محللون: تراجع أرباح القطاع المصرفى وانكماش النشاط الاقتصادى أهم التحديات
السويفى: الاستثمار الأجنبى المباشر والاستثمارات الحكومية أهم بدائل ضعف النمو الاستهلاكى
يسعى البنك المركزى من خلال عدد من القرارات والمبادرات التى اتخذها لاستيعاب تداعيات قرارات الإصلاح الاقتصادى والتى يتمثل أهمها فى قرار تحرير الجنيه الذى اتخذه البنك المركزى نفسه فى فبراير الماضى.
ويعد قرار رفع العائد 300 نقطة أساس القرار الأسرع والأكبر تكلفة الذى تحمله البنك المركزى والقطاع المصرفى ككل بمجرد إعلان تعويم الجنيه.
ولكن السؤال الذى يجدد نفسه هل المركزى قادر منفرداً أن يواجه التداعيات والتأثيرات الحادة التى خلقها قرار تعويم الجنيه وأهمها ارتفاع التضخم لمستويات تاريخية تجاوزه 25% خلال ديسمبر الماضى.
وأطلق البنك المركزى الشهر الماضى حوافز للقطاعين الصناعى والسياحى، لمساندتهما للتخفيف من التأثيرات السلبية للإجراءات، حيث خصص البنك المركزى 20 مليار جنيه بفائدة 12% كقروض ميسرة للشركات الصناعية، وعدم اتخاذ إجراءات قانونية ضد الشركات المتضررة بسبب فروق العملة، بالإضافة إلى إمكانية تثبيت سعر الدولار بقيمة محددة بناء على طلب كل شركة على حدة.
كما أعلن طارق عامر محافظ البنك المركزى فى اجتماع آخر مع مستثمرى القطاع السياحى، تدشين صندوق بحجم 5 مليارات جنيه لتمويل تجديد وتطوير الفنادق القائمة، فضلاً عن تأجيل مديونية القطاع حتى نهاية العام المقبل بدلاً من العام الجارى.
ويرى محللون ومصرفيون استطلعت «البورصة» آراءهم أن أهم التحديات التى تواجه القطاع المصرفى العام المقبل هو تراجع الأرباح من النشاط بعد انكماش التدفقات المالية للشركات وانخفاض الطلب على الدولار، مؤكدين أن المركزى يقوم بدور المحفز لدعم النشاط الاقتصادى لمواجهة التحديات عقب تحرير أسعار الصرف، فى ظل توقعات بتراجع النشاط خلال العام الجارى بفضل تباطؤ النمو الاستهلاكى.
واستبعدوا قدرة المركزى على مواجهة تكلفة جميع المصاعب المتعلقة بالنشاط الاقتصادى خلال العام الجديد، مطالبين الحكومة بتنفيذ بعض الإصلاحات الاستثمارية بهدف سرعة جذب الاستثمار الأجنبى المباشر.
وقالت ريهام الدسوقى كبير الاقتصاديين ببنك الاستثمار أرقام كابيتال، إن الحكومة مطالبة باتخاذ بعض الإجراءات المحفزة لقرار البنك المركزى بتحرير أسعار الصرف.
وأضافت: أن المركزى قام بتبنى سياسة سعر صرف أكثر مرونة، ولكنه غير قادر بمفرده أن يضمن نجاح النظام الجديد، مشيرة إلى أن نجاح الإصلاحات مرهون بجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وذكرت الدسوقى، أن الاجتماعات التى يجريها البنك المركزى تضع فى حساباته تأثير الإصلاحات فى الأجل القصير، لتقليل حدة الصدمات التى تلقاها المنتجون والمستهلكون مع ارتفاع التضخم.
وكان المركزى قد أعلن ديسمبر الماضى ارتفاع معدل التضخم السنوى لأعلى مستوى له منذ 8 سنوات ليسجل 20.2% خلال شهر نوفمبر الماضى بدلاً من 11.8% عن نفس الشهر فى 2015.
وأشارت الدسوقى، إلى أن الاقتصاد المصرى لا يحتاج إلى قوانين اقتصادية جديدة، وأنه لدينا ما يكفى من القوانين.
وذكرت أن خطوات المركزى قد تكون محاولة منه لتعويض نمو الطلب المحلى المنخفض المتوقع خلال الشهور المقبلة، متوقعة أن يسجل النمو الاقتصادى 4%.
وقالت كبير الاقتصاديين ببنك الاستثمار أرقام كابيتال، إن الحكومة تحتاج إلى تكامل فى السياسة المالية مع السياسة النقدية للبنك المركزى مع تهيئة بيئة مناسبة لجذب الاستثمار.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى، قد أصدر قراراً فى أكتوبر الماضى بإنشاء المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية، وعضوية رئيس مجلس الوزراء ومحافظ البنك المركزى، ووزراء الدفاع، الإنتاج الحربى، المالية، الاستثمار، الداخلية، العدل، التجارة والصناعة، ورئيس جهاز المخابرات العامة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، والرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، ورئيس اتحاد الصناعات المصرية، ورئيس اتحاد جمعيات المستثمرين.
