النظام تعمد غلق الأبواب أمام الأحزاب ولا أستبعد عودة «جبهة الإنقاذ»
الوضع الحالى يقلص فرصة «السيسى» للفوز فى الانتخابات المقبلة
السياسات الاقتصادية الحالية امتداد لـ«لجنة سياسات الحزب الوطنى»
نواب تكتل «25/30» صوت الشجاعة الوحيد تحت قبة البرلمان
أرفض المصالحة مع الإخوان
بينما يرى الحزب المصرى الديمقراطى أن مصر تعيش مرحلة موت السياسة فى مصر، يستعد الحزب لخوض انتخابات المجالس الشعبية المحلية والبحث عن التحالفات المناسبة والتى تمثل ثقلا فى الحقل السياسي، وموازين القوى على الأرض.
قال فريد زهران رئيس الحزب، إن «المصرى الديمقراطى الاجتماعى»، يرفض التضييق الأمنى على الممارسات السياسية الفترة الأخيرة. كما يرفض غلق الأبواب فى وجه الأحزاب للعمل من خلال القنوات الشرعية المتاحة لممارسة العمل السياسي، بجانب رفضه للسياسات الاقتصادية الحالية.
وأضاف فى حوار لـ«البورصة»، إن المشهد السياسى الحالى يشهد تراجعا غير مسبوق فى تاريخ الحياة السياسة فى العصر الحديث لمصر، نتيجة التضييق العام على الممارسة السياسية من النظام خلال الفترة الأخيرة.
وأوضح أن تراجع الحياة السياسية فى مصر أصاب الجميع بالإحباط والأرق من ممارسة العمل السياسى، وجعل كثيرين يعيدون التفكير فى جدوى ممارسة السياسة فى مصر.
وأشار زهران إلى وجود فصيل من الأحزاب السياسية التى تؤيد نظرية المقايضة، بما يعنى التنازل عن مجال الحريات العامة والخاصة مقابل تحقيق الأمن والاستقرار، وهو ما أدى لتراجع الزخم السياسى الفترة الماضية.
وأكد أن ما يدور فى المشهد السياسى حالياً يعود بالزمن إلى ما قبل 25 يناير من وجود من وصفهم بـ«منتفعين ومنافقين ومؤيدين» للنظام السياسى الحاكم بشكل مطلق، فضلاً عن تشكيل دوائر وجماعات مخصصة لهذا النفاق السياسي.
وتوقع زهران، عودة الحزب الواحد الحاكم المسيطر على مقاليد الأمور فى البلاد ممثلا فى حزب وطنى جديد، فى ظل ارتفاع بعض الأصوات من داخل وخارج النظام المطالبة بعودة الحزب الوطنى فى ثوب جديد.
وقال زهران، إن ارتفاع الأصوات الرافعة لمثل هذه الدعوات تقابلها شيطنة للأحزاب السياسية المعارضة، ووصمها بتهم الخيانة والعمالة لأطراف خارجية، فى محاولة لغلق المناخ السياسى على حزبهم الأوحد فقط.
وأضاف: «نكاد نصل لمرحلة موت السياسة فى مصر وهى المرحلة التى سبقت ثورة 25 يناير. لكن نحاول أن نبقى فى مرحلة الاحتضار الفترة الحالية وتجنب الوصول لمرحلة موت السياسة مرة أخرى».
وأوضح أن النظام السياسى الحاكم دائماً ما يصف المعارضة بأنها غير مسئولة، متجاهلاً أن النظام هو من يصنع هذه المعارضة غير المسئولة باحتكاره للسلطة وعدم تفعيل مبدأ تداولها.
وأكد أن المعارضة المسئولة تعنى انشاء جماعة سياسية لديها برنامجها ورؤيتها الخاصة لإدارة البلاد والتى تريد تطبيقها عبر تداول السلطة.. وبالتالى فهى مهيأة لأن تكون فى موضع السلطة مما يتحتم عليه أن تكون مسئولة.
وتساءل: «كيف تصبح المعارضة مسئولة وهى تدرك تماما أنها لن تصل للسلطة ولن تمارس المسئولية، فى حين أن دورها يتم تهميشه وإلصاق التهم والعار لها، فضلا عن شيطنتها، فتظهر ردود أفعالها وكأنها تصرفات وردود أفعال غير مسئولة من وجهة نطر النظام الحاكم».
واتهم زهران، النظام السياسى الحالى بتعمد غلق الأبواب أمام ممارسة الأحزاب السياسية للعمل السياسى بشكل صحيح، إذ يتحمل مسئولية كبيرة مما وصل إليه الوضع السياسى الفترة الأخيرة.
