التعويم يضاعف تكلفة تجهيز كفاءات جديدة ويرفع جاذبية العمل فى الخليج
“أبوالسعد”: الحفاظ على الكوادر أكبر التحديات بعد التعويم.. و”عبدالرحمن”: ضرورة المزج بين الخبرة والشباب
“لطفى”: استقدام حديثى التخرج فى ظل انتعاشة السوق “عالى المخاطر”
“حسن”: شركات عديدة تبحث عن سماسرة جاهزين بعملائهم استغلالاً لانتعاشة السوق فقط
“عبدالعزيز”: السنوات العجاف أفقدتنا العديد من الكوادر وتكلفة الإعداد مرتفعة للغاية
أنعشت البورصة المصرية أحلام شركات السمسرة فى التوسع مع ارتفاع احتمالات التحول للربح بعد 7 سنوات عجاف مر بها سوق المال منذ النصف الثانى من 2018 والتى شهدت خسائر فادحة وتسريح كوادر وإغلاق فروع وتقويد التكاليف.
ويبدو أن سوق المال المصرى سيئ الحظ فرغم نمو قيم تعاملاته اليومية وزيادة حجم نشاط شركات الوساطة فى الأوراق المالية، إلا أن التكاليف أضحت باهظة لمحاولة اجتذاب الكوادر المهاجرة أو حتى الحفاظ على مواردها البشرية الحالية فى ظل تراجع كبير للعملة المصرية بات يمثل مبلغ 1000 دولار كراتب شهرى نحو 19 ألف جنيه.
«البورصة» رصدت استراتيجيات كبار السماسرة فى السوق، إذ أكّدوا مواجهة السوق المصرى مخاطر فقدان اغلب الكفاءات والكوادر بسبب انخفاض العملة المحلية ومن ثم متوسط الأجور مقومة بالدولار ما يرفع جاذبية العروض الخليجية.
كما أن ارتفاع تكلفة الشهادات العملية لمهن السمسرة والتحليل المالى وادارة الأصول وطول فترة الانتظار لإعداد هذه الكوادر يعد مخاطرة مرتفعة، يمكن معها تفويت فرصة تحقيق اعلى استفادة من انتعاشة السوق الحالية.
قال أحمد أبوالسعد رئيس جمعية المحللين الماليين CFA مصر، أن السوق المصرى اصبح طاردا للكفاءات البشرية، بسبب انخفاض قيمة العملة المصرية، ومن ثم تبقى دولارات الخليج جاذبة للكفاءات المصرية ما يعرض السوق لمخاطر غياب هذه الكوادر.
اضاف لـ«البورصة»، أنه على الرغم من ارتفاع تكلفة شهادة CFA فى مصر بعد تعويم الجنيه الا أنها تبقى ملاذاً آمناً لحديثى التخرج فى مصر، بسبب الخبرات العلمية والفنية التى تمنحها الشهادة لحاملها فى مجالات الاستثمار والتى تمنحه ضوءا اخضر للعمل فى مصر أوخارجها.
واشار خالد عبد الرحمن العضو المنتدب لقطاع الوساطة بشركة «سى أى كابيتال» الى احتياج شركات السمسرة التوسع داخل القطاع المحلى وبدء إعادة التفكير فى الخطط التوسعية الماضية التى تأجلت على خلفية تراجع أحجام التداولات.
ويرى عبدالرحمن أن الاختيار التعليم الذاتى فى المؤسسات الكبيرة الطريقة المثلى للنجاح عبر اختيار كوادر بشرية يمكن الاعتماد عليها فى الخطط التوسعية المستقبلية، عبر قابلية القيادة والتدريب للمنضمين حديثاً لبيئة الأعمال.
اضاف: على الشركات أن تحدد أولوياتها فى اختيار خبرة الكوادر الجديدة وثقافة العمل بها فى ظل استراتيجيتها المستقبلية بين اختيار خريجين بدون خبرة برواتب ضعيفة تتحملها الشركة لحين انتهاء فترة التدريب والتى تكسب العاملين بها ثقافة المؤسسة والانتماء، أو جلب مديرين حسابات ومحللين بخبرات سابقة مع رواتب مرتفعة لتحقيق مردود مادى سريع.
ويرى أن نمو حجم التداولات سينشط التوسعات لجميع الشركات مع اختلاف استراتيجيتها ويخلق مزيداً من فرص العمل فى ظل وجود إمكانيات مادية لجميع الشركات لم تكن متوفرة إلا لعدد محدود فى الوقت الماضي.
وكشف أحمد شحاتة رئيس الجمعية المصرية للمحللين الفنيين، عن متوسط رواتب المحللين الفنيين المعتمدين بمصر والحاصلين على شهادات معتمدة وتتراوح بين 75 ألف جنيه شهرياً لمن تزيد خبراتهم على 10 سنوات، و20 ألف جنيه لمن تتجاوز خبرتهم 5 سنوات، بينما يأتى متوسط أجر المحللين المبتدئين بخبرات بين 3 إلى 5 سنوات نحو 10 آلاف جنيه، فى المقابل هناك غير المعتمدين وغير الحاصلين على شهادات دراسية مثل «CETA و CMTe و CFTe» ويبلغ متوسط رواتبهم 4 آلاف جنيه شهريًا.