وقال عبدالمجيد محيى الدين رئيس البنك العقارى المصرى العربى، إن القطاع المصرفى له دور فعال منذ ثورة 25 يناير فى دعم القطاع السياحى والقطاعات الصناعية.
وأضاف أن على الجانب الآخر الحكومة مطالبة باتخاذ إجراءات بالتوازى مع القطاع المصرفى لدعم تلك المشروعات التى تهدف إلى التنمية.
وذكر رئيس البنك العقارى المصرى العربى، أن البنك المركزى ما قبل تحرير أسعار الصرف أطلق العديد من المبادرات الداعمة للتنمية الاقتصادية والتى تضمن مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومبادرة التمويل العقارى.
وكان البنك المركزى قد أطلق عدداً من المبادرات خلال السنوات الخمس الماضية، من بينها مبادرة جدولة مديونية القطاع السياحى بعد تأثره سلباً نتيجة الأحداث السياسية، ومبادرة التمويل العقارى لمحدودى الدخل ورصد 10 مليارات جنيه كمرحلة أولى، ومبادرة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة 5% متناقصة راصداً لها 200 مليار جنيه، ملزماً البنوك بالوصول بمحفظة تمويل تلك المشروعات إلى نسبة 20% من إجمالى التمويلات حتى 2020.
ويرى محيى الدين، أن الهدف الأساسى فى العام الجارى هو استقرار أسعار الصرف فى السوق، متوقعاً حدوث ذلك خلال النصف الأول من العام الجارى.
وتشهد أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الجنيه تذبذبات كبيرة صعوداً وهبوطاً منذ تحرير أسعار صرف الدولار، فى ظل العمل بآليات تسعير العملات وفقاً للطلب والعرض.
وترى سهر الدماطى الخبيرة المصرفية وعضو مجلس الأعمال المصرى الإماراتى، إن هناك تنسيقاً كاملاً بين البنك المركزى والحكومة ضمن اللجنة الوزارية الاقتصادية.
وقالت إن البنك المركزى له دور فعال فى الوقت الراهن لدعم النشاط الاقتصادى عبر المبادرات التى يقوم بالتزامن مع الإصلاحات التى تم تنفيذها خلال العام الماضى المتمثلة فى تحرير أسعار الصرف.
وأضافت الدماطى، أن الحكومة قامت بمجهود فى توفير البنية التحتية الجاذبة للاستثمار خلال العام الماضى، والتى تشجع إلى جذب الاستثمار الأجنبى المباشر لمصر.
ووفقاً لبيانات وزارة التعاون الدولى تم توقيع اتفاقيات تمويلية للمشروعات التنموية ومشروعات البنية الأساسية خلال العام الماضى بنحو 13 مليار دولار، مقسمة على 9.5 مليار دولار قروضاً، و3.5 مليار دولار منحاً.
كما استطاعت الحكومة افتتاح عدد من مشروعات الإسكان ومشروعات الصرف الصحى والطرق، وترفيق المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية الجديدة، ومنطقة محور قناة السويس.
وقالت رضوى السويفى رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس، إن اجتماعات البنك المركزى الأخيرة مع القطاع السياحى واتحاد الصناعات تتعلق بالتحديات المرتبطة بتحرير أسعار الصرف.
وأضافت أن مصلحة البنك المركزى التوصل إلى اتفاق مع القطاعات والذى نجح فيه فعلياً، لتفادى أى تأثيرات سلبية على ديون تلك الشركات للقطاع المصرفى أو زيادة محافظ الديون المتعثرة لدى البنوك وتأثر الملاءة المالية للقطاع.
وتبلغ نسبة القروض غير المنتظمة من إجمالى محفظة القروض لدى بنوك القطاع المصرفى نحو 5.9% بنهاية سبتمبر العام الماضى، وفقاً لآخر بيانات قطاع الرقابة والإشراف التابع للبنك المركزى.
وذكرت رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس، أن الاستثمار الأجنبى المباشر والاستثمارات الحكومية تعد البدائل لتعويض ضعف النمو الاستهلاكى ومساهمتها فى النمو الاقتصادى خلال العام الجارى.
وقالت السويفى، إن الحكومة عليها دور فى ضبط السوق وحل المشاكل التى تواجه قطاعات عدة بعد تحرير سعر الصرف، والتى ظهرت فى سوق الأدوية والأسمدة بشكل كبير.