وأضاف: «النظام الحالى يعتقد أن السياسة رجس من عمل الشيطان، والدليل على ذلك أن أكبر مسئولى الحكومة دائما ما يصرحون بأنه لا علاقة لهم بالسياسة فى حين أن منصب الوزير فى الأصل منصب سياسى من الدرجة الأولى».
ورفض زهران الاعتماد على القوات المسلحة فى الشئون الداخلية والاقتصادية والسياسية، التى تختص بها الحكومة، مع ضرورة معالجة الترهل والفساد فى الجهاز الإدارى للدولة كخطوة أساسية.
وأشار إلى أنه ربما يتفهم فى مثل هذه الظروف الاستثنائية، اللجوء إلى القوات المسلحة وإسناد بعض الأعمال لها من التى تختص بها وزارات حكومية. لكن أن يتحول الأمر إلى واقع دائم فى حل المشكلات الداخلية فهذه كارثة وعواقبه وخيمة، وستدفع جميع الأطراف ثمناً غالياً لذلك، خصوصا وجود عدد كبير من الوزراء والمحافظين ذوى الخلفية العسكرية.
قال زهران، إن دخول الجيش فى الحياة المدنية أمر شديد الخطورة، لأنه يضعف من قدرة الجيش على القيام بمهامه الأساسية فى تأمين البلاد من الأخطار الخارجية بإقحامه فى أمور يختص بها آخرون.
وتوقع خوض الرئيس عبد الفتاح السيسى الانتخابات الرئاسية المقبلة، مع محدودية فرصته بالفوز حال استمرت الأوضاع الاقتصادية والسياسية على النحو الذى سارت عليه الشهور الماضية.
وأوضح أن تقييد المناخ العام منذ 30 يونية 2016 على السياسيين والمفكرين، واستمرار حبس سجناء الرأى رغم العديد من الطلبات والضغوط بسرعة الإفراج عنهم، سيقلل من رصيد السيسى حال ترشحه لفترة رئاسية جديدة.
وحول وجود بديل مدنى لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، قال زهران: «الحياة تجد طريقها، فربما لا يوجد بديل مدنى فى الوقت الراهن لكن ربما بعد أسبوع يظهر لنا بديل مدنى جيد، بمعنى أن مبارك كان يظن أنه ليس هناك بديل له سوى توريث نجله جمال، وما حدث كان خارج توقعات الجميع».
وأضاف إن ذروة توحد القوى السياسية فى مصر تمثلت فى تشكيل جبهة الإنقاذ قبل 30 يونية. ومن الطبيعى وجود فترات بعينها لا تشهد إجماعاً وتوحداً سياساً فيما بين الأحزاب كالفترة الحالية.
وأوضح أن أحد الأسباب الرئيسية لهذه الفرق هو غياب المواجهة والخلاف بين القوى السياسية بشأن موقفها من النظام السياسى الحالي، وعدم وجود هدف أو برنامج يجمعها تحت راية واحدة.
وأشار إلى أن توحد أغلبية القوى السياسية فى موقف واحد رافض للتنازل عن تيران وصنافير، وصياغتها لمواقف مشتركة ينبئ بإمكانية حدوث ما يجمع بين القوى السياسية مرة أخرى.
وتوقع أن تكون انتخابات المحليات المقبلة نقطة التقاء بين الأحزاب، خصوصا فى ظل جهود العديد من الأحزاب السياسية لتكوين تحالفات وقوائم مشتركة لخوض الانتخابات.
كشف زهران، استعدادات الحزب المصرى الديمقراطى لانتخابات المحليات واتجاه الحزب إلى الدخول فى تحالفات، واختلاف شكل التحالف من دائرة لأخرى بناء على توازنات القوى.
وأضاف: «من الصعب وجود تحالفات مركزية ثابتة، إذ يوجد أكثر من 50 ألف مرشح على مستوى الجمهورية، وبالتالى سيختلف شكل التحالف من دائرة لأخرى تبعاً لميزان قوى الأحزاب التى سندخل فى تحالفات معها».
وطالب زهران بتمكين القيادات الشباب، عبر اختيارهم فى الوظائف والمراكز القيادية فى مؤسسات الدولة، والأحزاب السياسية، ومختلف الهيئات والوظائف الحكومية لتحقيق نهضة تنموية شاملة.
وأوضح أن غالبية أعضاء المكتب السياسى للحزب المصرى الديمقراطى دون سن الخمسين، فضلا عن تمثيل المرأة والأقباط والشباب بشكل كبير داخل الهيكل التنظيمى للحزب.
ولم يستبعد زهران امكانية تشكيل جبهة انقاذ من القوى السياسية مرة أخرى فى ظل تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الفترة الأخيرة قائلاً: «المسألة مرتبطة بتطور الأحداث على الأرض».
