بقلم: نيك باتلر
كان مقرراً أن يسافر الرئيس المكسيكى إنريكى بينيا نييتو، إلى واشنطن، الأسبوع الماضى، للقاء دونالد ترامب، الرئيس الأمريكى الجديد.
ولكن لم تعد هناك فرصة لعقد اجتماع بين الزعيمين الآن، بعدما أعلن ترامب، أن المكسيك عليها دفع ثمن الجدار الفاصل بين البلدين.
هذه المرحلة ينبغى علينا أن نأخذها على محمل الجد؛ نظراً إلى طبيعة العلاقة المهمة بين أمريكا والمكسيك، إذ تعد الولايات المتحدة هى الوجهة الأساسية لحوالى 236 مليار دولار من الصادرات المكسيكية.
ولكن الآن، ومع استعراض «ترامب»، عضلاته على جيرانه، تدور المناقشات حول مستقبل ثروات قطاع الطاقة المكسيكى.
هناك أسباب كثيرة لغضب المكسيكيين، أولها تصريحات «ترامب» للشركات الأمريكية بالعودة إلى موطنهم، وتقليص فرص العمل خارج أمريكا بعد إعلانه فرض رسوم جمركية أو إجراءات عقابية أخرى غير محددة حتى الآن.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تعد فيه الولايات المتحدة، المتلقى لأكثر من ثلاثة أرباع الصادرات المكسيكية، إضافة إلى أن التحركات بفرض قيود على التجارة قد يقلص عدد المستثمرين الدوليين الذين يرون المكسيك وسيلة سهلة لاختراق السوق الأمريكى.
ثانى الأسباب، هو وعود «ترامب»، بفرض قيود أكثر صرامة على تدفقات الهجرة، حيث تعد الولايات المتحدة موطناً لحوالى 12 مليون شخص من أصل مكسيكي، وكثير منهم يعمل، ويرسل الأموال إلى عائلاتهم.
وكشفت بيانات مركز «بيو» للأبحاث، أنه فى عام 2014 مثّل المكسيكيون حوالى 52% من جميع المهاجرين غير المصرح لهم بالعيش فى الولايات المتحدة.
إن أى صراع محتمل بين الجيران يمكن أن يكون كارثة اقتصادية للمكسيك، خصوصاً أن معدلات النمو منخفضة فى الأساس؛ بسبب ارتفاع التضخم وانخفاض العملة المحلية «البيزو»، بنسبة تجاوزت 10% منذ الانتخابات الأمريكية.
فالمكسيك لديها عدد قليل من ورقات المساومة التى تؤهلها لمراوغة واشنطن. لكن قد يسهم قطاع الطاقة فى توفير نقطة ذات أهمية مشتركة.
وأكد «ترامب»، منذ تنصيبه، أن الولايات المتحدة ينبغى أن تعمل من أجل استقلال الطاقة.
وتمتلك المكسيك احتياطيات نفطية تقدر بحوالى 10 مليارات برميل من البترول، و300 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.
ورغم تراجع الاحتياطيات النفطية بشكل كبير على مدى السنوات الـ20 الماضية، ما زال هناك الكثير الذى يتعين اكتشافه وتطويره، ولا تزال هناك مناطق كبيرة لم يتم استكشافها، وينبغى على التكنولوجيا الحديثة أن تكون قادرةً على استخراج أكثر من ذلك بكثير من الحقول القائمة فى البلاد.
ولدى المكسيك أيضاً، إمكانات هائلة غير مستغلة فى الطاقة الشمسية والرياح، ويمكن أن تلبى ليس فقط احتياجاتها من الكهرباء.. لكن يمكن أن تساعد أيضاً فى توفير الاحتياجات المتزايدة من الولايات المتحدة.
فإذا كان من الممكن جلب هذه الموارد إلى أمريكا خلال تحالف طاقة، ستتمكن الولايات المتحدة فى القريب العاجل من تحقيق الاكتفاء الذاتي، وبالتالى تحقق الاستقلال فى القطاع دون الاعتماد على منتجى البترول فى الشرق الأوسط أو السوق الدولى الأوسع نطاقاً.
ولعل الحاجة إلى إيجاد أجندة جديدة مع الولايات المتحدة، يمكن أن يكون سبباً لحدوث تغيير حقيقي.
فالاستثمارات الجديدة فى الطاقة، ستوفر فرص العمل وتحد من هجرة الكثيرين.
ومن الناحية العقلية، يمكن أن توفر الطاقة، عنصر المنفعة المتبادلة، إذ يحتاج قطاع الطاقة المكسيكى إلى إصلاح جذرى وتدفقات استثمارية ضخمة، بجانب الحصول على التكنولوجيا العالمية.
ولا نستطيع أن نحدد مدى استفادة الولايات المتحدة تحت أى ظرف، من زعزعة استقرار جارتها.
وينبغى إدراك، أن جهود «ترامب» للاستقلال فى مجال الطاقة ستكون لها آثار مدمرة على دول الخليج والعديد من المنتجين الآخرين فى جميع أنحاء العالم، ما سيزعزع الاستقرار بشكل كبير.
إعداد:
محمد رمضان
المصدر:
فاينانشيال تايمز