قال علي الشلقاني الشريك الرئيسي بمكتب الشلقاني للمحاماة ان 2017 عام المزيد من الإصلاحات الاقتصادية. وسنرى فيه قصص صعود في قطاعات البترول والغاز والبنوك والتكنولوجيا المالية وذلك خلال حوارة مع نشرة إنتربرايز
علي الشلقاني هو شريك رئيسي في مكتب الشلقاني للاستشارات القانونية والمحاماة، وانضم إليه من شركة لينكلاترز للقانون في لندن. يعد علي خبيرا بارزا في التمويل والمشروعات وعمليات الدمج والاستحواذ، كما يشاركنا أيضا بكتاباته في نشرة نهاية الأسبوع الإنجليزية من إنتربرايز، حيث يقدم لنا رؤية مطلعة تتقاطع فيها التجارة مع الاقتصاد مع المالية، من وجهة نظر رجل محترف في مجاله. ونعتز كثيرا بآراء علي، خاصة فيما يتعلق بقطاعات الطاقة والبنية التحتية. قراؤنا القدامى الذين يعرفون أن فكرة إنتربرايز في البداية كانت إصدار مجلة مطبوعة عن رواد الأعمال، لن يفاجئوا بتقديرنا لهذا المحامي الموهوب واهتمامه بريادة الأعمال، إذ يشغل علي منصب رئيس مجموعة كايرو إنجلز، والتي تتكون من 50 عضوا، معظمهم من المصريين يستثمرون أموالهم الخاصة ويستخدمون خبراتهم وعلاقاتهم لصالح الأعمال التي يستثمرون فيها.
لماذا التكنولوجيا المالية؟ عالج البنك المركزي المشكلة الرئيسية في القطاع المصرفي، وهو سعر الصرف. وبالتأكيد لا يزال هناك المزيد من العمل في هذا الشأن، على الأقل في النصف الأول من 20177، ولكن مسؤولي المركزي كانوا واضحين في أن أهم أولوياتهم في المرحلة المقبلة هي الابتكار، والبنك المركزي يتعامل مع التكنولوجيا المالية بجدية. انظر مثلا إلى قواعد المدفوعات متناهية الصغر التي يناقشونها. وبعد أن عرفت البنوك بتوجه المركزي، أطلق بنكان برامج لتسريع أدوات التكنولوجيا المالية. أصبح هذان البنكان أكثر كفاءة، وارتفع النمو لديهما نتيجة لزيادة الشمول المالي، كما أن لدى هذين البنكين أموال ليستثمروها في ذلك. صناديق رأس المال المخاطر في مصر والمنطقة، يمكن أن ترى هذه الفرصة المتاحة، ولديهم رؤوس أموال كبيرة للاستثمار.
كان يمكن القول أن قطاع السياحة سينتعش خلال العام الجديد، ولكن الأمر تغير بعد جريمة تفجير الكنيسة البطرسية، ولم يعد ممكنا الآن النظر لوضع قطاع السياحة بإيجابية على الأقل خلال النصف الأول من 2017، ربما هناك إمكانية لإعادة النظر في النصف الثاني من العام. أرى أن قطاع البترول والغاز سيشهد عاما قويا جدا، فاستثمار شركة روسنفت في حقل ظهر يؤكد على الاهتمام العالمي القوي بالاستثمار في ذلك القطاع داخل مصر، كما تلقينا طلبات كثيرة من مستثمرين مهمين لعقد صفقات أصغر حجما. الاهتمام بشكل أساسي بأنشطة البحث والاستكشاف، ولكن يتزايد الاهتمام أيضا بأنشطة نقل البترول والغاز. وهناك اهتمام كبير بالتكرير، وعندما تبدأ الشركة المصرية للتكرير التابعة لـ “القلعة القابضة” في العمل، سيتأكد هذا المفهوم. إذا انطلقت الشركة، سنشهد صفقات أخرى.
ما زلت آمل أن تتحسن الأوضاع، ولكني لست متفائلا للغاية بأن تصبح مصر خلال الفترة المقبلة مركزا للطاقة في المنطقة. هذا إن حدث سيغير قواعد اللعبة لسنوات وسنوات مقبلة.
من واقع ما نراه الآن، سيكون هناك المزيد من الاهتمام بالاستثمار في مشروعات الطاقة والبنية التحتية خلال عام 2017، وذلك مع تحرير سوق الطاقة خلال السنوات القليلة المقبلة. ونحن نرى الآن بالفعل استثمارات كبرى في مشروعات الطاقة المتجددة خارج برنامج تعريفة التغذية. إلى جانب ذلك، فإن هناك اهتمام بمشروعات البنية التحتية بدءا من الطرق ومرورا بمترو الأنفاق والسكك الحديدية. وهناك توقعات بطرح مشروعات لإنشاء محطات لتحلية المياه في 2017، بعد أن كانت بعيدة عن بؤرة الاهتمام خلال الفترة الماضية.
أعتقد أن سوق العقارات، والوحدات السكنية بشكل خاص، ستواجه العديد من التحديات هذا العام، في حين أتوقع أداء أفضل للوحدات التجارية والإدارية خلال العام المقبل. من الممكن أن يشهد قطاع العقارات السكنية انتعاشا أقرب مما نتوقع إذا كان هناك برنامج تقوده الحكومة ويطبقه القطاع الخاص لبناء شقق سكنية تناسب الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل، وهذا ليس بمستحيل. كنت أتحدث مع مطور مغربي متخصص في هذا القطاع، ويؤكد أنه مربح للغاية وذلك لأن الحكومة لديهم قامت بوضع الإطار الصحيح للعمل. إن مجال العقارات بإمكانه أن يصبح منطقة ثقل قوية، كما أن نجاحه سيؤدي إلى فوز الحكومة برضا المواطنين والرأي العام. من السهل الترويج لمثل هذا المشروع.
