بقلم/نيك باتلر
صرف التركيز على سوريا خصوصا الوضع المروع الذى حدث فى حلب على مدى الأسابيع القليلة الماضية، الأنظار عن التطورات التى يحتمل أن تكون أكثر خطورة فى العراق.
بعد 10 سنوات على إعدام صدام حسين، وبعد 5 سنوات من الخروج الرسمى للقوات الأمريكية التى كان من المفترض أن يمثل نهاية الصراع الذى بدأ مع الغزو الامريكى عام 2003.. لا يزال العراق ساحة حرب.
وتأتى هجمات المتشددين الإسلاميين على الأهداف العسكرية والمدنية، على رأس المخاطر العالية جدا، وتنجم عن آثار من شأنها أن تشكل خطرا كبيرا ليس فقط على مستقبل العراق وحده ولكن أيضا فى سوق البترول الدولية.
وشهدت الأشهر الثلاثة الأخيرة، مكاسب إقليمية لقوات الحكومة العراقية مع التقدم فى شمال وشرق الموصل والمناطق المحيطة بها مباشرة. ولكن كانت التكلفة عالية جدا.. فقد تشرد حوالى 115 ألف مدنى، وأصبحوا يعيشون الآن فى الملاجئ أو فى مخيمات مؤقتة بخلاف الدمار المادى على نطاق واسع.
وتم تدمير أربعة من الجسور الخمسة، التى تربط جانبى المدينة عبر نهر دجلة فى محاولة متعمدة لقطع الإمدادات عن داعش.
وفى أكتوبر الماضى، أشعل المتشددون النار فى آبار البترول ومصنع «مشراق» لانتاج الكبريت قرب بلدة القيارة جنوب الموصل.
وفى الأسابيع الأخيرة كثف المتشددون حملتهم بين شن الهجمات والتفجيرات الانتحارية التى تركز على بغداد.
وعلى مدى الأسبوعين الماضيين قتل المئات من المدنيين العراقيين على الطريق الرئيسى شمالا من بغداد الى الموصل. وتم إغلاق واحد من طرق الإمداد الرئيسية للقوات العراقية.
وخلّفت هذه الأحداث قتلى من المدنيين فى جميع أنحاء العام الماضى وبلغ المجموع ما يقرب من 6800 شخص وفقا لبيانات الأمم المتحدة.
وهناك خطة من الحكومة العراقية لاستعادة السيطرة على كل من الموصل بحلول مارس المقبل. ولكن يكمن الخطر فى أن يحدث تنظيم «داعش» مزيدا من الضرر، لأنه مبعثر فى باقى أنحاء العراق وأجزاء أخرى من المنطقة.
فالموصل تقع على مقربة من مناطق انتاج البترول فى شمال العراق.. وبذلك يصبح إنتاج المنشآت النفطية وعمال حقول البترول وخطوط الأنابيب التى تربط شمال العراق بتركيا كلها عرضة للخطر.
وأصبح من الصعب جدا الدفاع عن المنشآت وخطوط الأنابيب التى تعمل عبر مئات الأميال من الأراضى النائية ضد عدو لا يرحم على استعداد لاستخدام الانتحاريين.
والمخاطر لا تقتصر على البترول فقط.. ففى شمال مدينة الموصل يوجد «سد الموصل» أحد المشاريع الهندسية الأكثر أهمية فى المنطقة، حيث يحجز حوالى 11 مليار متر مكعب من المياه.. وانهياره مسألة كارثية.
إن انهيار السد، يمكن أن ينتج فيضانا لم يسبق له مثيل، يضرب مدينة الموصل ومنطقة واسعة فى الجنوب وهو ما يضاعف الظروف الاقتصادية والاجتماعية.
وعودة العنف على نطاق واسع فى العراق هو بداية لتثبيط المستثمرين حتى فى المناطق الواقعة جنوب بغداد التى كانت بمنأى نسبيا عن الهجوم.
وعلى مدى العامين الماضيين، ارتفع إنتاج البترول العراقى المدعوم بتمويلات الشركات الدولية من 3.2 مليون برميل يوميا فى 2014 إلى 4.8 مليون برميل يوميا فى نوفمبر الماضى.
وهناك دلائل تشير إلى أن الاستثمار سيتباطأ بسبب التقييمات السلبية وارتفاع المخاطر السياسية والمادية.
وقد يكون العراق ثانى أكبر منتج للبترول فى منظمة «أوبك» لكن لا يزال الشاغل الرئيسى للبلاد هو الكفاح اليومى من أجل البقاء.
والحاجة إلى النقد هى المحرك الرئيسى لسياسة الحكومة العراقية.. لكن لسوء الحظ يعد تنظيم «داعش» هو القوة الوحيدة المهيمنة على إنتاج البترول هذا العام.
إعداد/ محمد رمضان
المصدر/ فاينانشيال تايمز