قال خوسيه ماريا ماجرينا الرئيس التنفيذي لمجموعة السويس للأسمنت ان 2017 سيكون عام الإصلاحات وذلك خلال حوارة لنشرة “إنتربرايز”
يُعد خوسيه ماريا ماجرينا أحد الأجانب الذين يعملون في مصر ويحبون العيش فيها، كما أنه ينوي جعل مصر مكان إقامة عائلته على المدى الطويل. نستمتع بصحبة ماجرينا كشخص يستطيع الموازنة بين حبه للعمل وبين دوره كأب وكذلك حبه لممارسة الرياضة. وعلى الصعيد المهني، كسب ماجرينا احترامنا نظرا للطريقة التي أدار بها الاكتتاب العام للشركة العربية للأسمنت (وهو أول اكتتاب بعد ثورة يناير 2011)، كما أنه يتميز بسرعة البديهة والنظرة الثاقبة حول كل شيء بدءا من الاقتصاد وحتى استراتيجية شركته. يشغل ماجرينا اليوم منصب الرئيس التنفيذي لشركة السويس للأسمنت، والتي تُعد أكبر شركة أسمنت في مصر من حيث الطاقة الإنتاجية التي تصل إلى 12 مليون طن متري سنويا، كما تمتلك خمسة مصانع، وتضم نحو 7 آلاف موظف مباشر وغير مباشر. يُذكر أن السويس للأسمنت واحدة من أكبر الشركات التابعة لشركة هايدلبرج الألمانية للأسمنت العالمية، وتعد أكبر مجموعة صناعية ألمانية في مصر.
2017 سيكون عام الإصلاحات، ولا أظن أننا وصلنا بعد إلى الجزء الأصعب من الإصلاحات. اتخذت الحكومة العديد من القرارات الصحيحة. إنها قرارات مؤلمة، ولكنها خطوات تضعنا على الطريق الصحيح للنمو والتعافي على المدى المتوسط والطويل. الآن، هناك العديد من الإجراءات التي يجب اتخاذها مثل المزيد من خفض الدعم عن الوقود بالتوازي مع ارتفاع أسعار البترول العالمية. حتى الآن، ركزت الحكومة على خفض الدعم الموجه للصناعة، لذا هذا هو الوقت للتعامل مع الجزء الذي يحصل على نصيب الأسد من الدعم، وهو الدعم الموجه لغالبية المواطنين. السبيل لتحقيق ذلك هو ضمان الرعاية الاجتماعية وتوجيهها لمستحقيها. الدعم العيني للسلع والوقود يجب أن يصبح جزءا من الماضي، ونتحول بعيدا عن ذلك، بما يساعد على ترشيد الإنفاق وتخفيف العبء على الدولة، والتي بدورها ستتمكن من استخدام هذه الأموال لاستثمار المزيد في القطاعات ذات الحاجة الملحة مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية.
وحتى يتحقق ذلك، يجب علينا النظر كيف سيستوعب المواطنون هذه الإصلاحات. كيف ستحمي الحكومة محدودي الدخل من أثر الإصلاحات دون أن تستمر في منظومة الدعم الحالية؟ على الحكومة الإسراع في تقديم الدعم النقدي للمستحقين.
التحدي الأكبر للوضع الاقتصادي يكمن في استعادة دورنا التنافسي في مجال التصدير. نتوقع أن يبدأ الاقتصاد على المدى القصير في الانتعاش مرة أخرى، سيرتفع حجم الصادرات ليولد عملة أجنبية تحافظ على العجز عند مستوى ثابت. ولكننا نستورد أكثر مما ننتج، وتغيير تلك المعادلة سيتطلب تطبيق معايير جديدة وتوفير بيئة صديقة للاستثمار. هذا لا يتعلق فقط بالمستثمرين الأجانب، إذ سيعمل المستثمرون المحليون أيضا على قيادة عملية الإصلاح، وهم من سيقوم بدفع الاقتصاد إلى الأمام. نحن بحاجة إلى الانتقال من وضع اقتصادي يساعدنا على الاكتفاء الذاتي بالكاد إلى حالة انتعاش اقتصادية تسمح لنا أيضا بالتصدير. الجنيه المصري في وضع تنافسي الآن، وعلينا استغلال ذلك للتصدير.