وقال إن الدكتور حازم الببلاوي، والدكتور زياد بهاء الدين، جمدا عضويتهما بالحزب المصرى الديمقراطى عند انضمامهما للحكومة. لكن الحزب تعامل بمسئولية المشاركة فى السلطة عند تولى أعضاء منه مناصب حكومية.
ورفض زهران، المصالحة مع قيادات جماعة الإخوان بشكل قاطع دون تقديمهم اعتذارا رسميا للشعب، واعلانهم اعتزال العمل السياسي، وتفكيك التنظيم السري. فهم من ارتكب المعصية وعليه أن يبادر بتصحيح أخطائه فى حق الشعب، حسب قوله.
وأضاف: «هل حدث شىء جديد ليدعونى للتصالح مه الإخوان؟ وما الذى يدفعنى للتصالح مع خيرت الشاطر؟ الكرة فى ملعبهم وعليهم تقديم اعتذار للشعب واعتزال العمل فضلا عن محاسبة المتورطين فى أعمال العنف».
وأوضح أنه اذا كان المقصود من المصالحة هو عودة اندماج تيارات الإسلام السياسى فى نسيج الوطن والعمل السياسى فهذا قائم بالفعل بدليل عدم حل الحكومة لحزبى مصر القوية وحزب الوسط، واستمرار ممارستهما لأعمالهما الحزبية السياسية.. وتساءل: «ما الداعى إذن لمصالحة أناس متورطين فى أعمال عنف؟».
وأشار إلى أن مبادرة الدكتور عصام حجى بتكوين فريق رئاسى للمنافسة على الانتخابات الرئاسية المقبلة تستحق الحوار والنقاش حولها، وأن الحزب سيناقش ما جاء بالمبادرة من أفكار وأطروحات.
وقال زهران أنه لا يرى فى البرلمان صوتا فى شجاعة نواب تكتل «25/30»، ويكاد يكون نواب التكتل هم الوحيدون الذين يمارسون عملاً برلمانيًا حقيقيًا يجمع بين التشريع والرقابة تحت قبة البرلمان.
وأكد أن السياسات الاقتصادية الحالية هى امتداد لسياسات لجنة السياسات بالحزب الوطنى، مضيفاً: «ليس صدفة وجود عدد بارز من القائمين على قيادة دفة الاقتصاد المصرى الآن ممن كانوا أعضاء بارزين فى لجنة السياسات بالحزب الوطنى.. والأسماء معروفة للجميع».
ورفض زهران قانون ضريبة القيمة المضافة، موضحا عدم تحقيقه جدوى فى سد عجز الموازنة، فى ظل وجود بدائل أخرى توفر للدولة ما لن يوفره قانون القيمة المضافة، ومنها الضرائب التصاعدية.
وأضاف: «رؤية جمال مبارك ومبادئ الرأسمالية المتوحشة هى التوصيف الحقيقى والواقعى للسياسات الاقتصادية الحالية، والمتمثلة فى روشتة صندوق النقد الدولي، واعتبار كبار رجال الأعمال هم قاطرة التنمية وإغداقهم بالعديد من الامتيازات لتشجيعهم على النهوض بالاقتصاد. واعتبار كبار الأعمال هم قاطرة التنمية جاء من مبدأ أن السماء تمطر من أعلى للأسفل وليس العكس، بمعنى أن تمكين الكبار سيعم بالخير والرخاء على الصغار!».
وأكد زهران، أن قاطرة التنمية الحقيقية هى رعاية الطبقة الوسطى، والتوسع فى انشاء المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهذه الاستراتيجية تقتضى الأخذ بحزمة من السياسات الاقتصادية من بينها الضرائب التصاعدية، وضريبة الدخل، وضريبة أرباح البورصة.
وأشار إلى توافق رؤية الحزب الاقتصادية مع ما ينادى به بعض رجال الأعمال، والاتحاد العام للمستثمرين بقيادة محمد فريد خميس فيما يخص تطبيق الضرائب التصاعدية وضريبة الدخل كركيزة هامة لتحقيق تنمية اقتصادية.
وأكد أن الإعفاءات الضريبة ليست وحدها القادرة على خلق مناخ استثمارى جاذب لرؤوس الأموال بدليل أن الولايات المتحدة تفرض ضرائب تصل إلى 50% فى حين تفرض مصر ضرائب عند مستوى 22.5% فقط.
وأضاف: «ليست الإعفاءات الضريبية هى التى ستجذب المستثمرين، والفهم السائد لدى النظام السياسى حالياً بأن رصف بعض الطرق مع وجود إعفاءات ضريبية سيجذب المستثمرين لن يجدى نفعاً».
وتساءل: «هل يعقل أن يأتى المستثمرون لمجرد منح اعفاءات ضريبية فى ظل وجود سجناء رأى فى السجون؟! وكيف سيأتى المستثمر ومؤسسات الدولة بحال يرثى لها؟!».