بقلم: دايفا ريبكاتى
ينبغى على بريطانيا أن تنظر إلى حجم الاستفادة من منطقة جنوب آسيا إذا أدارت ظهرها لأوروبا، بفضل تزايد عدد السكان، والاقتصاد متعدد السرعات فى هذه المنطقة.
ومن المرجح أن تُظهر دول جنوب آسيا، مزيداً من الصبر، مقارنة بأوروبا القارية، فى التعامل مع المناخ السياسى الحالى فى المملكة المتحدة.
وينبغى على الشعب البريطانى الذى يعد أقل كفاءةً فى استخدام اللغات الأجنبية مقارنة بنظرائه الأوروبيين، وهو ما يقلل تنافسيتهم فى سوق العمل متعدد اللغات، التركيز على البلدان التى تستخدم اللغة الإنجليزية فى مجال الأعمال التجارية والتعليم.. وهذا من شأنه أن يفتح الباب نحو مستقبل أكثر إشراقاً بالنسبة لبريطانيا.
ويعد الهنود، الأكثر شيوعاً بين السكان البريطانيين، إذ بلغت نسبة تسجيل مواليدهم فى المملكة المتحدة 9%، فى حين أن باكستان جاءت بنسبة 6%، وبنجلاديش 2%. وهذه العمالة الوافدة يمكن أن تصبح جسراً ثقافياً واقتصادياً، بعد أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي.
وتستعين بريطانيا بمواطنى هذه الدول للعمل فى قطاع تكنولوجيا المعلومات، وكذلك المنسوجات والصناعات الزراعية.
وتعد اقتصادات دول جنوب آسيا متكاملة.. لكن لا قدرة لها على منافسة المملكة المتحدة.
يأتى ذلك إلى جانب سهولة الحصول على وظائف فى بريطانيا، الأمر الذى يعمل على تعزيز تنمية هذه الدول، وهناك أيضاً الكثير الذى يمكن تحقيقه فى المستقبل.
ومع حالة عدم اليقين الناجمة عن تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبى، فإنَّ لدى المملكة المتحدة فرصة لتبسيط سياساتها مع منطقة أخرى من خلال الجمع بين التعليم والمساعدات التنموية والحوار فى مجال حقوق الإنسان والتجارة.
وفى استفتاء العام الماضي، أظهر الناخبون البريطانيون كيف كانوا غير راضين عن العمالة الوافدة من الاتحاد الأوروبي.
ولكن فى الوقت نفسه، فإن آلاف العمال فى الهند وباكستان وبنجلاديش وسريلانكا سيكونون فى غاية السعادة حال حصولهم على فرص عمل جديدة فى المملكة المتحدة.
ومن خلال التحول نحو هذه الدول المزدهرة ديموغرافياً فى جنوب آسيا، قد تجلب المملكة المتحدة العمال فى سوق عملها بسهولة، حتى وإن كان ذلك مؤقتاً لمدة 5 سنوات.
وغالباً ما يحاول الناس فى هذه الدول الوصول إلى أوروبا بطريقة غير مشروعة عبر طرق خطرة.
ولكن فرص العمل بشكل قانونى فى المملكة المتحدة من شأنها أن تشجع الكثير لتجنيب أنفسهم هذا العناء.
وليس من الضرورى أن تكون الاستفادة من جانب واحد فقط، ولكن الشعب البريطانى يمكنه أيضاً العثور على وظائف فى هذه البلدان، كمدرسين للغة الإنجليزية ومستشارين للأعمال التجارية والثقافية.
وينبغى أن يستفيد العمال ذوو المهارات العالية من سهولة الحصول على وظائف فى المملكة المتحدة. ويمكن وضع إطار مماثل لبرنامج المفوضية الأوروبية «هوريزون 2020» للبحث والتعاون العلمى.
ويمكن أن يكون ذلك مصحوباً بالتبادل الأكاديمى على غرار برنامج «إيراسموس» مع الجامعات ومعاهد التدريب المهنى فى جنوب آسيا.
إن التعامل مع بريطانيا فى المستقبل سيساعد شركات جنوب آسيا، لتصبح مقصداً للشركات التى تسعى إلى الاستفادة من اتفاقيات التجارة التفضيلية مع الاتحاد الأوروبي، المحتمل أن يتم التصديق عليها بعد الخروج الفعلى لبريطانيا من الاتحاد الأوروبى.
ومع كل هذه الفرص الواعدة، يتعين على الحكومة البريطانية أخيراً فرض ضرائب على أعمالها على نحو ملائم، ومنع الشركات من الهروب إلى الملاذات الضريبية فى أوروبا.
وفى النهاية بعدما أصبح واضحاً، أن المملكة المتحدة ستغادر الاتحاد الأوروبي، فعليها تحقيق الاستفادة القصوى من الفرص التى يتيحها الخروج. وسيتطلب ذلك بعض التفكير الجرىء، والتطلع نحو منطقة جنوب آسيا هو مكان جيد للبدء.
إعداد: محمد رمضان
المصدر: فاينانشيال تايمز