تواجه صناعتنا العديد من التحديات، أولها أن قطاع البناء يمر بمرحلة من عدم الاستقرار. انتهى عام 2016 على نمو استهلاك الأسمنت بنسبة 7%، ولكن هناك فائض في المعروض بالسوق، كما أن جهات بالدولة تعتزم بناء أكبر مصنع أسمنت بالعالم. بالتأكيد سيحتاج قطاع الأسمنت لمزيد من الشفافية فيما يتعلق بدور الدولة في الإنتاج. وبعد ذلك تأتي اللوجستيات، فنحن على وشك أن نصل إلى مرحلة المنافسة التصديرية، ولكن ذلك متعلق بالتكلفة وكفاءة الخدمات اللوجستية على الطرق وفي الموانئ. الضرائب والرسوم الباهظة على الطرق هي التحدي الأكبر. هذا أمر بالغ الأهمية: الصادرات أمر بالغ الأهمية بالنسبة لصناعتنا، في ضوء تشبع السوق المحلية ومخاطر أن تتراجع الدولة عن الإنفاق التحفيزي في قطاع البنية التحتية.
الفرص الأكبر أمامنا حاليا تتمثل في التركيز على الصادرات وتلبية احتياجات الحكومة، نساهم بإنتاجنا حاليا في المشروعات القومية الكبرى، من مشروعات المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وحتى العاصمة الإدارية الجديدة، وإذا استمرت الحكومة في الاستثمار في البنية التحتية بهذا الشكل، ستكون تلك فرصة ضخمة لكل العاملين في صناعة الأسمنت. أما الخطر فهو أن تتراجع الدولة عن الإنفاق في هذا القطاع لتواجه عجز الموازنة. ونحن نعمل أيضا على تطوير سوق ناشئ للمنتجات الأكثر تطورا، من خلال شركتنا التابعة التي تنتج الخرسانة الجاهزة، والتي تعمل مع أكبر شركات المقاولات لتطوير خرسانة تدوم أطول تستخدم لتطبيقات الخدمة الشاقة، إلى جانب الخرسانة الخاصة بتطبيقات البنية تحت الأرضية وغيرها من الاستخدامات المختلفة.
تعاني أسواقنا التصديرية التقليدية في الوقت الحالي من حروب أو صراعات إقليمية كما هو الحال في ليبيا وسوريا واليمن، وبدأنا نشهد صادرات من جديد لكل من ليبيا واليمن، كما نأمل أن نشهد ذلك أيضا في سوريا ولكن لا نتوقعه على المدى القريب. كنا نصدر بكميات أكبر إلى أوروبا عندما كانت الطاقة مدعومة من قبل الدولة ولكن الأمر لم يعد كما هو الآن. نقوم أيضا بتصدير الأسمنت الأبيض إلى فرنسا والسعودية والولايات المتحدة وشرق أوروبا، حيث يتم استخدامه في أعمال الديكورات والجص، كما أن لدينا مصنعا في محافظة المنيا ينتج الأسمنت الأبيض بدرجة توازي درجة الأسمنت المنتج في كارارا في إيطاليا وبنفس السعر تقريبا، وعادة ما يفضل السوق الأسمنت المنتج من المنيا.
تمر مجموعتنا بأوقات عصيبة للغاية، لذلك من الصعب أن نتحدث الآن عن ارتفاع استثنائي للرواتب. سنقوم بزيادة أساسية في الحدود المتفق عليها، وهو رقم مرتفع في خانة الآحاد. لن يكون بمقدورنا تقديم المزيد، إذ أن لدينا خسائرنا في عام 2016، ومن المحتمل أن نستمر في تسجيل خسائر خلال عام 2017 رغم كل الجهود المبذولة للخروج من هذا المربع.
بالتأكيد سيكون هناك نشاطا للدمج والاستحواذ هذا العام، هناك ثلاث شركات في السوق حاليا تبحث عن مشتر. الوضع الاقتصادي بالتأكيد يفضل الدمج والاستحواذ أكثر من إنشاء المشروعات الجديدة، لا توجد الأسس المالية لشراء تراخيص جديدة. السوق بالفعل به فائض في المعروض ولدينا أسعار ضمن الأرخص في العالم. في إسبانيا خلال أسوأ أعوام الأزمة المالية العالمية، ظلت الأسعار عند مستوى 52 يورو للطن، وفي مصر السعر حاليا يبلغ نحو 31 يورو للطن. ببساطة العائد على الاستثمار لبناء مصنع، حيث 60% إلى 70% من المعدات مستوردة، غير موجود. لن نشارك في هذا النشاط، فنحن مرتاحون لما نحن عليه الآن. ولكن بالتأكيد سيكون هناك نشاط للدمج والاستحواذ في قطاعنا.
