فى الآونة الأخيرة، بدأت أغير آرائى إزاء أداء البنك المركزى المصرى بعد إبرام اتفاقية تاريخية مدتها ثلاث سنوات بين مصر والصين لمبادلة العملات بقيمة 18 مليار يوان صينى مقابل ما يعادلها بالجنيه المصرى فى نطاق عمليات الاستيراد والتصدير بدلاً من السداد بالدولار الأمريكى. وتجسد هذه الاتفاقية المنفعة المتبادلة لكلا من البلدين.
قبل أن أتطرق إلى انعكاسات الاتفاقية على سوق الصرف والفوائد التى سوف تتحقق منها، سوف أبدأ بعرض مبسط عن قوة اليوان الصينى وأهميته فى ساحة العملات الدولية.
أشارت تقارير مجلس الاستخبارات القومى الأمريكى فى عام 2004 توقع تخطى الصين لأمريكا خلال عشرين عاماً. كما أدت مشاكل أمريكا الاقتصادية إلى اتجاه الدول إلى البحث عن عملة احتياطية بديلة للدولار الأمريكى وخصوصاً بعد الأزمة المالية فى عام 2008 التى انتهزتها الصين للترويج لعملتها كعملة عالمية. وبالفعل نجحت الصين فى الانفتاح على العديد من تلك الدول على الصعيد الاقتصادى والاجتماعى والثقافى وإنشاء علاقات مشتركة جيدة.
فى العام الماضى، قرر صندوق النقد الدولى إدراج اليوان الصينى فى سلة العملات الرئيسية إلى جانب الدولار الأمريكى واليورو والين اليابانى والجنيه الاسترلينى. بذلك يصبح اليوان عملة قابلة للاستخدام الحر والتداول على المستوى الدولى فى أداء مدفوعات المعاملات الدولية والتداول فى البورصات الرئيسية.
أود هنا أن أبرز صورة عادلة للسمات البارزة عن العلاقة الاقتصادية المصرية الصينية المتبادلة. يبلغ حجم التبادل التجارى بين مصر والصين فى حدود 11 مليار دولار أغلبها فى صالح الصين، بينما تبلغ الاستثمارات الصينية فى مصر ستة مليارات دولار، حيث تعمل نحو 1300 شركة صينية فى مصر بإجمالى مساهمات فى رؤوس الأموال بلغ نصف مليار دولار وتوفر نحو 10 آلاف فرصة عمل. كما تحتل الصين المرتبة الـ23 على قائمة الدول المستثمرة فى مصر حسب آخر إحصاءات رسمية.
وبالعودة إلى الاتفاقية التى ابرمها البنك المركزى المصري، أرى أنها ستحقق منافع للبلدين ألخصها فيما يلى:
1. تعزيز التبادل التجارى والعلاقات الاقتصادبة بين مصر والصين.
2. تخفيف الطلب على الدولار الأمريكى فى ضوء استبدال الدولار باليوان فى سداد صفقات الاستيراد والتصدير، وخصوصا أن نحو 30% من حجم واردات مصر يتم جلبها من الصين مما سيؤدى إلى انخفاض سعر الدولار.
3. التحسين التدريجى لمستوى الاحتياطى النقدى بالدولار.
4. تكوين احتياطى من اليوان الصينى الذى اصبح عملة دولية بعد دخوله إلى سلة العملات فى صندوق النقد – سلة عملات حقوق السحب الخاصة (SDR).
وللتدليل على جدوى الاتفاقية، قامت المملكة العربية السعودية فى شهر سبتمبر الماضى بتوقيع اتفاقية مماثلة من خلالها يتم تأسيس نظام لأسعار الصرف المباشرة بين اليوان الصينى والريال السعودى. من خلال هذه الاتفاقية تستطيع الصين شراء النفط السعودى باليوان بدلا من الدولار الأمريكى، بينما تقوم السعودية بشراء وارداتها من السلع والخدمات بالريال السعودى من الصين.
بالطبع الخاسر الوحيد فى مثل هذه الاتفاقيات الثنائية هو الدولار الأمريكى لأن الدول اطراف الاتفاقية ستنهى استخدام الدولار كعملة وسيطة بين كل من العملة المحلية واليوان، وبالتالى سيتم تحديد معدل الصرف بين العملة المحلية واليوان بصورة مباشرة دون الحاجة إلى عملة دولية وسيطة بين العملتين.
يبقى السؤال، هل يزيح التنين الصينى الكاوبوى الأمريكى من الساحة الاقتصادية فى السنوات العشرين المقبلة؟ أتمنى ذلك.
هانى أبوالفتوح
خبير مصرفى