج الاقتصادي من أجل استعادة ثقة المستثمرين، وتخفيض العجز إلى خانة الآحاد، وإعادة بناء الاحتياطيات الدولية، وتعزيز الموارد العامة، وتشجيع النمو بقيادة القطاع الخاص.
أضافت أن تحقيق خفض كبير في عجز المالية العامة، ومن ثم وضع الدين العام على مسار تنازلي واضح، بمثابة هدف مهم في برنامج السلطات المصرية، ولتحقيق هذا الهدف، تتمثل أهم إجراءات السياسة في تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتخفيض دعم الوقود، والوصول بفاتورة الأجور في القطاع العام إلى المستوى الأمثل. ولتخفيف أثر الإصلاحات على الفقراء، تنوي السلطات استخدام جزء من الوفر المحقق في المالية العامة لتقوية شبكات الأمان الاجتماعي. ومن المتوقع أن يؤدي الضبط المخطط لأوضاع المالية العامة إلى تخفيض الدين العام بحوالي 10 نقاط مئوية من إجمالي الناتج المحلي مع نهاية البرنامج.
وقالت إن الإصلاحات الهيكلية لها دور أساسي في نجاح البرنامج، والهدف منها هو معالجة العقبات الهيكلة المتجذرة التي تعوق النمو وخلق فرص العمل، وخلق بيئة مواتية لتنمية القطاع الخاص. وتتضمن مجالات الإصلاح الأساسية منح التراخيص للأعمال، والأطر الحاكمة لإجراءات الإعسار؛ وإدارة المالية العامة، بما فيها المؤسسات المملوكة للدولة؛ وإصلاح قطاع الطاقة ونظام الدعم؛ وإصلاح سوق العمل لخلق الوظائف وزيادة المشاركة في سوق العمل، وخاصة بين النساء والشباب.
وقالت لاجارد إن هناك مخاطر كبيرة تحيط بتنفيذ البرنامج، ولكن ما يخفف من حدتها هو حزمة السياسات القوية، والتركيز في البداية على إجراءت أساسية يتم تنفيذها كإجراءات مسبقة، والتأييد السياسي الواسع لأهداف البرنامج والجهود الطموحة على صعيد السياسات.”
ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 11 نوفمبر على عقد اتفاق ممدد مع جمهورية مصر العربية لفترة ثلاث سنوات تستفيد فيها من “تسهيل الصندوق الممدد” (EFF) بقيمة تعادل 8.579 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 12 مليار دولار أمريكي، أو 422% من حصة عضويتها)، لدعم البرنامج الذي وضعته مصر لإصلاح الاقتصاد.
آخر التطورات
قال صندوق النقد الدولى إن الاقتصاد المصري تأثر كثيرا بالتطورات السياسية والإقليمية منذ عام 2011. فقد تراكمت الاختلالات الاقتصادية الكلية بسبب التحديات الهيكلية الأساسية وامتداد فترة التحول السياسي. وأدى تقييم سعر الصرف المبالغ فيه إلى حد كبير إلى إضعاف التنافسية واستنزاف الاحتياطيات. ومع اقتران الإيرادات الضعيفة والدعم غير الموجه بدقة إلى المستحقين وفاتورة الأجور المتزايدة في القطاع العام، زاد العجز وارتفع مستوى الدين العام.
وبدأت السلطات إجراءاتها لتعديل السياسات في 2014/2015. فخفض البنك المركزي سعر الجنيه المصري بنحو 5% ورفع أسعار الفائدة لاحتواء الضغوط التضخمية. وتم رفع أسعار الوقود والكهرباء، ووضع خطة مرحلية لإلغاء الدعم على هذه البنود. ونتيجة لذلك انخفضت فاتورة الدعم بنسبة 3% تقريبا من إجمالي الناتج المحلي في السنة المالية 2014/2015. وبالإضافة إلى ذلك، تم إعداد قانون للخدمة المدنية واتخاذ قرار بإحلال ضريبة القيمة المضافة محل الضريبة العامة للمبيعات. غير أن زخم الإصلاح تباطأ في عام 2015/2016. وتم تأجيل الزيادات المخططة في دعم الوقود، وتخفيض ضرائب الدخل، وتأجيل ضريبة الكسب الرأسمالي، وتأخير نظر مجلس النواب في ضريبة القيمة المضافة حتى عام 2016/2017.