تتمثل الفرصة الكبرى المتاحة أمام الاقتصاد حاليا في النقاط الـ 17 التي أصدرها المجلس الأعلى للاستثمار، وأنا متحمس بشدة لتلك النقاط. أصبح لدينا للمرة الأولى استراتيجية متماسكة أشبه بخارطة الطريق، وذلك حتى يتمكن المستثمرون من استخدامها وتحضير الخطط الاستثمارية والميزانيات. ولكن لتحقيق ذلك علينا أن نحرز تقدما على عدة جبهات، ومن بينها تيسير الأعمال، وتوفير فرص للحصول على التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة وقبول الحوافز الضريبية. وفيما يتعلق بالحوافز فإنه من الخطأ الاعتقاد أننا لن نطبقها، فإذا أردنا أن ننافس بقوة، فعلينا استغلال كل أوراقنا الرابحة. المشروعات الصغيرة والمتوسطة تلعب دورا في توفير فرص العمل، وإذا كنت تريد القضاء على البطالة فأنت بحاجة إلى ترغيب أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الاستثمار. امنحهم إعفاء ضريبيا، لأنهم لن يدفعوا على أية حال. امنحهم التمويلات اللازمة، مثلما يفعل البنك المركزي حاليا مع المبادرة التي يخطط لها. العائق الأكبر قد يتمثل في البنوك نفسها، فهم لا يعرفون حتى الآن الطريقة المثلى لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وفيما يتعلق بالبيروقراطية، فأنا أود أن أراهم يتعاملون مع التصاريح والتراخيص الخاصة بالمشروعات الصناعية من زاوية مختلفة: فمن الممكن منح المستثمرين تصاريح مؤقتة والدفع بهم إلى العمل، ثم يمكن التحدث لاحقا عن إصدار تراخيص كاملة.
يتمثل التحدي الأكبر للقطاع القانوني في تدفق شركات المحاماة من الخارج على مدى السنوات القليلة الماضية، مما أدى إلى وجود منافسة إضافية. والمنافسة تجبر الجميع على تقديم أفضل ما لديهم، في حين يضيف ذلك المزيد من الضغط ويجعلك تتساءل إذا كان ذلك سوقا للنمو أم أنه متشبع ومغلق تماما.
هناك محادثات شاقة للغاية تحدث الآن حول الرسوم والأتعاب بعد تعويم الجنيه، ولكني أظن أن معظم من في الصناعة منطقيون، فلا يمكن أن تمرر الأثر الكامل للتعويم فجأة إلى العملاء. ونرى أن ما يحدث هو تقاسم الصعاب والوصول إلى حل وسط. سيؤدي هذا إلى تطوير كفاءة السوق.
وفيما يتعلق بالطروحات، سنشهد استمرار طروحات شركات القطاع الخاص في القطاعات الآمنة، المعتمدة على التعداد السكاني الهائل في مصر، مثل قطاعات الأغذية والمشروبات والمنتجات الاستهلاكية وقطاع التجزئة، وهي القطاعات التي تنمو بالأساس اعتمادا على القوة الشرائية والنمو السكاني. أتوقع أيضا العديد من أنشطة الدمج والاستحواذ. سنشهد في البداية نموا ثم ستأتي الاندماجات لاحقا.
وبعد ذلك يأتي بالطبع برنامج الطروحات الحكومية، والذي من المتوقع أن يبدأ بشركات البترول والغاز المملوكة للدولة. أنا أنظر دائما إلى الجانب الإيجابي. إذا جرت هذه الطروحات بشكل جيد مصحوبة بالعمل المؤسسي وبناء القدرات والكفاءات، سيكون النجاح عظيما. انظر إلى المصرية للاتصالات، ليس من السهل إدارة شركة بهذا الحجم، ولكنها تعمل بشكل جيد، فقد وضعوا هيكلا قويا للحوكمة، والشركة تحقق أرباحا قوية. أسواق المال ستحصل على دفعة كبيرة إذا شهدنا سلسلة من الطروحات القوية. نحن أيضا بحاجة إلى مزيد من السيولة.
ما هو العمل الجديد الذي قد أبدأ فيه اليوم؟ دون شك سأعمل كمستثمر ممول أو كما يسمى “مستثمر ملاك”. أفضل ميزة للعمل كمستثمر ملاك هي أنه يتيح لك رؤية شاملة للعديد من القطاعات. هناك الكثير من الصناعات التي تثير اهتمامي وبها ما أريده للاستثمار. بالتأكيد هذا الاستثمار لا يناسب الجميع، حجم المخاطرة به كبيرة للغاية، ولكني لدي شغف به، وإذا لم تخاطر بأكثر مما تخشى أن تفقده ستجده رائعا. هناك العديد من المستثمرين الممولين يستهدفون الشركات الصغيرة والمتوسطة وليس الشركات الناشئة. انظر إلى النجاح الذي حققته نيفين الطاهري في هذا المجال. وإذا كنت تريد العمل في مجال ملئ بالطاقة والنشاط فستجد في هذا المجال تجربة رائعة. ستقابل أشخاصا رائعين وتستمع إلى العديد من الأفكار القادمة من شركات لم تكن تتخيل أنك ستتعامل معها من قبل.
ما السؤال الذي سنسأله في نهاية 2017؟ ما هو السعر المستقر للجنيه المصري؟