تصل تكلفة شهادة CETA التى تدرسها الجمعية المصرية للمحللين الفنيين، نحو 12 ألف جنيه، مقسمة على 3 مستويات مقابل 1400 دولار لشهادة الـ CFTe المتخصصة فى التحليل الفنى تعادل نحو 28 الف جنيه.
وبحسب شحاتة فإن عدد المحللين الفنيين بالسوق المصرى بلغ 450 محللا من اعضاء الجمعية المصرية للمحللين الفنيين، مقابل 1000 عضو عام 2008 قبل الأزمة الاقتصادية العالمية.
وقال محمد ماهر العضو المنتدب لبنك الاستثمار «برايم القابضة» إن توسع شركات السماسرة يعتمد بشكل أساسى على القوى البشرية والكوادر المتاحة لإدارة الفروع الجديدة.
ويرى أنه يجب الاعتماد على الأسلوبين من خلال اجتذاب العمالة من ذوى الخبرة لتحقيق التنافسية مع الشركات الكبرى، بالإضافة إلى التوسع فى تدريب الخريجين حديثاً لمحاولة خلق جيل جديد من العاملين بالسوق ينشر الوعى الاستثمارى للأجيال المقبلة.
وذكر أن تفضيل الشركة لنظام التوظيف يعتمد على مبدئى التكلفة والحفاظ على حصتها السوقية والتطور، بالإضافة للعملاء المستهدفين، مبينا انه اذا قررت شركة استهداف عملاء فى الخارج ومؤسسات فإنها تضطر إلى اختيار توظيف كوادر ذات خبرة برواتب مرتفعة، أما إذا كانت تستهدف مستثمرين أفراد فإنها ستفضل الموظفين حديثى التخرج بأجور أقل مع قدرتهم على التعلم بشكل أسرع.
ونصح الشركات بضرورة أن تدمج الأسلوبين معًا لتخفيض التكاليف والتوسع فى عدد الفروع والعاملين مع الالتزام بالجودة خاصة وأن القطاع فى النهاية خدمي.
من جانبه قال عونى عبد العزيز رئيس شعبة الأوراق المالية بالغرفة التجارية، إن استدامة النمو أمل شركات السمسرة الصغيرة فى العودة للربح، على الرغم من نمو حجم تعاملات السوق إلا أن حصة هذه الفئة من الشركة لم تشهد نفس نسب النمو بسبب نقص الكوادر وارتفاع تكلفة التدريب.
وأشار عبد العزيز إلى أن اعوام جفاف الموارد تسببت فى هروب العديد من الكوادر خارج البورصة المصرية وحتى يمكن للشركات إعادة بناء مثل هذه الكوادر قد تنتهى معها دورة الصعود قبل الاستفادة فضلاً عن ارتفاع تكاليف التدريب وأجور اقتناص كوادر مدربة.
وقال محمد لطفى رئيس قطاع السمسرة، بشركة اسطول لتداول الأوراق المالية، إن الأفضل للشركات عدم المخاطرة بتعيين موظفين دون خبرة خلال الفترات التى تشهد انتعاشة للسوق حتى تتمكن الشركات من تحقيق اعلى استفادة من ارتفاعات السوق.
اضاف، أن الفترات التى تشهد انتعاشة فى السوق ترتفع احتياجات الشركات للتوسع، ومن ثم يتعين عليها جذب الكفاءات البشرية بخبرة مرتفعة حتى لو بدخول مرتفعة.
وقال هشام حسن رئيس قسم التحليل الفنى بشركة اكيومن لتداول الأوراق المالية، أن هناك وظائف معينة فى شركات السمسرة تتطلب توافر خبرات واشتراطات من جانب الهيئة العامة للرقابة المالية، فى امتلاك رخصة لمزاولة المهنة، بجانب توافر سنوات الخبرة.
وفرّق حسن بين توسعات الشركات ذات الهياكل المؤسسية التى تسعى لاستدامة النمو والأخرى التى تخطط فقط لاقتناص اكبر حصة من كعكة ارتفاعات السوق وقيم التعاملات، إذ إن الشركات التى تملك رغبة فى نمو مستدام وتوسع افقى ورأسى فى حجم اعمالها، تفاضل من حيث التكلفة بين الاستعانة بخبرات مرتفعة الرواتب والتى تتجاوز 10 آلاف جنيه شهرياً، أو الاستثمار فى تدريب عناصر جديدة لا تتجاوز روتبها 3 آلاف جنيه، أو المزح بينهما.
وذكر أنه على الجانب الآخر، توجد شريحة من شركات السمسرة تبحث عن سماسرة جاهزين بعملائهم، للفوز بتنفيذات تجمل الإيرادات على أن يحصل السمسار الجاهز على نسبة كبيرة من الإيرادات التى تتحصل عليها شركة السمسرة، وايضاً ترفع من شأنها بين شركات السمسرة، فى الترتيب العام الذى تصدره البورصة المصرية.
اضاف أن الشريحة الثانية من شركات السمسرة، تكرر نفس محاولات جذب السماسرة مع كل دورة صعود للبورصة، الا أن من جذبتهم الشركة من سماسرة وعملاء لا يستمرون كثيراً فى الشركات بسبب غياب معايير استدامة النمو من فقر فنى، وتوسع فى فتح مراكز مالية مدينة.