وقال الصندوق إن النمو تباطأ في 2015/2016، بينما ارتفع التضخم وزادت حدة مواطن الضعف الخارجية. وتشير التقديرات إلى نمو الاقتصاد بمعدل 3.8% في 2015/2016. وتعرض قطاع التصنيع لمعوقات بسبب نقص العملة الأجنبية وسعر الجنيه المبالغ في ارتفاعه، بينما أصيبت السياحة بضرر كبير من جراء القلق الأمني. وتكثفت الضغوط التضخمية في النصف الثاني من العام، فزاد ارتفاع عجز الحساب الجاري، وبلغت الاحتياطيات في يونيو 2016 ما يعادل حوالي 3 أشهر من الواردات المتوقعة. ولم يؤد تخفيض سعر الصرف الرسمي بنسبة 13% في مارس 2016 إلى استعادة توازن السوق، وظلت الضغوط قوية على سعر الصرف والاحتياطيات. ومع نهاية سبتمبر، كانت علاوة السوق الموازية قد تجاوزت 30%، وأشارت التقديرات إلى أن سعر الصرف الرسمي مبالغ في ارتفاعه بحوالي 25% بالقيمة الفعلية الحقيقية.
مدى واقعية التوقعات
قالت رضوى السويفى رئيس قطاع البحوث ببنك الأستثمار فاروس، إن توقعات صندوق النقد الدولى لتحقيق مصر 9.4 مليار دولار أستثمارات أجنبية مباشرة خلال العام المالى الجارى تعد صعبة لكنها ليست بعيدة عن معدلات العام المالى الماضي.
وأضافت أن الأستثمارات الأجنبية فى قطاع البترول والغاز متوقع إرتفاعها خلال العام الجارى وفقاً لخطط الشركات الموجودة فى مصر، مشيراً إلى أن الطاقة تمثل أكثر القطاعات تم الاستثمار فيها العام الماضي.
وترى السويفى أن إنخفاض الدين المحلى خلال العام المالى الحالى أمر متوقع مع تحرير أسعار صرف العملة المحلية وتحقيق نمو يدعم زيادة الناتج المحلى الإجمالى بالأسعار الجديدة فضلاً عن سعى الحكومة إلى تقليل عجز الموازنة العامة للدولي.
وذكرت أن زيادة نمو الناتج المحلى الإجمالى وإحتسابه بأسعار الصرف الجديدة يساهم فى إنخفاض الدين كنسبة إلى الناتج المحلى بحلول يونيو من العام المقبل.
وعن إستهدافات معدل تضخم 5% فى نهاية فترة برنامج الإصلاح الاقتصادي، قالت السويفى أن تحقيق تلك النسبة صعب، وأنه مع استمرار الإصلاحات قد تتراوح المعدلات ما بين 7 إلى 8%.
وقالت ريهام الدسوقى كبير الاقتصاديين ببنك الاستثمار ارقام كابيتال، إنه حتى مع تطبيق الإصلاحات الاقتصادية خلال مدة البرنامج لن نستطيع الوصول إلى ذلك المعدل من التضخم، مشيرة إلى أنه قد يمكن تحقيق ذلك على المدى المتوسط.
وأضافت أن برنامج الإصلاح الاقتصادى قد لا يمكنه التحكم فى عدد من العوامل الكثيرة التى تؤثر فى معدلات التضخم فى السوق.
وذكرت أن أرقام كابيتال أعدت ورقة بحثية تتوقع فيها وصول التضخم إلى مستويات مرتفعة تتراوح ما بين 22 إلى 24% خلال الربع الأول من العام المقبل.
وقالت الدسوقى إن تدفق الإستثمارات الأجنبية المباشرة مرهون بتحقيق الإصلاحات فى بيئة الأعمال خلال الفترة الحالية.