ثار الجدل مرة أخرى عندما تواترت الأنباء عن قيد أسهم بنك القاهرة بجدول قيد الأوراق المالية بالبورصة تمهيداً لطرح حصة من ملكية الدولة فى البنك، أو ما يعرف بالخصخصة.
فريق يرى أن هذه الخطوة تسير فى الطريق الصحيح نحو تحقيق أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادي، بينما الفريق المعارض يرفع الراية الحمراء محذراً من العواقب الكارثية التى يمكن أن تحدث لو تخلت الدولة عن ملكيتها فى واحد من أكبر البنوك المملوكة للدولة.
بادئ ذى بدء، اسمحوا لى أن أشرح ماذا يعنى مصطلح الخصخصة من أجل تمهيد الطريق لفهم بقية المقال.
الخصخصة مصطلح حديث نسبياً، وله أكثر من مُسمى مثل «التخصيص» أو «التحول إلى القطاع الخاص» وكلها مفردات تُفيد حالة انتقال الملكية من المؤسسات الحكومية (ما يُسمى بالقطاع العام) إلى القطاع الخاص.
كما تُشير الخصخصة على النطاق الأوسع إلى إدخال قوى السوق وآليات العرض والطلب والمنافسة إلى اقتصاد الدولة.
وفى كثير من الحالات، خاصة فى وسائل الإعلام غير المتخصصة، يُشير المصطلح إلى بيع المشروعات العامة للقطاع الخاص.
وللتعريف ببنك القاهرة، أسس البنك فى 1952 كشركة مساهمة مصرية برأسمال قدره نصف مليون جنيه مصري.
وفى عام 1956 وعقب إعلان تأميم قناة السويس كان بنك القاهرة ضمن البنوك المصرية التى قامت بتوفير التمويل اللازم لمحصول القطن إثر امتناع البنوك الأجنبية قى مصر عن تمويل هذا المحصول الاستراتيجى.
وفى عام 1957 قام البنك بشراء فروع بنكين فرنسيين من أقدم وأهم البنوك وهما الكنتوار ناسيونال ديسكونت دى بارى وبنك الكريدى ليونيه فى اطار تمصير البنوك.
أما الآن فيبلغ رأسمال البنك 2.25 مليار جنيه موزعة على 562.5 مليون سهم بقيمة اسمية 4 جنيهات للسهم ولديه شبكة فروع تصل الى 230 فرعا تغطى أنحاء محافظات مصر.
بدأت محاولات خصخصة بنك القاهرة فى عهد وزارة أحمد نظيف عام 2007، وتم اختيار مؤسسة «جى بى مورجان» المصرفية الأمريكية لتتولى دور المستشار المالى لعملية طرح بنك القاهرة.
وكان من المتوقع أن تصل حصيلة البيع الى أكثر من 1.6 مليار دولار، ولكن الصفقة فشلت بعد أن رفضت الحكومة بيع الحصة المقدرة بـ 67% لأى من البنوك الثلاثة التى تنافست عليها وهى بنوك العربى والمشرق والأهلى اليوناني، وذلك لأن العروض المالية المقدمة كانت أقل من تقييم اللجنة المشكلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء لوضع تقييم للبنك الى جانب تقييم بنك «جى بى مورجان» مستشار الطرح.
ومع بدايات العام الجاري، أطلت على الساحة من جديد فكرة طرح حصة من بنك القاهرة فى البورصة على خلاف المحاولة السابقة بطرح الحصة لمستثمر استراتيجي.
تسير خطوات الخصخصة بخطوات تبدأ بقيد أسهم البنك فى البورصة بنسبة تتراوح بين 15% و20% من رأس مال البنك.
تلا ذلك طرح شهادات إيداع دولية تمكن البنك من توفير سيولة دولارية، وتسهم فى تنويع حملة أسهمه وتوسيع قاعدة المستثمرين بما يؤدى الى زيادة واستقرار سعر السهم.
يرى المعارضون أن خصخصة بنك القاهرة خطأ كبير وتدمير للقطاع العام خصوصاً فى ظل الوضع الاقتصادى الذى تعانى منه مصر والتدهور الحاصل فى البورصة، فلابد أن تقطع الدولة أولاً شوطا كبيرا فى طريق النمو قبل التفكير فى خصخصته جزئياً.
والفريق المؤيد لفكرة طرح حصة من ملكية الحكومة فى البنوك يرون مزايا متعددة، فهى تهدف الى تطوير البنوك وزيادة رأس مالها ودعم السيولة، كما يساهم فى استعادة ثقة المؤسسات الاستثمارية الخارجية للاستثمار فى مصر ويجذب شرائح جديدة من المتعاملين والمؤسسات الخارجية لسوق المال ويوسع الملكية ويحقق تحسين الخدمات بها ويرفع كفاءتها، بالاضافة الى ذلك، سوف يدعم الطرح البورصة ويكون له تأثير إيجابى فى زيادة رأس المال السوقى فى البورصة.
ختاماً، أرى نفسى منحازاً فى صف المؤيدين لفكرة طرح حصص البنوك فى البورصة لأنه سوف يضع مصر على الطريق السليم فى مسار الإصلاح الاقتصادي. وفى الوقت ذاته، أطالب الحكومة بتشديد رقابتها على جميع المؤسسات التى تطرحها من خلال منظومة متكاملة من التشريعات الحديثة والنظم الرقابية والآليات الفعالة التى تضمن عدم الإضرار بالمنظومة الاقتصادية وحقوق العاملين وتأخذ بعين الاعتبار مصلحة المواطن.
***
[email protected]