ما القطاع الذي سيتفوق أدائه هذا العام؟ دائما ما يكون أداء البنوك المصرفية والبنوك الاستثمارية جيدا بشكل عام في الأوقات المضطربة. أفضل الفرص تأتي في ظل عدم الاستقرار. ستجني المؤسسات المالية الكثير من الأموال خلال عام 20177، فهم يملكون النفوذ ويصممون اللوائح لصالحهم.
أعطيك مثالا، لماذا يتم إعفاء الأرباح الرأسمالية لأسهم البورصة من الضرائب، في حين يتم فرض ضرائب على التوزيعات النقدية لشركتي؟ التوزيعات النقدية يتم توزيعها من الأرباح بعد خصم الضرائب، أي تم فرض ضرائب عليها بالفعل، والشركات التي توزع أرباح على مساهميها غالبا ما يضيفون قيمة أكبر للاقتصاد من خلال هذه التوزيعات، أكثر مما يضيف المضاربون في البورصة.
سيكون وضع قطاع السيارات هو الأسوأ خلال هذا العام، سيسجل القطاع مبيعات أقل في الفئات الأعلى سعرا. لا أتمنى أيضا أن أكون بسوق الدواء. لقد حققوا الكثير من الأرباح في الماضي، لكنهم يواجهون أزمة كبيرة الآن. ربما أتحمس بشكل انتقائي لبعض القطاعات في صناعة الأغذية، نظرا لانخفاض المكون المستورد في هذه الصناعة.
إذا قررت بدء عملي الخاص اليوم فسيكون بالطبع في مجال إدارة المخلفات. هناك فرصة ضخمة لإعادة تدوير المخلفات وتحويلها إلى طاقة، سواء كان ذلك من أجل صناعة الأسمنت أو لمحطات الطاقة الجديدة. لدينا إمكانيات هائلة، ولكن ما يعرقلنا هو الإمدادات من المخلفات وجودتها. بإمكان شركة السويس للأسمنت استخدام الوقود المشتق من النفايات لتغطية نحو 25% من احتياجات الطاقة لديها، ولكننا لا نستطيع الآن القيام بذلك لقلة الموردين الموثوق فيهم. اليوم، عليك جمع ومعالجة المخلفات من العديد من مكبات النفايات الصغيرة. العائق الأكبر لنمو هذه الصناعة هو القواعد الخاصة بجمع المخلفات ومكبات النفايات، إلى جانب عدم وضوح الجهة المنظمة لهذا السوق. يجب أن يتم بذل جهد واضح للسماح باستخدام أكبر للوقود البديل في جميع الصناعات، ولكن على الحكومة أن تبدأ بوضع إطار تشريعي شامل لهذا الأمر. الفرصة هائلة، هناك محطات كهرباء في أوروبا معتمدة بالكامل على النفايات، وعندما ترى فرق الأسعار فإنك تعرف بوضوح أنها فرصة استثمارية لا تعوض.
القضية التنظيمية الأهم والتي نتابعها هذا العام تتمثل في دور الحكومة والمؤسسات التابعة للدولة في صناعة الأسمنت، فلا يجب عليها أن تكون لاعبا نشطا في هذا المجال ولكن المطلوب منها أن تكون منظمة للعمل وللاستهلاك.
السؤال الذي يؤرقني هو ما الذي يمكنني فعله لتخفيف عبء ارتفاع التكاليف على الموظفين في ظل الظروف الحالية؟ لا يمكننا رفع الأجور بما يتجاوز الحدود المتفق عليها نظرا لظروف الشركة، ولكني أتفهم أيضا أن القدرة الشرائية تآكلت. علينا أن نجد حلا على المدى المتوسط.
دائما ما أتساءل إذا كان الدولار سيستقر عند ذلك السعر أم لا، أو إذا كان سيقترب من حاجز الـ 14 جنيها بحلول نهاية العام. جميعنا يعلم أن وصول سعر الصرف إلى 19 جنيها مرهونا بالطلب، ولكني لا أشعر بالارتياح، فإن معدل 19 جنيها يصعب قبوله والتعامل معه.