بقلم/جيمس ريتشاردز
جعلت بريطانيا نفسها أضحوكة العالم حينما اتخذ رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون، قراره المتهور بالاستفتاء على عضوية المملكة المتحدة فى الاتحاد الأوروبى.
وقالت الصين: إن قرار رئيس الوزراء السابق سيكون فى صالحها خصوصا فى ظل فترة رئاسة شى جين بينج، الذى كان قد روج لعودة عصر ذهبى جديد فى العلاقات بين الصين والقوة الاستعمارية السابقة.
واستضافت بريطانيا الرئيس الصينى، أكتوبر الماضى، ووُصفت زيارته للبلاد بالحدث التاريخى من أجل تعزيز العلاقات بين البلدين.
وبلا شك ستسعى الصين بكامل قوتها لتحقيق الاستفادة القصوى من الحقائق الجديدة.
واستفاد المستثمرون الصينيون بالفعل من انفتاح سوق المملكة المتحدة بعد التوقف عن دفع الرسوم الجمركية إلى الأسواق الأوروبية الأخرى التى تفرضها عضوية الاتحاد الأوروبى.. الأمر الذى حظى بأهمية كبيرة لشركات صناعة السيارات الأجنبية.
وعلى سبيل المثال اندفع العديد من المستثمرين الصينيين نحو الأصول البريطانية مثل العقارات والبنية التحتية.. ومن المرجح أن يستمر الاستثمار فى مثل هذه المجالات.
ومع ذلك ستتحول الصين على نحو متزايد إلى ألمانيا زعيمة الكتلة الأوربية، بعد أن تراجع دور المملكة المتحدة فى التحديات العالمية الاستراتيجية، بما فى ذلك ظاهرة تغير المناخ وقضايا السلم والأمن الدوليين، إذ أصبح الصوت البريطانى يحمل وزنا أقل بعد خروجها من الكتلة الأوروبية.
ومع إعلان الصين قدومها إلى عصر ذهبى، فينبغى أن يكون سلوكها متوافقا مع القضايا البريطانية خصوصا فيما يتعلق بقضايا حقوق الانسان.
ومن السابق لأوانه أن نعرف مدى تعامل حكومة تيريزا ماى، مع الصعوبات الهائلة نتيجة الخروج من الاتحاد الأوروبى وإدارة العلاقات مع الصين.
فقد وضع سلفها كاميرون الأولوية القصوى فى التعامل مع الصين، لتحقيق مكاسب تجارية واستبعاد الاعتبارات الأخرى.
وأوضح قرار «ماى»، مراجعة بنود مشروع إنشاء محطة « هينكلى» النووية والممولة من بكين، فى جنوب بريطانيا، أنها تفكر فى المخاوف الأمنية المحتملة قبل دعوة الشركات، التى يسيطر عليها الحزب الشيوعى الصينى للاستثمار فى قلب البنية التحتية الحيوية فى بريطانيا.
وبعد التحرر من أغلال الاتحاد الأوروبى تتوقع بريطانيا أنها ستكون قادرة على القيام بأعمال تجارية أفضل بكثير مع الصين وأسواق أخرى والتفاوض على اتفاقات تجارة حرة رائعة.
وبالفعل قد تكون بريطانيا قادرة على التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة مع الصين فور تركها الاتحاد الأوروبى.
ومع ذلك ستستفيد الصين كثيرا، حيث تتخذ بكين نهجا مختلف فى التعامل مع المفاوضات الدولية، وبالتأكيد ستستفيد من الفارق الكبير والمتزايد فى حجم الاقتصاد.
ويمكن أن نتصور أن بريطانيا بمفردها يمكن أن تنجح فى تفكيك الممارسات المنافية للمنافسة والحواجز أمام توغل الصين، رغم فشل الضغوط المتزايدة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى حتى الآن.
ولكن سيكون من الخطورة بمكان أن نفترض أن طفرة الأعمال التجارية مع الصين يمكن أن تحل محل الفرص الضائعة فى أوروبا وأماكن أخرى من العالم.
ولنا أن نتساءل: «كيف ينبغى لبريطانيا أن تضع مسافة بينها وبين أقرب أصدقائها وحلفائها الديمقراطيين فى أوروبا بينما تسعى إلى التقارب مع دولة الحزب الواحد الذى سيكون بمثابة خيانة لقيمها التاريخية ومصالحها الوطنية؟».
وينبغى على بريطانيا تعزيز العلاقات مع أوروبا فى الوقت الذى تكرس فيه طاقتها لبناء علاقة أكثر متانة وبنّاءة مع الصين على أساس الاحترام المتبادل والمنفعة العامة.
إعداد: محمد رمضان
المصدر: فاينانشيال تايمز