اقتصادنا يا تعبنا.. الحلقة 27..
إذا كان فريق كرة القدم المصرى فى تصفيات الأمم الأفريقية قد حقق إنجازا كرويا جيدا جدا بالوصول إلى النهائى والحصول على المركز الثانى، وكان قاب قوسين أو أدنى من المركز الأول والحصول على البطولة، وذلك رغم ضعف الإمكانات البدنية والمهارية مقارنة بفرق مثل بوركينا فاسو والكاميرون وغيرها من الفرق المتنافسة.. فإن ذلك يعد إدارة حكيمة للإمكانات المتاحة مع بعض الحظ..
وإذا كان فريق كرة القدم يتكون من 11 لاعبا وبعض الاحتياطيين يديرهم مدربا يعرف إمكانات لاعبيه اختارهم بعناية ليساعدوه فى تحقيق الهدف، كل له مركزه يقاتل ويكافح ويبدع أحيانا للاتيان بأفضل ما لديه ليحقق مع باقى اعضاء الفريق من زملائه تجاه هدف واحد وهو البطولة، فإن روح الفريق سادت سعيا وراء هذا الهدف بانسجام وتناغم بروح الفريق وبهدف استراتيجى هو البطولة.. واحترمه 90 مليون مواطن مصرى ووقف وراءه رغم ضعف الإمكانات، ولكنه وجد فى فرحته مثلما وجد فيهم الإصرار والهمة لتحقيق الهدف..ورغم تحقيق المركز الثانى فإنه وجد الاحترام والتصفيق.
وبمقارنة هذا الفريق بفريق الحكومة الحالى وشكواهم المستمرة من ضعف الموارد وإلخ.. والقول ببعض الأحيان إننا فقراء.. كانت لنا وقفة.. لأن سياساتكم هى التى أوصلتنا لهذا الوضع مع عنترية ظاهرية كشفت سترها المعيب.. بل جاءت قراراتكم كاشفة للضعف فى الأداء وعدم الاستعداد للآثار السلبية لها اسوة بالتعويم الصحيح نظريا المغلوط عمليا.. وما نابنا إلا الانحدار فى مستوى الدخل والقوة الشرائية وانحطاط المواطن والتكالب على جيبه لإفراغه مما تبقى فيه.
فلم ولن تكون مصر فقيرة، فهذه البلد قامت بها حضارة 7 آلاف سنة بالموارد المتاحة وبالعلم..وبالمواطن المصرى الفرعونى.. فظلت إعجازا ما زال العالم يفك لغزه حتى الآن.. وفى عهد محمد على قامت نهضة صناعية تنموية يتحاكى بها المصريون حتى الآن.. لماذا لا نتعلم من تجاربنا السابقة أو من تجارب دول بدات معنا وسبقتنا.. وقد أشرنا إلى العديد منها سابقا..
إنها الإدارة الحكيمة يا سادة التى تستطيع إدارة الموارد بافضل كفاءة وفاعلية.. فمعنى ادارة الاقتصاد ينحصر فى ادارة الموارد الاقتصادية والتى غالبا ما تتصف بالندرة..
ماذا يعمل فريق الحكومة أو فرق الحكومة التى تعاقبت.. هل حللت البيانات وحددت الاهداف.. هل حصرت مواردها.. هل طورت من فكرها التقليدى.. على الاقل لتصل الى الحد الادنى من الادارة.. بمعنى ادارة الموارد بضمير دون اختراع العجلة من جديد والتعلم فينا من جديد..
على فريق الحكومة ان يتعلم من انجار فريق الكرة المصرى.. وان يعمل بتناغم وكل فى مركزه تحت مظلة رؤية واهداف محددة.. كل له دوره يتعأون مع زملائه من الوزراء ويتشارك معهم الهمة والإمكانات لتحقيق الأهداف.. والمايسترو وهو الرئيس يتابع ويوجه ويراقب من خلال هيئة مستشارين مختارين بعناية.. والكابتن رئيس الوزراء على رأس العمل فى الملعب.. يعنى مانلاقيش بتاع التخطيط أو بتاع التعأون الدولى بيتكلم فى شغل الاستثمار أو الصناعة أو التموين وما نلاقيش بتاع الاستثمار بيتكلم فى شغل الصناعة أو التعأون الدولى أو فى السياسة النقدية..
ارحمونا وركزوا وأبدعو كل فى مجاله وبتعأون وتنسيق عشان تقوملكم قومة.. كفاية علينا هو زى بتوع الاستثمار.. وكفاية علينا عنترية زى المسئولين عن السياسة النقدية.. وكفاية علينا اختيارات ضعيفة لمناصب الوزراء أو مساعديهم.. والدائرة المغلقة للاختيار.. لا مانع من اختيار اهل الثقة ولكن يجب ان يكونوا أكفاء ولديهم القدرة على الإنجاز.. فخلال الفترة الاخيرة جاء الاختيار الاخير ليكون نقمة لا نعمة على اداء الحكومة بوزراء لا يصلحون لمنصب مدير مكتب وزير حتى.. مصر بها العديد من الاكفاء والشباب.. بل إن الجهاز الحكومى وصل لدرجة أن به عددا من الموظفين أفضل من الوزراء وؤساء الهيئات الذين تم اختيارهم خلال الفترة الأخيرة.. ما هذا العك؟ ارحمونا يرحمكم الله..
ياريت يبقى عندنا فكر قياس معايير الاداء بناء على اهداف.. ويتم اختيار فريق العمل المتناغم واختيار طريق اللعب الى تلائم الإمكانات واختيار المساعدين والنواب بكفاءة لأنهم المساعدون الرئيسيون للوزراء فى اداء المهام..
إن مصر غنية بمواردها وناسها.. ولكن ينقصها الادارة الجيدة الحكيمة وتحديد الأولويات والاهداف وحوكمة الاداء وشفافية الحساب والتقييم.. الى جانب حسن ادارة جيش الموظفين وتوجيههم نحو تحقيق الهدف وتجنيب المعوقين منهم.. وتطعيمهم بالبعض لا الكثير.. مش عارف ليه بنصعبها على نفسنا.. لا بد من تغيير الفكر واسلوب الادارة وخلق البيئة الملائمة للاتيان بعناصر ذات كفاءة سواء من خارج الجهاز الادارى أو باختيار افضل العناصر من داخله أو بخلق التوليفة الجيدة من هذا وذاك.. بشرط وجود رؤية وأهداف يسعى الجميع لتحقيقها لا ان يكون الهدف رضاء الرئيس فقط أو من هم حوله من اصحاب لتاثير أو النفوذ..
يا ايها الوزراء انتم الفريق المعين للدولة والرئيس فكونوا خير سفراء ومستشارين لمناصبكم لتعلو بمستوى الدولة ومواطنيها.. قالوا نعم اذا ينفع ولا لو ماينفعش ولو ينفع ينفع ازاى ولو ما ينفعش ما ينفعش ليه.. كل شيء مسبب.. اتركوا لنفسكم فسحة للتفكير السريع والرد السليم المنظم.. اعيدو للمنصب هيبته وأهميته ونزاهته وجاذبيته..
كذلك اتاحة المجال اكبر للقطاع الخاص فى مناخ يسوده المساواة والمنافسة على الجميع سواء حكومة مؤسسات اقتصادية عسكرية أو قطاع خاص.. مع تشديد وتفعيل الدور الرقابى للدولة..
وللحديث بقية فى الحلقات القادمة عن تجربة البرازيل وهى آخر دولة سنتعرض لها فى سلسلة التجارب الدولية فى تحقيق التنمية المستدامة..
وما نبغى إلا إصلاحا..