بقلم: جورج ماجنوس
أعلنت الصين، أن احتياطياتها من العملة الأجنبية انخفضت بنحو 41 مليار دولار ديسمبر الماضى، وأصبح مخزونها الآن 3 تريليونات دولار أى بانخفاض بلغ أكثر من تريليون دولار منذ ذروته فى عام 2014.
جاء ذلك فى الوقت الذى شارفت فيه السلطات الصينية على شن حرب ضخمة لتهدئة انخفاض قيمة اليوان؛ بسبب هروب تدفقات رءوس الأموال من البلاد وسط التباطؤ الاقتصادى والمخاوف بشأن مستويات الديون.
وعلى الرغم من الانخفاض السنوى لقيمة الاحتياطيات الأجنبية، ما زالت الصين تقف على أرضية صلبة، ولكن سيكون من المناسب أن يبدأ المستثمرون فى التساؤل حول مدى خطورة الوضع الراهن.
وينبغى، أيضاً، أن نسأل ما هى النقطة التى عندها لن يكون بنك الشعب الصينى، البنك المركزى، قادراً على تحمل دعم العملة الذى من شأنه أن يؤدى إلى انخفاض أكبر فى قيمتها أكثر من توقعات الكثيرين.
ويبدو أن الوضع يمكن التحكم فيه خلال الوقت الراهن، حيث قد يستغرق الأمر من 12 إلى 18 شهراً قبل البدء فى دق ناقوس الخطر.
وتضم الاحتياطيات التى تراجعت إلى حد ما أموالاً غير سائلة تمثل نحو ثلاثة أضعاف حجم الديون الصينية على المدى القصير، وتغطى ما يقرب من 18 شهراً من الواردات.
وكشفت بيانات صندوق النقد الدولى، أن احتياطيات الصين كافية ما دامت الدولة تحتفظ بضوابط رأس المال.
ولذلك ليس من المستغرب أن تقوم الصين بتشديد ضوابط رأس المال لوقف نزيف الاحتياطيات الأجنبية، وهروب تدفقات رأس المال وانخفاض قيمة عملتها خاصة مقابل الدولار الأمريكى.
وينبغى للمستثمرين الذين يراقبون الأسواق المالية الصينية ملاحظة أربعة أشياء:
أولاً: لا يمكن للاحتياطيات أن تتماشى مع هبوط العملة دون وقوع صدمات لأن الصين تدير فائضاً فى الحساب جارياً تصل قيمته إلى حوالى 250 مليار دولار سنوياً إلى جانب هروب تدفقات رأسمال إلى الخارج بمعدل يتراوح بين 550 ملياراً و650 مليار دولار.
ويجب أن يكون التركيز على معدل الانخفاض فى العملة، وما إذا كانت المستويات المطلقة سوف تدفع الاحتياطيات إلى ما دون 3 تريليونات دولار.
ثانياً: على الرغم من تشديد السلطات الصينية الرقابة على تحركات رأس المال تدريجياً فهذا الوضع لن ينتهى.
أضف إلى ذلك أن سوق العقارات والبنوك ستسمح، أيضاً، بالإقراض المحلى الذى يعيث فى الأرض فساداً.
وإذا أرادت الصين الحد من تدفقات رأس المال الخارجة والحفاظ على ارتباط قيمة اليوان بسلة من العملات، فإنها تحتاج لقبول قيود السياسة النقدية التى تضمن الحفاظ على استقرار أصول البنك المركزى والنظام المالى مع احتياطيات العملة.
ودون الرغبة فى تضييق الخناق على معدلات السيولة النقدية سوف يستمر مسلسل هروب رأس المال إلى الخارج، وهو ما يتسبب فى تشديد معدلات السيولة والفائدة المحلية.
ثالثاً: إن تطبيق ضوابط رأس المال التى أجرتها الحكومة، مؤخراً، وتنفيذها بصرامة يعد العائق الرئيسى أمام احتياطى العملة.
فهذه الضوابط جاءت على عكس توقعات المستثمرين، حينما كشفت الصين عن رغبتها فى تحويل اليوان إلى عملة احتياطية عالمية لمنافسة الدولار واليورو.
وهذه التدابير، أيضاً، لا تتناسب تماماً مع مبادرة «طريق الحرير» وتعزيز الاستثمار فى البنية التحتية، حيث سيعتمد ذلك على التدفقات الكبيرة والمستمرة.
رابعاً: مشكلات الصين العميقة مع سياسات الائتمان وتدفقات رأس المال وقيمة اليوان قد تزداد سوءاً إذا تضافرت سياسات الرئيس دونالد ترامب، ومجلس الاحتياطى الفيدرالى لدفع عوائد السندات.
وهناك توتر محتمل من تنفيذ إدارة ترامب، تهديداتها تجاه الصين بعد تسميتها المتلاعب الكبير فى العملة، وما قد يعنى ذلك للعلاقات التجارية.
لذلك، لابد من التدقيق فى هذه الأمور الأربعة وربما يحسم كل هذه القضايا المؤتمر الـ19 للحزب الشيوعى الصينى المقرر عقده فى وقت لاحق العام الجارى.
إعداد: محمد رمضان
المصدر: بلومبرج